الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العنف السياسي في كينيا

7 نوفمبر 2009 21:59
مايك فلانزا نيروبي-كينيا وعد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أوكامبو، أثناء زيارته كينيا الأسبوع الماضي، بتقديم طلب للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق جنائي في جرائم العنف السياسي التي شهدتها كينيا إثر الإعلان عن نتائج انتخابات 2007، حيث لقي نحو 1500 شخص مصرعهم. وصادف ذلك الوعد اعتقاد كثير من الكينيين بأنه حان الوقت لوضع حد للحصانة القانونية التي يتمتع بها ساسة بلادهم. وكان الأسبوع الماضي مترعاً بالأمطار الغزيرة التي وضعت حداً لشهور عديدة من القلق والجفاف. كما شهد اكتمال وضع مسودة لدستور وطني جديد. غير أن أكثر ما شغل الشارع الكيني هو وصول أوكامبو إلى نيروبي، وكثافة التغطية الإخبارية لهذه الزيارة في الصحف ومحطات التلفزة والإذاعة المحلية. فإثر لقائه يوم الخميس الماضي بكل من الرئيس كيباكي ورئيس الوزراء أودينجا، قال أوكامبو إنه بصدد تقديم طلب رسمي لقضاة المحكمة الجنائية الدولية بفتح ملف تحقيقات حول "جرائم ضد الإنسانية" شهدتها كينيا عقب الإعلان عن نتائج انتخابات عام 2007 المزورة. ويُذكر أن الاقتراح الذي ورد على لسان أوكامبو ظلت تتردد فكرته على ألسنة كثير من الكينيين الذين تمزقت بلادهم جراء العنف السياسي، وانقلبت فيه القبائل على بعضها البعض، ما أسفر عن مصرع 1500 شخص. والملفت في هذا الوعد المقدم من أوكامبو، أنه سيجعل من كينيا مثالاً للدولة التي ترفع فيها الحصانة القانونية عن ساستها، متى ما ثبت أن لبعضهم علاقة بجرائم العنف التي أعقبت الإعلان عن نتائج تلك الانتخابات. ومن بين المواطنين العاديين الذين رحبوا بالاقتراح، "إيستر أونيانجو" التي قالت، وهي تقف في صف طويل لسداد فاتورة الكهرباء في حي كوانجوير الفقير في غربي العاصمة نيروبي: "لاهاي هي أملنا الأخير"، بينما هز بقية الواقفين رؤوسهم موافقين على ما قالته. تابعت "أونيانجو" حديثها: "كان هذا المكان يحترق بسبب العنف قبل عامين. وكنا قد وعدنا بسجن كبار المسؤولين الذين أمروا بحملات العنف تلك. لكنهم لا يزالون يجلسون على كراسيهم الوثيرة في مكاتبهم الفاخرة الأنيقة، ويقودون سياراتهم الفارهة بينما نحن نعاني هنا". والوعود الذي أشارت إليه "أونيانجو" كانت جزءاً من ترتيبات اقتسام السلطة التي توسط فيها "عنان"، أمين عام الأمم المتحدة السابق، والتي أسفرت عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية. وكان جزءا من تلك الصفقة السياسية، أن ينشئ القادة الوطنيون آلية قانونية محلية (محكمة خاصة) وعدداً من المحاكم النافذة بغرض التحقيق في الفظائع التي أعقبت إعلان نتائج انتخابات 2007. لكن، وكما قالت "أونيانجو"، لم يحدث شيء من هذا البتة. "أرى أنه من الأفضل أن يذهب الذين تسببوا في هذه المشكلات إلى لاهاي"، هذا هو رأي "محمد ليريش"، وهو تاجر بضاحية "آرشر -بوست" التي تبعد 190 ميلاً شمالي نيروبي. ورغم موسم الجفاف الطويل الذي شهدته كينيا، وأنهته الأمطار الغزيرة مؤخراً، ترى عشرات الكينيين وهم يتزاحمون في المقاهي الصغيرة وقد تسمرت عيونهم في شاشة التلفزيون اهتماماً بزيارة أوكامبو لبلادهم. ويستطرد "ليريش" قائلا إن من أهم ما يجب فهمه عن كينيا منذ قديم الزمان، هو "عدم مساءلة القادة عما يفعلونه ويأخذونه من خيرات البلاد، إذ لا يجرؤ أحد من عامة الشعب أن يعترضهم أو يسألهم". وتعد هذه الحقيقة جانباً أصيلاً من زيارة أوكامبو التي هدفت إلى وضع حد للحصانة القانونية التي يتمتع بها الساسة الكينيون، مع العلم أن هذه الحصانة دفعت أحد رسامي الكاريكاتير إلى وضع اسم "حكومة الحصانة الوطنية" في أحد كاريكاتيراته الساخرة مؤخراً، محل "حكومة الوحدة الوطنية". هذا ما أكده طالب العلوم السياسية في جامعة نيروبي، "فيستوس موشيني"، بقوله: "حدثت فضائح كثيرة جداً في ماضي بلادنا، وكلما حدثت فضيحة تنشأ المفوضيات وهيئات التحقيق وتبدأ التحقيقات بالفعل، لكن ما من أحد يحاكم أو يعاقب على ما ارتكب من جرائم في نهاية الأمر. وهذا ما سيحدث فيما لو ترك التحقيق في أحداث انتخابات 2007 لقادتنا وقضاتنا المحليين. ففي أحسن الأحوال، سوف يبحث كبار المسؤولين عن كبش فداء يذبحونه حماية لأنفسهم من العقاب. وهذا ما لن نسمح به هذه المرة". ويُلاحَظ اتفاق كثير من الكينيين على أهمية زيارة أوكامبو، لكونها تسجل سابقة لنزع الحصانة القانونية عن الساسة والقادة الوطنيين في حال تورطهم في ارتكاب جرائم بحق شعوبهم. غير أن بعض مؤيدي كبار المسؤولين أعربوا عن استعدادهم للقتال منعاً لاستدعاء أولئك المسؤولين إلى محكمة لاهاي. من هؤلاء قال "فينسنت كيبت"، وهو سائق تاكسي في ضاحية "ريفت فالي" التي شهدت أبشع فظائع انتخابات عام 2007، إن "من واجبنا ألا نسمح لقضاة المحكمة الجنائية الدولية بالمساس بقادتنا. وفيما لو فعلوا، فسنحمل السلاح هذه المرة. وسوف تكون حرباً مسلحة حقيقية، ونحن مستعدون لها". وهذا ما يثير خوف "كيبكيموا"، وهو فلاح من منطقة "إيتن". فهو يتمنى ألا يؤدي ملف التحقيق مع كبار المسؤولين، سواء تم محلياً أم عبر المحكمة الجنائية الدولية، إلى تمزيق البلاد وإثارة موجة جديدة من العنف القبلي فيها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©