سلوى محمد (القاهرة)
القعقاع بن عمرو التميمي، شاعر وفارس، لم يُعرف له شعر قبل إسلامه، شهد الفتوحات الإسلامية، وظهرت حنكته العسكرية وشجاعته في ميادين الجهاد، وذكاؤه الشديد وشخصيته القيادية القوية، له مواقف ثابتة، لم يكتفِ بقوة الإيمان دون الأخذ بالأسباب عند الاستعداد للحرب، فكان يهتم بالجوانب الروحية والمادية، وعندما سأله الرسول صلى الله عليه وسلم ما أعددت للجهاد؟ قال: طاعة الله ورسوله والخيل فرد الرسول: «تلك الغاية».
استشهد عدد كبير من أفراد جيش خالد بن الوليد في حرب الردة، فحين طلب خالد من الخليفة أبي بكر الصديق أن يمده بجنود لمواجهة جيوش الفرس بقيادة هرمز بالعراق، أمده أبي بكر بالفارس القعقاع بن عمرو، فتعجب خالد، وقال لأبي بكر أتمد رجلاً انفض عنه جنوده برجل؟ فأجابه أبو بكر: ?»?لا يُهزم جيش فيهم مثل هذا.. ولصوت القعقاع بن عمرو في الجيش خير من ألف رجل»، دارت المعركة ووصل القعقاع في اليوم الثاني، وكان من أفضل المقاتلين وأشدهم ضراوة، وطلب المبارزة 30 مرةً في هذا اليوم، فقتل وحده ثلاثين منهم، كانت عادة جيوش الكفار، أن قائدهم إذا قُتل انتهت المعركة لصالحهم، فأراد هرمز أن يقتل قائد الجيش ليفر الجيش الإسلامي بعدها، فدعا خالد إلى المبارزة، فمشى إليه وسيطر عليه، فهجم جند فارس لقتل خالد وتخليص هرمز منه، ولم يمهلهم القعقاع فصاح بالتكبير، وكان صوته كالبوق وأسرع يدافع وصال وجال في رقابهم، والمسلمون خلفه حتى قُتل هرمز وانهزم جيشه، ثم استدعاه خالد ليقود هجوم المسلمين على الروم في اليرموك وحقق نصراً كبيراً، وعندما سأل عمر بن الخطاب أي فارس أيام القادسية كان أفرس؟ وأي رجل كان أرجل؟ وأي راكب كان أثبت؟ أجابه سعد بن أبي وقاص أنه لم ير مثل القعقاع بن عمرو.
لم يترك القعقاع معركة اشترك فيها إلا وصورها بشعره ووصفه الدقيق لمجرياتها، وإشادته ببطولات المسلمين فيها، من أكثر شعراء الفتوحات شعراً، وقال عن موقعة اليرموك:
ألَمْ تَرَنَا على اليرموك فُزنا
كما فُزنا بأيام العراق
فتحنا قبلها بُصرى وكانتْ
محرّمة الجناب لدَى البُعاق
وعذراءُ المدائن قد فتحنا
ومَرْجَ الصُّفَّرين على العِتَاقِ
فضضنا جمعَهم لمّا استحالوا
على الواقوص بالبتر الرّقاقِ
قتلنا الروم حتى ما تُساوي
على اليرموك ثفْروق الوِراقِ
وقوله في إحدى معاركه في الشام:
أَلَم تَسمَع بِمَعرَكَةِ الهُبودِ
غَداةَ الرومُ حافِلَةُ الجُنودِ
غَداةَ الرومُ صَرعى فِي يَبابٍ
تنهنها القَبائِلُ مِن ثَمودِ
عدد اليوم
