الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برك الكثيري: ورثت «عواضة» عن أبي ورفضت بيع «طيبة» حتى لا تحزن أمها!

برك الكثيري: ورثت «عواضة» عن أبي ورفضت بيع «طيبة» حتى لا تحزن أمها!
7 نوفمبر 2009 22:25
يمضي معظم أوقاته مع البوش والهوش ملبياً احتياجاتها من المأكل والمشرب ساهراً على راحتها وسلامة صحتها، فقد باتت شغله الشاغل بعد تقاعده من عمله. فقد كان برك بن سالم الكثيري يعمل في القوات المسلحة، وخدم وطنه بحب والتزام. بينما ينصرف كل يوم -بحسب قوله- «من أقوم إلين موعد الرقاد وانا أهتم بالإبل». ورث الكثيري أسوة بغالبية مواطني الدولة مهنة آبائه وأجداده حيث تناقلوا منذ القدم الإبل واعتمدوا عليها، فتربى بدوره منذ الصغر على كيفية الاعتناء بها، وارتوى من لبنها وتغذى على لحمها، يقول: «بداية أصف أهميتها ومنزلتها في قلبي بمثلٍ شهير لدى أهل البادية «الإبل سفن البر، جلودها جرب ولحومها نشب وأثمانها ذهب» وهذا ما تعنيه لي ولكل بدوي تربى في الصحراء، ومهما ابتعد عنها بسبب المدنية والحياة العصرية فلابد أن يأتي يوم ويحن لها ولماضيه الأصيل ويعود إلى العناية بها». قبل التقاعد يشير الكثيري عن عمله وحياته اليومية قبل أن يقرر التقاعد، يقول: «كان شرف لي أن عملت في القوت المسلحة، وخدمت بلدي برتبة وكيل في كلية خليفة بن زايد العسكرية، وكنت أحرص على تأدية مهامي المهنية بالتزام مطلق، كما حرصت في المقابل على تأدية مهامي المدنية اتجاه وطني المعطاء كفرد عليه واجبات مثلما له حقوق، فعلمت أبنائي وحققت لهم الاستقرار الأسري والاجتماعي، فلطالما كنت أحرص كل الحرص على وجودي اليومي في المنزل بالقرب من أبنائي الثمانية أطلع على أمورهم وأحل مشاكلهم وأشرف بالتعاون مع والدتهم على تربيتهم التربية الصالحة». على الرغم من مهام الكثيري -آنذاك- وأشغاله اليومية إلا أنه كان يفرد لهوايته المفضلة متسعاً من الوقت يومياً بعد انقضاء عمله الرسمي يمارسها إما وحده أو برفقة أصدقائه، يقول في ذلك: «يومياً كنت أذهب إلى العزبة مع أصدقائي أو أبناء عمومتي الذين يشاركوني حبي وشغفي بتربية البوش والعناية بها، فنقضي وقتاً في العناية بالإبل وحلبها وتبادل الأحاديث حولها، فهي -كما وسبق وذكرت- مهنة عائلية توارثناها وحرصنا جميعنا على أن نستمر على نهج آبائنا وأجدادنا ونحافظ على هذا الموروث الأصيل على الرغم من التطورات التي تحصل كل يوم في هذا الزمن والتي يسعى الصغار وراءها، فهي لا تمسنا نحن الكبار في شيء، فكل واحد منا له الحق في أن يعيش زمنه كيفما يشاء». بعد التقاعد لا يخفي الكثيري المشاعر المتناقضة والأحاسيس المحبطة التي عاشها في الشهور الأولى له بعد تقاعده من عمله، فيقول: «كنت متقبلاً لفكرة تقاعدي ومستعداً لها إلا أنني لم أكن أعلم ما الذي سيواجهني، أو بالأصح ما الذي قد أشعر به؟ فمثلاً كان موعد الذهاب إلى العمل يسبب لي الإحباط على الرغم من أن الكثيرين سيستغربون هذا فالكثير ممن أعرفهم يحلمون بوقت إضافي للغفوة صباحاً، ولكن عجزت عن مواصلة النوم، ربما لأني من الأشخاص الذين يصحون باكراً لحرصي أيضا على النوم باكراً، إلا أن هذا لم يبرر شعوري بالضيق عند اضطراري للجلوس في المنزل بجوار زوجتي التي كانت تشغل وقتها بالاهتمام بأمور بيتها في حين لم يكن لي دور يذكر، فأجد نفسي جالساً أمام شاشة التلفزيون إلى أن يأتي الأولاد من المدرسة». طوق النجاة امتلأت أيام الكثيري بأوقات الفراغ التي قادته مراراً وتكراراً إلى عزبته، فكانت بمثابة طوق النجاة له من أيام قضاها بلا عمل، فأشغل نفسه بالاهتمام بناقته، فالوقت الذي يقضيه مع النوق أشغل تفكيره بأمور إيجابية وجدد إحساسه بالحياة التي تأكد أنها لم تتوقف بانتهاء عمله وتقاعده، بل بدأت في العزبة حيث نشاطه ومهامه اليومية، فضلاً عن استعادة ذكريات الطفولة خلال وجوده بها، والعودة بالزمن إلى الوراء إلى الماضي الجميل إلى حيث كان يأمره والده «بتسريح النوق» لترعى بقيادته فيشعر بمدى ثقة والده به حين يوكله بهذه المهمة الممتعة. عن ذكرياته الجميلة التي لاتزال حية عن والده المتوفى يقول الكثيري: «عواضة هي إحدى النوق العزيزة على قلبي والتي ورثتها عن والدي رحمه الله، وأسعدت قلبي كثيراً حين وضعت بكرتها «طيبة» التي عرض علي بيعها بمبلغ كبير ولكني رفضت لمكانة والدتها عندي، واقتناعي بأنها ستحزن على فراق ابنتها، فالجمال مثلما علمني والدي هي كائنات رقيقة وحساسة تستطيع أن تعبر عن سعادتها وحزنها». يضيف: «أحرص دائما أن أعلم أبنائي كل ما يخص «البوش والهوش» فهكذا كان يعيش أجدادهم، ومن واجبي أن أربطهم بماضيهم وأعيد إحيائه لهم فهذا تراثهم، وبدورهم من واجبهم الحفاظ عليه». إضاءات - البدوي وعلى خلاف ما قد يعتقد البعض هو إنسان محب للحيوانات والدليل على هذا علاقة الصداقة التي تربطه بالجمال، تلك الكائنات اللطيفة والحساسة التي تكن لصاحبها الود والإخلاص، فالعديد من أهل البادية أكدوا أنهم تواصلوا مع الجمال، وأنها استطاعت التعبير عن نفسها ومشاعرها لهم، لذلك لا مجال لاستنكار حنين البعض لهذا الحيوان على الرغم من التطور الذي نشهده، وتذمر البعض بأن تربية الجمال هي من التقاليد القديمة التي لا تتماشى وأسلوب الحياة العصري. - لا يمكن أن نغفل أهمية الجمال في حياة البدوي فهي مصدر غذائه الأهم، فهو يتغذى من لحمها ويرتوي من حليبها الذي يحوي الكثير من احتياجات الإنسان البدوي اليومية، فهو غذاؤه الكامل والمتكامل، كونه غني بالماء والبروتينات والدهون والفيتامينات وكل ما قد يحتاجه. - أثبتت الدراسات «أن حليب النوق يتميز بميزة تجعله الأفضل من بين مصادر الحليب المختلفة فهو قابل لأن يتغير ويتأقلم مع حاجة الإنسان في كل من فصلي الصيف والشتاء، فتزداد كثافته في الشتاء وتقل في الصيف لتزداد نسبة الماء وتلبي حاجة البدوي منه بشكل مثالي». - الجمل هو الحيوان الوحيد الذي يركع لكي يسهل على الإنسان ركوبه وتحميله على خلاف الدواب الأخرى التي تستخدم لهذا الغرض مثل: الأحصنة والحمير. وهناك المزيد من المزايا التي خصها الخالق في هذا الحيوان والتي تتطلب منا أن نمعن التفكير فيها لقوله تعالى «آفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت»- سورة الغاشية
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©