السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مغريات الشركات أغرقت أصحابها في دوامة التقسيط رواتب تلتهمها القروض

مغريات الشركات أغرقت أصحابها في دوامة التقسيط رواتب تلتهمها القروض
8 نوفمبر 2009 23:25
شكراً لمن اخترع نظام الأقساط الشهرية، هذه حال البعض من الناس الذين حققوا حلمهم عن طريقها، فالبعض اشترى سيارة فخمة، وآخر تزوج وسدد المهر، وثالث حقق حلمه ببناء بيت العمر، لكن بمجرد اقتراب سداد الدفعة الأولى من موعد القسط الأول تنقلب حياة البعض رأساً على عقب، تبدأ الشكوى من الأقساط التي تلتهم نصف الراتب، وتُصب عليها اللعنات. هذه حال بعض الأسر التي كثيراً ما تسعى لتجديد القديم بالحديث، كالأثاث والسيارة والمنزل، وكل هذا يحتاج إلى مبالغ باهظة، قد يصل الأمر ببعضهم إلى الاقتراض من البنوك من أجل التفاخر والمباهاة، وتأتي الفرصة الملائمة من هؤلاء الناس من خلال التخفيضات، وعروض المناسبات والأعياد، من أجل ذلك يتفنن العديد من الشركات في تقديم التسهيلات لجذب الزبائن، فعن طريق هذه «الخدمة الفورية» تستطيع أن تعمر بيتك، وتشتري سيارة فاخرة للتباهي بها أمام الآخرين، وتنتقل مثل سبايدر مان من بلد إلى آخر، ولكن في نهاية المطاف يكون الزبون هو «الحلقة الأضعف»، فإن تأخر عن السداد يكون مصيره إما السجن، أو دفع كل المتأخرات عليه وهو مقهور. أقساط المهر حازم عبد الرؤوف أحد الشباب الذين تعاملوا مع الشراء بالتقسيط، يقول عن ذلك: «للضرورة أحكام، لم أكن أتمنى أن ألجأ إلى هذا الحل، لكن هذا المتاح أمامي، ويضيف: «لقد أنفقت كل ما لدي في تجهيز منزل الزوجية، وكنت أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن أنتظر حتى يصبح معي ثمن الشبكة، أو أن ألجأ للتقسيط، فاخترت الحل الثاني». ويعلق عبد الرؤوف على ظاهرة التقسيط: «هي تمثل ثقافة استهلاكية جديدة في المجتمع، يتبناها بعض الشباب الذي لا يملك دخلاً يكفي لمتطلباته الكمالية التي تزداد يوماً بعد يوم، فرغم عدم وجود إحصائيات دقيقة عن نسبة المتعاملين بالأقساط، إلا أنَّ الملاحظ ازدياد هذه النسبة من بداية ظهورها وانتشارها بين فئات المجتمع. ولم يختلف الحال مع يوسف أيمن، الذي شارك حازم نفس الاختيار، بعد أن كاد يقدم على الزواج دون أن يكون معه مال يكفي للشبكة والمهر، يقول عن معاناته مع الأقساط: «رفض أهلي الذهاب إلى بيت العروس دون أن يكون لدي المال، وذلك خوفا أن يعيروني بأنني لم أقدم شبكة فاخرة تليق بمكانة ابنتهم، فكان التقسيط هو الخيار الذي اقترحه أحد الأقارب، ووافق عليه الجميع وبنظري وُجد التقسيط، كي يريح المقبل على الزواج، ويخفف من أعبائه». أحلام العمر اختلفت دوافع اللجوء إلى هذا الحل عند أحمد إسماعيل عن سابقيه، فقد لجأ إلى الأقساط من أجل شراء سيارة العمر، يقول عن ذلك :»الراتب يكاد يكفيني حتى نهاية الشهر، ومع ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة لا أستطيع توفير المال، لذا لجأت إلى فرصة تريحني من وجع الرأس، وهي أخذ قرض من البنك مقابل دفع أقساط السيارة شهرياً». يسترسل أحمد مضيفاً: «الوضع الآن مريح، فمع إدخال نظام البيع بالتقسيط‏،‏ أصبح في إمكان معظم الطبقات شراء سيارات، خاصة في ظل وجود حوالي‏60‏ نوعاً من السيارات تناسب مختلف الفئات، وحتى من لديهم القدرة على شراء السيارة نقداً، وجدتهم يلجؤون إلى الشراء بالتقسيط، ولكل منهم مبرره‏،‏ فهناك من يري أنَّ المقدم الذي يدفعه هو سعر السيارة، وأنَّه يمكن من خلال الفوائد على الأموال التي يمتلكها بالبنوك أن يسدد الأقساط، ولا يشعر بالتالي بأعبائها». بدورها لجأت رنا أيمن إلى التقسيط لتحقيق حلم عمرها في شراء بيت العمر، حيث إنها تدفع أكثر من‏60‏ بالمائة من راتبها الشهري، ولمدة‏6‏ سنوات متتالية للإيفاء بأقساط الشهرية الواجبة للمنزل‏،‏ كما تشير إلى أنها تضطر أحياناً كثيرة لشراء الملابس الجاهزة ذات الماركات العالمية بالتقسيط‏.‏ تسترسل رنا مبررة ذلك بالقول: «‏عملي يتطلب مني الأناقة، فأنا سكرتيرة المدير، ويجب أن أظهر بشكل أنيق ومميز وجميل، وبرغم أن ما يتبقى من راتبي إلى جانب راتب زوجي لا يكاد يكفي احتياجاتنا اليومية، إلا أنني مضطرة إلى الاستمرار في دوامة التقسيط، لشراء ما أحتاج إليه من ملابس وإكسسوارات شخصية، وهي المعادلة الصعبة التي تواجه المرأة العاملة». نتائج كارثية تستهل جورجيت حافظ مقاربة الموضوع بالقول: «في بعض الأحيان يلجأ المتسوق إلى الاقتراض لسهولة الحصول على القرض أو الأقساط الميسرة لسد الاحتياجات اللازمة، فتقوم الكثير من الأسر بالحصول على الأثاث، أو شراء شقة وغيرها عن طريق الأقساط الشهرية التي تمدد لسنوات، ولكن النتائج قد تكون كارثية إذا تم التمادي في الأقساط، وتتفاقم المشكلة بعدم الأخذ بالاعتبار الظروف التي يعيشها الفرد، أو تعيشها العائلة، ومن هناك فإنَّه يجب الأخذ في الاعتبار الظروف الآتية والمستقبلية من كلا الطرفين». استغلال من قبل التاجر، واستغلال حاجته، هذا رأى مروان سليم، مدرس تربية رياضية، يقول: «بصراحة أنا لا أشجع مثل هذا النوع من الشراء، مهما كان نوع السلعة، لأنّ الرابح الأول والأخير من هذه الصيغة هو التاجر، فهو يتحكّم بشروط عملية البيع، ويستغلّ حاجة المستهلك الملحة، وهذا النوع من البيع فيه تحقيق أرباح خيالية لصاحب السلعة، الذي يتعامل بالتقسيط مع زبائنه، حيث يحمّل المواطن عبئاً يضاف إلى لائحة الأعباء الثقيلة، التي ترهق كاهل المستهلكين». «احصل على سيارة أحلامك»، بدون دفعة أولى وبدون كفيل وبدون شروط، وبدون تحويل راتب، وبالأقساط المريحة، مثل هذه الإعلانات أخذت تغزو وسائل الإعلام لتقدم الحلول للمواطنين، لكنها في حقيقة الأمر تغرقهم في مشاكل اجتماعية وقانونية كثيرة، على حد تعبير مهند الريامي. شركات التقسيط في أحد محال الأجهزة الكهربائية يعلق مدير مبيعات سامي عبد الجليل، ويقول: «أكثر الزبائن الذين يأتون من العملاء للمحال هم من الفئة التي تحرص على اقتناء كل جديد، والبعض الآخر من يقبل على شراء الأجهزة الكهربائية بالتقسيط بسعر الشراء الكاش، وبعض هذه الأجهزة لا تكون بفوائد تذكر والأخرى بفوائد». يضيف عبد الجليل، وهو يشير إلى بعض فواتير التقسيط موضحاً: «الكثير من الشركات تحرص على أن يكون التقسيط ميسراً، وعلى ثلاث سنوات. حتى تجذب أكبر عدد من الزبائن، ومع ارتفاع الأسعار التي طال معظم احتياجات الحياة ارتفعت أسعار بعض الأجهزة الكهربائية، مما جعل الأشخاص لا يقبلون على شرائها نقداً، ويفضلون التقسيط». ويشاركه عادل عمر مدير مبيعات في أحد معارض السيارات، قائلاً:‏ «فكرة التقسيط من الأفكار التي أسهمت في تنشيط عملية البيع منذ سنوات، وقبل اتباع نظام البيع بالتقسيط كانت عملية امتلاك سيارة أشبه بالحلم الذي يصعب تحقيقه، لعدم قدرة الأشخاص على شراء السيارات‏،‏ مما أصاب السوق بالركود، لكن مع الشراء بالتقسيط أصبح بإمكان الكثير من الزبائن شراء ما يحتاجونه وبالتقسيط المريح، فقط ما عليهم سوى تأمين الدفعة الأولى، ثم يكون الدفع مقسطاً على دفعات تمتد لسنوات، وبالنسبة لنا كبائعين فقد أسهم التقسيط في تنشيط المبيعات‏»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©