الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

“السنونو” بائع صحف فلسطيني لايزال ينادي على “القدس”

“السنونو” بائع صحف فلسطيني لايزال ينادي على “القدس”
8 نوفمبر 2009 23:27
من مدينة نابلس العريقة، ومن أحد مخيمات اللجوء فيها يخرج كل صباح عبدالفتاح أبو عيشة (أبو خليل) ليجوب الشوارع ويوزع الصحف، يفتقده الكبير والصغير، الشاب والعجوز، ولا يشترون الصحف إلا منه. ينادي أبو عيشة “القدس” فهي الجريدة التي يوزعها وهي أكبر وأقدم جريدة فلسطينية توزع في فلسطين، ويلقب أبو عيشة الذي يبلغ عمره 73 عاماً بالسنونو لضآلة بنيته، ولصوته المميز الذي يشبه صوت طائر السنونو، يصدح يومياً في شوارع نابلس العتيقة التي يحاصرها جنود الاحتلال على مرأى ومسمع منهم : “القدس ..القدس”، فتشعر كأنه لا ينادي على صحيفة ليوزعها، ولكنه ينادي على مدينة طال أسرها. تراجع المبيعات يمتاز صوت أبو عيشة بنغمة لداوية حيث مسقط رأسه مدينة اللد التي هاجر منها عام 1948، ينطلق يوميا من منزله في الحارة الشرقية لمخيم بلاطة أحد مخيمات مدينة نابلس، والتي أقيمت بعد النكبة إلى مكتب جريدة القدس بشارع فيصل في المدينة سيراً على قدميه، حيث يستلم نسخه من الصحيفة ليبدأ مشوار السير في شوارع المدينة التي اعتادت عليه واعتاد عليها على مدار خمسة عقود من الزمن منادياً بعناوين الصحيفة الرئيسة محاولاً جلب زبائن ومشترين للصحيفة، ورغم أنه لا يرى إلا أن من يسلمه النسخ من الصحيفة يخبره بالعناوين الهامة والرئيسية فيها. يجوب أبو عيشة في خان التجار “المعتم” في مدينة نابلس وهو أقدم أسواقها ينادي بأبرز العناوين فتسمع صدى الصوت لأن السوق يبدو مغلقاً بسبب تصميمه، فيما يتلقى دعابات من بعض أصحاب المحلات الذين يعرفونه معرفة جيدة نظراً لمروره يومياً أمامهم بشكله المعهود وصوته الندي الذي لا زال قوياً رغم الزمن. ورغم فقدانه البصر منذ أكثر من عقدين من الزمن إلا أنه استمر في بيع الصحف التي انتقلت أيضاً إلى أولاده وأحفاده وخاصة ابنه نصار، وحفيده أدهم ما جعلهم أسرة ملتصقة بالصحف ومشهورة بها، وتربى أولاده وأحفاده على حب القراءة والعلم. يقول أبو عيشة إن بيع الصحف تراجع في الوقت الحالي، لأسباب عديدة ما أثر سلباً على دخله الشهري، وذلك لأن أسرته بكاملها تعتاش على ما تحصل عليه من بيع الصحف وهي المهنة التي سيرثونها من بعده. علاقة مميزة أصبحت للسنونو علاقة مميزة بينه وبين زبائنه الذين يأخذون الصحيفة يومياً، بل إن للصحيفة نكهة خاصة حين يأخذونها من يده، كما يقول أحد التجار: “في فترة اجتياح إسرائيل لنابلس افتقدنا السنونو، فلم يكن يستطيع الوصول من المخيم للمدينة، وكأن المدينة فقدت أحد معالمها”. ولأبو عيشة مواقف كثيرة في حياته بعضها يحمل نكهة الحزن، وبعضها يحمل نكهة الفكاهة، حاله حال كل أصحاب المهن الذين يلتقون بأنماط شتى من الناس، فقد اضطر في بعض المواسم إلى النزول مبكراً لإنهاء بيع كمية الصحف التي استلمها ليتوجه لزيارة ابنه في السجن حيث أمضى أكثر من خمس سنوات، بعد خروج ابنه من السجن استشهد على أرض نابلس الطاهرة وهو يذود عنها في بداية انتفاضة الأقصى. ويستذكر أقدم بائع الصحف في فلسطين مواقع مؤلمة أثناء بيعه الصحف في أيام منع التجول التي كانت تفرض على المدينة، اشتملت على قيام جنود الاحتلال بشتمه والاستهزاء به لكنه لم يتوقف قط عن بيع الصحف حتى في أقسى الأيام التي شهدتها الانتفاضة. ويقول أبو عيشة إنه قبل صدور صحيفة القدس باع صحف الجهاد وفلسطين وهي التي كانت تصدر قبل احتلال فلسطين، إلى جانب العديد من المجلات التي كانت تأتي من الدول العربية ثم انتقل لبيع القدس منذ أيام صدورها الأولى وما يزال يفعل ذلك رغم فقدانه بصره.
المصدر: فلسطين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©