الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

من أسرار البحث العلمي

من أسرار البحث العلمي
12 ابريل 2013 21:38
تحكي الدعابة الشهيرة عن «بلدينا»، الذي قرر أن يتفرغ للبحث العلمي.. هكذا جاء بذبابة ووضعها على منضدة ثم أمرها: طيري .. فطارت. جاء بذبابة أخرى ثم قص جناحيها ووضعها على المنضدة وأمرها: طيري.. فلم تفعل. توصل إلى استنتاج منطقي جداً هو أن الذبابة تفقد قدرتها على السمع إذا قصصت جناحيها! هذا التفسير العلمي منطقي في رأيي. لا أعرف بالضبط نوع الخطأ الذي ارتكبه الرجل. ولكن من قال له إن الذباب يطيع الأوامر؟. ربما هو لا يفهمها أو هو عنيد جدًا. لعل هذه نقطة الفشل.. وقد كان عليه تصميم تجربة أخرى يطيّر فيها الذبابة دون إصدار أوامر. يطلق العلماء على هذا الاستنتاج الخاطئ مصطلح Posthoc fallacy .. ومعناه ربط نتيجة بأخرى لا علاقة لها بها. سوف أهرش عيني الآن، عندها تكفهر السماء وتتساقط الأمطار.. الاستنتاج المنطقي هو أن هرش العين يؤدي لسقوط الأمطار. ربما أكرر هذا مرتين فيتكرر هطول المطر.. عندها أعتبر هذه حقيقة مطلقة. وما معظم قصص النحس الشائعة إلا تكرار لهذا. أنا أخرج في الصباح فأقابل ذلك المتسول الأعور، أذهب للعمل فيكون يومي أسود ويوبخني المدير وأنال خصمًا.. أعود للبيت ساخطًا.. في اليوم التالي أقابل المتسول فأعتبر أن اليوم صار نحسًا كله.. من يدري؟. قد أكون أنا مسبب النحس للمتسول لكني لا أعرف ذلك.. هناك قصة جميلة عن امبراطور روماني خرج للصيد فقابل فلاحًا أعور.. فتشاءم وأمر بجلد الفلاح ثم ألقاه في السجن. كان يوم الصيد ممتازاً ومظفراً. عاد الامبراطور للقصر سعيدًا فأمر بأن يطلقوا سراح الفلاح، فطلب منه الأخير أن يعطيه الأمان ليقول عبارة واحدة.. قال: ـ»مولاي.. أنت قابلتني فكانت رحلتك موفقة وصيدك وافراً.. أما أنا فقابلتك فتلقيت ضرباً مبرحاً ثم ألقوا بي في السجن.. فمن كان نحسًا على الآخر؟» لا أعرف ما حدث للفلاح بعد هذا، ولعل دائرة النحس استمرت أو هذا مؤكد.. نعود إلى الحيوانات المستخدمة في التجارب، مثل الذبابة التي فقدت جناحيها.. طالما تعذبت الحيوانات وقاست كثيراً من البحث العلمي للبشر، وقد كان مالبيجي الإيطالي يقول: «لقد أبدت جنس الضفادع نهائيًا». لكن مالبيجي هو مالبيجي.. رجل عظيم أضاف الكثير لعلم الأنسجة. ما يضايقني هو تعذيب الحيوانات لإثبات كلام فارغ أو تم إثباته مليون مرة من قبل. رأينا الأهوال أثناء دراسة الطب مع الضفادع التي تعرضت لكل أنواع التمزيق إلى نصفين، وانتزاع عضلاتها وتعليق قلوبها في خطاطيف.. حتى أنني كنت أرتجف هلعاً لفكرة أن يحدث انقلاب وتسيطر الضفادع على العالم وتمارس معنا الشيء ذاته. كلنا يعرف تأثير سم الستركنين المرعب.. فلماذا يجب ان تحقن به ثلاثين ضفدعة لتموت كل واحدة منها وهي متشنجة تتعذب وترتجف؟. كنت أعتقد أن ضفدعة واحدة تكفي.. أو لا ضفادع على الإطلاق ولنصدق كلام العلماء السابقين مرة واحدة.. أما عن الأرانب فقد كانوا يعرضونها لشتى ألوان السموم والمخدرات.. عرفنا أنه في نهاية العام قد يأخذ العمال بعض الأرانب الحية إلى بيوتهم لأكلها مع أطفالهم. وفي كل عام تحدث لهم حالات تسمم مريعة لأن الأرانب تحولت إلى قنابل حرب كيميائية.. فإذا تحدثنا عن الكلاب، فأنت تفاجأ من حين لآخر بشرطي دورية يقود كلباً هائجاً غاضباً عبر مدخل الكلية إلى قسم علم وظائف الأعضاء، حيث يقيدونه.. ثم يثبتونه- الكلب لا الشرطي- إلى إطار خشبي.. يقطعون المريء في صدره ويخرجونه من بطنه ويدقون له الجرس ويقدمون له الطعام يوماً بعد يوم.. منظر لا يمكن أن يروق لأي جمعية رفق بالحيوان في الكون. والهدف إثبات كلام الخواجة بافلوف الذي أثبته فعلاً منذ مئة عام.. عصارة المعدة تسيل لدى سماع الجرس وليس لتذوق الطعام. وبعد أيام ترى الكلب البائس قد مات.. السؤال هو: هل إثبات كلام بافلوف يستحق تعذيب هذا الكائن البريء حتى الموت؟. يقول البعض إنهم لا يثبتون كلام بافلوف لكنهم يحاولون الحصول على عصارة معدية نقية. إذن يا أخي استعمل منظارًا أو أنبوبًا. لو صرت حاكم العالم لقيدت كل هؤلاء العلماء إلى أطر خشبية، وثقبت بطونهم ودربت الكلاب على دق أجراس لهم. بعض العلماء سوف أسلخهم أحياء وأحقنهم بالستركنين وأعلق قلوبهم في خطاطيف.. أو ربما أبتر أقدام عدد منهم وآمرهم بالجري، فإن لم يجروا توصلت لحقيقة أن الإنسان يسمع الأصوات بقدميه.. سيكون هذا رائعاً! د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©