السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحالف مدني لدعم الحقوق الفلسطينية

15 يونيو 2017 00:44
بعد أن سجّل الإسرائيليون والفلسطينيون إخفاقاً كبيراً في التوصل إلى أرضية مشتركة لإنهاء 50 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي، بدأ الحديث الآن عن ظهور تحالف يضم فلسطينيين وإسرائيليين وأميركيين ينتظر الكثيرون منه أن يؤسس لأمل جديد لحل المشكلة. ومن المعروف أن منظمات السلام الإسرائيلية لا زالت منكفئة على نفسها ضمن مناطقها الآمنة. وأما نشطاء السلام، فلقد قدموا جهوداً متواضعة وخجولة للتعبير عن معارضتهم لمواصلة حكومتهم احتلالها لأراضي الفلسطينيين ونظموا بعض حملات الاحتجاج الضيّقة في تل أبيب. ونادراً ما كانوا يخترقون الخط الأخضر في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين بحيث يترجمون مواقفهم إلى حملات تضامن متواصلة مع الفلسطينيين. وحتى دعاة السلام الإسرائيليين الملتزمين، الذين يبادرون إلى عبور الأراضي الفلسطينية المحتلة لمدة ساعة أو ساعتين للاحتجاج على مواصلة حكومتهم احتلالها أو لعقد لقاءات مع أصحابها الشرعيين، سرعان ما كانوا يعودون إلى أحيائهم أو بيوتهم في اليوم ذاته. وبدلاً من أن تؤدي هذه التظاهرات الاحتجاجية إلى إحداث تغيير ما على الأرض، فلقد كانت تشجّع سلطات الاحتلال على القمع وتسمح لإسرائيل بتوليد الانطباع في الرأي العام العالمي بأنها دولة تعددية تقبل بتعدد الآراء والمواقف السياسية. وأما التغير الذي حدث في هذا الشأن مؤخراً فيتعلق بثورة المعلومات وبقية العوامل ذات التأثير على حركات السلام في إسرائيل والعالم، وهي التي هيّأت لكل الناس فرصة الوقوف على الحقائق المجرّدة حول طبيعة الاحتلال الإسرائيلي وجعلت التواصل مع الفلسطينيين أكثر تأثيراً وفاعلية. وبات من المعلوم الآن أن تنظيم المسيرات وتوقيع العرائض الاحتجاجية لم يعد كافياً لإنهاء الاحتلال. وظهر مؤخراً تحالف جديد أكثر التزاماً بحل القضية من المنتظر أن يكون له تأثيره وتداعياته، وهو يتألف من مجموعة من الفلسطينيين الملتزمين بنبذ العنف وإسرائيليين وبعض يهود الشتات «الديسابورا» الذين تجمعهم رغبة مشتركة بترجمة دعمهم لحقوق الفلسطينيين إلى عمل مباشر ومفيد. ولقد حققت بعض الجماعات اليهودية الأميركية التي تنشط الآن في هذا الاتجاه، تغيراً كبيراً في طريقة عرض أجنداتها التي تدعو إلى تحقيق السلام. وبدأت بعض مجموعات يهود الشتات بالظهور وهي تتبنى مشروعاً مبنياً على العمل المباشر لتحقيق نفس الغرض. وهذا التغير الذي حدث على المستويين العمودي والأفقي في نشاطات المجموعات اليهودية وبقية النشطاء للعمل من أجل السلام، أصبح يشكل عامل تهديد للواقع القائم في مجتمعاتهم، ولعل الأهم من ذلك هو أنه يمثل عامل تهديد للوضع الراهن في المناطق المحتلة. وربما تتجسد المؤشرات الأكثر وضوحاً لهذه الظاهرة الجديدة في جهود تأسيس نوع من التضامن المحدود الذي تبلور مؤخراً في صورة تحالف حقيقي أكثر فاعلية. وفي 18 مايو الماضي، بادر تحالف يتألف من 300 من الإسرائيليين والفلسطينيين ويهود الشتات إلى تشكيل خمس مجموعات عمل متضامنة لدعم القرى الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وكان النموذج الذي اختاروه لحملتهم قد اقتبسوه من إضراب «الصخرة الثابتة» Standing Rock في مخيم احتجاجي تم إنشاؤه في ولاية «نورث داكوتا» الأميركية لتعطيل أنبوب تدفق البترول قريباً من «المحميّة الهندية». واتخذ هذا التحالف الجديد قراره بإنشاء مخيم مشابه من أجل دعم سكان القرى الفلسطينية المهددين بإخلاء بيوتهم في قرية «سارورا» التي تقع جنوب الخليل. وكانت القرية والمناطق المتاخمة لها هدفاً لحملة شنّها مستوطنون إسرائيليون مؤخراً بدعم من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين بادروا إلى استخدام الأراضي الجرداء لغايات استيطانية وعسكرية. ولم يسبق للإسرائيليين ويهود الشتات أن بادروا بالفعل لتنظيم حملات احتجاج طويلة الأمد في الأراضي المحتلة تضامناً مع الفلسطينيين. وهناك أمثلة يتذكرها التاريخ ولا ينساها عن جماعات البيض التي كانت تقطع المسافات من أقصى شمال الولايات المتحدة إلى أقصى جنوبها لدعم الجماعات والحركات التي تطالب بحقوق الإنسان، ولقد سُجّلت مواقف مشابهة أيام دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا. وتنطوي هذه النشاطات المباشرة لمعارضة الاحتلال والظلم على نوع جديد من العمل الفعال يمارس خلاله المحتجون مسيرتهم من دون الاكتفاء بالكلام. ولقد قرر المشاركون في هذه الحملة المثابرة من أجل تحقيق الأهداف التي رسموها لأنفسهم من دون أن يتراجعوا حتى لو استهدفتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي جسدياً. وخلال الأيام الاثني عشر الأولى لنشاطهم، عمد الجنود الإسرائيليون إلى غزو «مخيّم صمود للحرية» وأزالوا الخيام التي نصبها المحتجون وصادروا الأدوات التي كانت بحوزتهم. ولم يتم اعتقال أي متظاهر من طرف القوات الإسرائيلية لأن المتظاهرين أظهروا الجوانب السلمية لاحتجاجاتهم، ولا شك في أن وجود اليهود في أوساط المتظاهرين كان سبباً في هذا التصدي غير العنيف لهم من طرف الجيش الإسرائيلي. وعقب كل حملة يقوم بها الجيش الإسرائيلي لإزالة المخيمات، كان المحتجون يسارعون لإعادة بناء خيامهم من جديد في إطار عمل تطوعي مشترك ساعد على عودة المزارعين الفلسطينيين إلى بيوتهم التي كانوا يُجبرون على مغادرتها. ولقد لقي ثباتهم وإصرارهم على البقاء دعماً محلياً قوياً. وعندما لاحظ الفلسطينيون الذين يسكنون المناطق المجاورة ثبات «مخيم صمود الحرية»، بدؤوا بتنظيم الزيارات اليومية له، وكان الكثيرون منهم يجلبون معهم المواد الغذائية للمحتجين قبل أوقات الإفطار في رمضان وفقاً لهذا الأسلوب الجديد في النضال المشترك. وتنطلق الآن مبادرات شبيهة بما يحدث في «مخيم الصمود» في المناطق الفلسطينية. وعندما سمعت الجماعات اليهودية الأميركية والأحزاب المؤيدة للسلام الأميركية أن شركة الدفع النقدي للأموال «باي بال» توقفت عن تقديم خدماتها في الأراضي الفلسطينية وخصّت الإسرائيليين والمستوطنين دون غيرهم بالاستفادة من خدماتها، بادرت إلى تنظيم مظاهرة احتجاجية أمام المقر الرئيس للشركة في مدينة «سان خوزيه» بوادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا يوم 16 مايو الماضي. وقدموا لمسؤولي البنك عريضة احتجاج موقعة من 180 ألف مشارك من دول العالم المختلفة. وعلى الرغم من أن مثل هذه المبادرات تبدو محدودة وصغيرة الحجم فإنها تنطوي على أكثر الطرق والأساليب تأثيراً بالنسبة للفلسطينيين من أجل استعادة حقوقهم المسلوبة. *صحفي فلسطيني وأستاذ سابق لعلم الصحافة في جامعة برنستون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©