الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أقدم “خبير مثمن” في مصر يحذر من اندثار صالات مزاد الأنتيكا ويخشى سيطرة “الغشاشين” عليها

أقدم “خبير مثمن” في مصر يحذر من اندثار صالات مزاد الأنتيكا ويخشى سيطرة “الغشاشين” عليها
7 نوفمبر 2009 22:28
لحظة دخولك صالة المزادات ذات الاسم الفرعوني، تشعر بأنك انفصلت عن زحام القاهرة إلى عالم آخر يرتد بك إلى عصور ما قبل الثورة، حيث التحف و”التابلوهات” الفنية تتراص بعناية في كافة أرجاء الصالة التي تبلغ مساحتها 450 مترا مربعا، وعلى كل قطعة بيانات وتوصيف دقيق لقيمتها، وفي الصالة تنوع كبير في المعروضات من قطع الموبيليا التي يعود تاريخها إلى مئات السنين إلى قطع حديثة، وكذلك الأمر في السجاد والنجف و”التابلوهات” الفنية، والعين الخبيرة هي التي تلتقط قيمة المعروضات التي تجاوز أسعار بعضها آلاف الجنيهات حسب تاريخ القطعة المعروضة والمهارة فيها وفوائد استعمالها؛ ولهذا لا تندهش عندما تجد غرفة سفرة إيطالية الصنع من 5 قطع وعمرها مائتا عام ويصل سعرها إلى مائة ألف جنيه، وهي ملك إحدى أميرات الأسرة الملكية في مصر، وغرفة سفرة أخرى لا يتعدى سعرها ألفي جنيه. أهم شخص في مهنة المزادات هو الخبير المثمن، ويأتي بعده الدلال، والأول مهمته تحديد القيمة ماديا وفنيا وقيادة المزاد والدلال يقوم بتوصيف تلك المعروضات للزبائن وقت المزاد، والقانون الذي ينظم مهنة المزادات في مصر حدد مهمة الخبير والدلال بوضوح ولا يمنع من أن يجمع شخص واحد بين وظيفتي الخبير المثمن والدلال، بشرط حصول الخبير على شهادة جامعية، وهذا ما ينطبق على فؤاد صديق صاحب أقدم صالة مزادات، الذي يجمع بين الوظيفتين ولديه خبرة واسعة في عالم المزادات تمتد لأكثر من خمسين عاما، حيث ورث المهنة عن والده الذي تدرب على يد خبراء مثمنين أجانب كانوا يسيطرون على المهنة في مصر في الربع الأول من القرن العشرين، ثم أسس صالة أوزوريس وعمل معه ابنه الأكبر شكري الذي رحل مبكرا ليتولى المسؤولية ابنه الثاني فؤاد، والذي يحافظ على مهنة والده بإصرار ونجاح. أثر بعد عين يقول صديق إن عصر الاهتمام بـ”الأنتيكات” ولى بقيام ثورة يوليو وحركة التأميم ولم تنشط المهنة أو تشهد رواجا من وقتها، حيث أغلقت معظم الصالات التي كان يملكها أجانب لرحيلهم عن مصر. وقد بدأت مهنة المزادات على أيدي هؤلاء الأجانب ثم تمصرت عندما افتتح المصريون العاملون مع الأجانب صالات خاصة بهم مثل والده، ورغم استمرار المهنة على أيدي المصريين، فإنها لم تنشط مثلما كانت، وبعد أن كانت سوق المزادات تضم أكثر من ثلاثين صالة، أصبح العدد لا يزيد على أصابع اليدين بحكم اختفاء الزبائن المهمين وانحسار حجم وقيمة التحف و”الأنتيكات” المعروضة. ويؤكد صديق أن حال المهنة لا يسر، حيث أغلقت أكثر من صالة مزادات لرحيل أصحابها ودخلت السوق أطراف أخرى لا يهمها سوى المكسب المادي من دون الالتزام بقواعد المهنة التي تعتمد على العلم والأمانة والضمير والثقافة وكم من الصالات أغلقت بسبب عدم أمانة أصحابها بوصف أشياء غير صحيحة في القطع المعروضة أو مخالفة القانون ببيع معروضات ملك أصحاب الصالات لصالحهم، وهو يخالف القانون؛ لأن الخبير المثمن دوره مثل القاضي، عليه أن يحكم بالعدل ولا يلجأ للغش في عمله. ويقول إن المهنة تواجه خطر الاندثار لقلة عدد الصالات وعدم وجود أجيال جديدة تواصل مسيرة المهنة، ولا توجد الكوادر الشابة القادرة على ذلك، ما يستدعي إنشاء معهد متخصص للتحف مهمته تعليم الأجيال الشابة أصول المهنة مع التدريب العملي في صالات المزادات والاستفادة من خبرة الخبراء والدلالين القدامى في المهنة، وهو من جانبه يقوم بتدريب العاملين معه على أصول المهنة، ولكنه جهد فردي لا يكفي لاستمرار المهنة التي تحظى بالرعاية في كل دول العالم. ويوضح أن 85 بالمائة من معروضات الصالة عبارة عن تحف و”أنتيكات” تحظى بقيمة تاريخية وفنية و15 بالمائة معروضات حديثة، وتقدير قيمة التحف أو المعروضات يتوقف على تاريخ تصنيعها والخامة المصنوعة منها وفوائد استعمالها والمناسبة التي صنعت من أجلها والحرفية الموجودة بها، وهو دائم الاطلاع على الكتب والمراجع التي تزيد من ثقافته، فضلا عن قيامه بزيارات عديدة للزبائن لتقييم التحف والمعروضات التي يبغون بيعها في المزاد. مزادات شهرية يقول صديق: “أنا حريص على إقامة المزاد كل شهر وكل مزاد به من 700 إلى 900 قطعة تتفاوت قيمتها وعمرها، وزبائنه من كبار رجال الدولة والوزراء والسفراء والفنانين ورجال الأعمال، وهناك أيام محددة لمعاينة المعروضات تكون قبل المزاد بأيام، ووقت المزاد يأتي رواد الصالة للمنافسة حول المعروضات التي يرغبون فيها ويقوم هو بإدارة المزاد وإلقاء كلمته الشهيرة “آلا أونة، آلا دو، آلا تريه” ويقولها بالعربية بدلا من الإيطالية حبا في اللغة العربية، رغم إجادته للفرنسية والإيطالية والإنجليزية”. ويوضح أن المزاد يقام في أيام الجمع أو الأحاد؛ حتى يضمن أكبر عدد من الحضور، ويرتبط الإقبال بظروف البلد المختلفة، ففي الأعياد يكون الإقبال ضعيفا وفي فصلي الشتاء والربيع يكون الإقبال متميزا، وتغلق الصالة خلال أشهر الصيف؛ لأن معظم الزبائن يكونون خارج البلاد، وإذا رسا المزاد على شخص يدفع عربونا لقيمة القطعة التي اشتراها ويحصل الخبير المثمن على عمولة 5 بالمائة وتحصل وزارة التجارة على نفس النسبة كرسم ضريبة، مع العلم بأن هناك مراقبين من الوزارة يتابعون أعمال المزاد. ويشير صديق إلى أن أكثر الإقبال من جانب الزبائن ورواد الصالة يكون على التحف و”الأنتيكات” الفرنسية الصنع سواء في الموبيليا أو التحف، وتأتي بعدها التحف الإنجليزية ثم الإيطالية، وهناك إقبال على السجاجيد الإيرانية وكذلك النجف الإيطالي والفرنسي، وهذه التحف عمرها لا يقل عن مئة عام وتقدر بآلاف الجنيهات، والمنافسة الشريفة في المزاد هي التي تحسم الأمر بين المتنافسين، وهناك تحف و”أنتيكات” يتم وضعها في المزاد مرة ومرتين، وإذا لم تبع ترد لصاحبها، وهناك ممتلكات خاصة به يضعها في منزله ولا يفرط فيها أبدا، لأنها قطع جمالية لا تقدر بمال وقد اشتراها خلال عمله بالمهنة عبر السنوات الطوال
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©