الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أضواء على الزواج في الإسلام

أضواء على الزواج في الإسلام
17 يونيو 2010 21:11
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(سورة الروم ، الآية 21). الزواج سنَّة من السّنن، ونعمة من النِّعم، لذلك رغّب فيه النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: {يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء}( أخرجه البخاري). ومن المعلوم أن الزواج نعمة من النِّعم التي أنعم الله بها على الجنس البشري، لكي يعمر الكون وتزداد الروابط بين الناس عن طريق النسب والمصاهرة ، لذلك رغبنا الله تعالى في ذلك الأمر، كما رغَّب فيه رسوله- صلى الله عليه وسلم-. لقد شرَّع الإسلام الزواج سبيلاً لبناء الأسرة وحفظ النوع الإنساني، وما شرّعه الإسلام من آداب وأحكام لبناء الأسرة هو السبيل الأقوم لسعادة الفرد وسلامة المجتمع، وعلى المرء المسلم أن يحرص على الزواج متى تيسرت له أسبابه، فأحكام الأسرة في الإسلام تلبي الفطرة الإنسانية السويّة، وتحفظ بناء الأسرة، وتعمل على تماسكها، ومقصد الإسلام وغايته من الزواج سكون النفس وراحة البال، والتعاون على متاعب الحياة تعاوناً قوامه المودة والرحمة، والقيام على تربية الذريَّة التربية الصالحة، التي تكون بها قرة أعين ، فقد أثنى الله تعالى على نفر من عباده: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}(سورة الفرقان، الآية 74)، ذلك مقصد الإسلام من الزواج، وأوثق الأسباب التي تحكم هذا الرباط، وتديم المودة، وتحسن العشرة، حسن اختيار الزوجين أحدهما للآخر قبل الإقدام على الزواج، والرسول صلى الله عليه وسلم هو المثل الأعلى لكل مسلم في بناء أسرة سعيدة متماسكة. الزوج الصالح من هو الزوج الصالح؟ هل هو الزوج الثريُّ أو صاحب الموقع أو صاحب الجاه؟ قد يكون الرجل الصالح صاحب جاه أو صاحب موقع أو صاحب مال، لكن الأساس في ذلك هي التقوى التي قال الله فيها: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (سورة الحجرات ، الآية 13). لقد بيّن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- صفات الرجل الصالح {إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} (أخرجه ابن ماجه)، إذاً الرجل الصالح هو الأساس لأنّه هو الذي سيحمي الأرض، ويربي الأبناء، ويكون أميناً على كل شيء، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقد جاء رجل للإمام علي- رضي الله عنه - فقال: يا إمام خطب ابنتي جماعة فممن أزوجها؟ أنا في حيرة، أزوّجها لحسن، أم لعلي، أم لزيد؟ فقال الإمام علي- رضي الله عنه- زوّجها للتقيّ، فقال: وبماذا يتميز التقيّ؟ قال له الإمام: إنه إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يظلمها. تلك هي الأسس السليمة التي بنى الإسلام عليها هذه القاعدة العظيمة في اختيار الزوج، {إن أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه}. الزوجة الصالحة يقول عليه الصلاة والسلام: {ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً من زوجة صالحة، إذا نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله}(أخرجه ابن ماجه)، تلك هي الزوجة الصالحة. يعود الرجل من عمله متعباً، فتلقاه زوجه بابتسامة تزيل عنه همومه وأحزانه وأتعابه، فهي زوجة مطيعة، إن أمرتها أطاعتك في جميع الأحوال ،لكن في غير معصية الله، وقد تخرج منك كلمة، ومع ذلك فهي تعمل على تنفيذ كلامك ولا تخالف أمرك، وبعد ذلك تعود هذه الزوجة الصالحة إلى زوجها بحكمتها وعقلها لتراجعه وتناقشه فيما قال . لقد ذكرت كتب التاريخ أن رجلاً كان يكنى “بأبي حمزة” وكان متزوجاً من اثنتين، الأولى تنجب البنات والثانية تنجب البنين، هجر أبو حمزة أم البنات وأخذ يتقرب من أم البنين، لكن أم البنات امرأة عاقلة لها عقل صائب ونظر ثاقب، فذات يوم حملت وقالت: لعل الله يرزقني بغلام، فأكرمها الله بأنثى، فازداد أبو حمزة هجراً لها، لكنّها امرأة عاقلة، أخذت طفلتها الصغيرة في حضنها وراحت تغني لها، وما أجمل الكلام العذب عندما يفيض حناناً ورحمة! ويفيض شفقة من الأمِّ ومن قلبها الحنون وصدرها الرؤوف الرحيم على فلذة كبدها!كانت تقول: ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا غضبان ألا نلد البنينا والله ما ذلك في أيدينا فنحن كالأرض لزارعينا ننبت ما قد زرعوه فينا وإنما نأخذ ما أعطينا . أبو حمزة سمع هذا القول، فقال: نعم إنّه الله الذي يهب لمن يشاء الإناث، ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً، ويجعل من يشاء عقيماً، فعاد إلى رشده، وعدل بين زوجاته. من آداب الزواج ومن السنّة في الإسلام إشهار الزواج، ولكن ما نراه من ابتهاجات زائفة كأن يشترط أهل الزوجة على الزوج المسكين الضعيف أن يحضر عدداً معيناً من السيارات، وأن يكون الزواج في صالة كذا أو في أشهر الفنادق وهذا يحتاج إلى تكاليف باهظة ، أو أن يحضر فرقة موسيقية بتكلفة قدرها كذا، فلماذا تثقل أيها الأب الكريم كاهل صهرك بكل هذا؟! وغدا يشتاط غضباً ويبدأ بالتنكيد على فلذة كبدك، فعليك أن ترحمه حتى يرحم غيره، لأن الزواج يؤسس على الشرف وعلى التّقى وعلى الصلاح، لا على المظاهر الزائفة الكاذبة. ومن المظاهر السيئة في الأفراح ما نشاهده من إطلاق للرصاص في بعض الدول ، فكم قاسينا وتحدثنا وتحدث الكثير غيرنا عن ذلك، والكل يحذر من تلك العادة القبيحة التي أودت بحياة الرجال والنساء والأطفال، بل أودت بحياة العروسين، أو ألحقت بهما الأضرار، وكذلك ما نراه من ألعاب نارية قد تحرق بعض أصابع اليد، وتشوش على الناس وتقلق المرضى، ومنهم من يأتي بمكبرات الصوت، حتى ساعات الفجر وهو يغني ويزمجر ويقلق راحة الآخرين. الإسلام يشجع على الأفراح، وشعوبنا العربية والإسلامية أحوج الشعوب إلى الفرح والسرور لكن من المعلوم أن حريتي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. إن إتباع الهدى النبوي يقودنا إلى إنجاب الأبناء الصالحين كما قال- عليه الصلاة والسلام-: {إذا أتى أحدكم أهله فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان? ما رزقتنا، فإن قدّر بينهم ولد لم يضره الشيطان أبداً} (أخرجه البخاري)، فعلينا أن نبدأ حياتنا بالصلاح والتقوى? والتقرب إلى الله حتى يرزقنا الله أبناء صالحين طيبين: {فبروا آباءكم يبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم}. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©