الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنزل المسكون على أنقاض قرية الصيادين سينما ترسم ثقافة عربية بوجه جديد

المنزل المسكون على أنقاض قرية الصيادين سينما ترسم ثقافة عربية بوجه جديد
16 ابريل 2011 20:22
من غير المسموح المرور إلى جانب توبي هوبير خلال التصوير، وعند الاستراحة، من غير المصرّح التحدث معه إذا لم نكن نعمل معه في فيلم «جن» للكاتب الأميركي المقيم في دبي ديفيد تالي، والذي تنتجه شركة «إيمج نيشين» التابعة لأبوظبي للإعلام هذا العام بعد انتاجها فيلم «ظل البحر» في الإمارات. توبي هوبير اشتهر كونه سيد أفلام الرعب وهو مخرج أميركي وكاتب سيناريو، عمل في إخراج العديد من الأفلام بينها بولتيرجيست Poltergeist الحائز ثلاثة ترشيحات لجوائز الأوسكار، كما أخرج حلقات عدد من مسلسلات الرعب الشهيرة مثل Dance of the Dead وThe Damned Thing. سكوووت...فالضوء الأحمر على باب مبنى الاستوديو الضخم يشير إلى أن هناك مشهداً يصوّر في هذه اللحظة... اليوم يوم الاستوديوهات بعد أن كان هناك أيام تصوير خارجي في جزيرة الحمرا في رأس الخيمة. نايلة الخاجة المخرجة الإماراتية المعروفة تعمل إلى جانب هذا المخرج العالمي مستشارة ثقافية، أما خالد المحمود من برنامج مواهب في الشركة المنتجة فيستفيد من الفرصة المتاحة له كونه مساعد مخرج. ماجد الأنصاري مشغول جداً كونه يعمل من البرنامج نفسه في مجال الموقع location. استقبلت «الاتحاد» المنتجة دانييلا تالي والمستشار الثقافي محمد العتيبة الذي عمل في إنتاج أفلام قصيرة عديدة، وداخل الاستوديو وبعيداً عن موقع التصوير حيث غرفة يكثر فيها الضباب لتصوير مشهد مع الممثل سعود الكعبي، خيمة صغيرة بكراسي قليلة يجلس على أحدها المخرج الإماراتي علي مصطفى، وهو يتابع عمل سعود على الشاشة كونه ممثلّه الرسمي بعد أن عمل الثاني معه في فيلمه «دار الحيّ» city of life. وعن تواجده خلال التصوير، يقول «أنا أمثل رسمياً عدة ممثلين إماراتيين عملوا معي سابقاً في فيلمي، وثمة أهمية كبيرة لتواجدي هنا، بداية مساهمة في إظهار الممثلين المواطنين، كما أتابع العمل معهم في البروفات ويبقى عليّ المراقبة والاستفادة أيضاً من آراء المخرج لهم لأنه هو الذي يحدّد للممثّل الأداء الذي يريده للمشاهد». وتقول دانييلا «بدأنا التصوير في العشرين من مارس، ولدى بدء التصوير انتهى عمل الكاتب ولكن قد ندعوه أحياناً في حال أردنا تغيير مشهد أو حوار معيّن، وفي بعض الأحيان يصار إلى إعادة كتابة في النص حتى لو بدأنا بتصوير الفيلم». تأسيس بنية تحتية ودانييلا تتابع عملها في الإنتاج بعد مشاركتها في تصوير فيلم «ظل البحر» من إنتاج إيميج نيشين أيضاً، وتقول «من خلال تجربتي في العمل في الإمارات، أجد أنه ليس هناك نقص في القصص الرائعة، ففي السنة الماضية صوّرنا «ظلّ البحر» في رأس الخيمة، وحالياً نصوّر فيلم «جن» وقد أعلنا عن التحضير لأفلام إماراتية أخرى من نوع مختلف ولجمهور مختلف». وتضيف «ما نريد تحقيقه من ذلك، التأسيس لبنية تحتية ثابتة لصناعة السينما على مستوى الإمارات والخليج ككلّ، ولكن هناك بنية تحتية في إطار النمو... لايزال العمل مكثفاً هنا في الأفلام القصيرة والإعلانات والدعايات، ولكن لم تنم وتتطور بعد في مجال الفيلم الطويل. نقوم حالياً بجذب المواهب الشابة الإماراتية وجمعها معا للعمل في مختلف الأقسام والمجالات في هذه الصناعة... ونظهر لهم الاختلاف في التخصصات بين كل قسم وآخر، فإن صناعة الأفلام تحتوي على عدد كبير من الاختصاصات من الهندسة والديكور إلى الملابس إلى مكان التصوير، وهذا ما لا يعرفه الكثيرون». وتؤكد «إن صناعة السينما ليست تصوير فيلم وحسب، وتحديد النص واختيار الممثلين، فثمة اختصاصات كثيرة ومجالات لا تعدّ وعلينا تنمية هذا التآلف مع ما تحتاجه هذه الصناعة وما تضمّه. إننا نختار الشباب للعمل في مختلف الأقسام من انتاج وكتابة نصوص ومختلف الاختصاصات، وبعد خوضهم التجارب في أربعة أفلام مثلاً سوف يتمكنون من تسلم الأمور لوحدهم ويتولون المسؤولية. وانطلاقاً من توفيرنا تصوير ثلاثة إلى أربعة أفلام في السنة، فهذا يعني تدريباً لهؤلاء الشباب في الميدان، وهكذا نكون قد أنجزنا مهمّتنا فحين نذهب بعد عدة سنوات سيكون هناك من يستطيعون تسلم هذه الصناعة». هل تتوقعين أن يؤدي انتاج الأفلام الإماراتية إلى ظهور قطب ثالث لصناعة الأفلام عالمياً باسم «أبوظبي وود»؟، تقول «في الواقع، نعم...وسيكون انطلاقاً من أبوظبي «أراب وود»، فأحد الأعمال التي سنتولاها ستكون كوميديا هندية إماراتية». البيت المسكون في فيلم «جن» هناك تصوير خارجي وآخر في الاستوديوهات... والتصوير الحارجي لا يخلو من عمل هندسي وتصميم ومؤثرات، فللضباب، بنيت خيمة ضخمة لتصوير المشاهد. فليس معقولاً انتظار الضباب كصياد ينتظر فريسته... والأدوات المستخدمة في كل المجالات هي الأحدث على المستوى العالمي. سألت دانييلا بما أنه لم يتم الكشف عن تفاصيل القصة، وثمة عقود تمنع الممثلين من الإدلاء بتصريحات حول تفاصيل الأدوار التي يلعبونها قبل عرض الفيلم، عمّا إذا كان لديهم حاجة لتصوير حشود في الفيلم، فقالت «لا، إن أكثر المشاهد التي احتجنا فيها إلى حشد، تمثل الحشد بوجود 15 ممثّلاً، فطبيعة الفيلم وقصته التي تقوم على سيرة حياة زوج يعود إلى الإمارات ليسكن في بيت يتضّح فيما بعد أنه مسكون بالجنّ، لا يحتاج إلى حشود». وتضيف «كان عليكم رؤية الحشود في «ظل البحر»، وهي حشود الناس الذين تقاطروا لمشاهدة كيفية تصوير الفيلم، كنا نصور في رأس الخيمة وأمام الشاشة هناك ممثلان أو ثلاثة، ولكن خلف الكاميرا كان يحتشد أحياناً نحو 400 شخص من المقيمين وشعرنا بترحيبهم بوجودنا وعبر بعض منهم عن افتخاره كون أن هذه الصناعة السينمائية إماراتية وتصوّر في الإمارات. أما في جزيرة الحمرا فليس ثمة من يراقبنا لأنها شبه مهجورة، ولم يكن بوسعنا تصوير المشاهد الداخلية فيها لأن بيوتها القديمة لا تحتمل أرضيتها فريق العمل، لذا كان لزاماً علينا العمل في الاستوديوهات». ودخلنا إلى موقع آخر في أحد مباني الاستوديوهات التي خصصتها ايمج نيشين للتصوير الداخلي... مبان ضخمة كالمستودعات حيث لا عوارض معوقة لتركيب منزل بأكمله لو شاؤوا، كان هناك عدة تحضيرات للمنزل نفسه الذي يقطنه الزوجان القادمان من الغربة إلى الإمارات ليجدا أن منزلهما المبني على أنقاض قرية صيادين مسكون بالجنّ... رأينا التحضيرات التي تمت فيه لمشهد سيصوّر مساء، وتحدثنا مع المشرف على التصميم في إنتاج الفيلم وهو قادم من فانكوفر، وكانت التنظيفات أو اللمسات الأخيرة للمنزل الذي بني من الصفر... فهنا قاعة كالملعب تحوّلت إلى المنزل. عمل المدير الفني برينتان هارون في عدة أفلام سابقا ومسلسلات مثل «ستارغايت» و»ذي توايلايت زون»، وقال «سرّني العمل هنا في الإمارات للإمكانات المتاحة لدينا، فبعض المواد من الصعب جداً إيجادها في فانكوفر، ولكن هنا كل شيء متوافر، وهذا مذهل بالنسبة لدولة تبني وتؤسس حديثاً لصناعة سينمائية». وأوضح أنه يعمل مع مواطنين وينقل إليهم خبرته في العمل في تصميم بناء المشاهد داخل الاستوديو وخارجه. تايلور تيرون من كندا المشرف على الإدارة الفنية، يشير إلى أنه يعمل مع 15 جنسية في تنفيذ تصميم ديكور مشهد واحد، ما يجده تجربة نادرة وجديرة بالاهتمام، خصوصاً حين يتمكن الجميع من استيعاب مفهوم العمل ويتكاملون فيما يقومون به لإنهاء العمل بالسرعة المطلوبة، ويعلّق «إنها ايمج نايشينز (صور الأوطان) بالفعل». ويضيف «إن التعامل مع جنسيات متعددة يزودنا بخبرة للتواصل مع العالم، وقد يعتقد البعض أن معرفة اللغة الإنجليزية بحدّ ذاته كاف ولكن سيعرف أن بعض التعابير التي لها علاقة بالتصميم في الصناعة السينمائية تختلف من مكان إلى آخر، ففي كندا نقول عبارة معينة مثلاً للدلالة على الجدار المتحرّك لنجد أن البريطانيين يقولون عبارة مختلفة تماماً». تهويدة للطفل محمد العتيبة مستشار ثقافي للفيلم، يتحدث معنا عن التفاصيل التي يتابعها من أجل الحرص على أن يأتي الفيلم والحوارات غير مناقضة للحياة والثقافة الإماراتية... يكرّس العتيبة معظم وقته للإنتاج السينمائي وجاءت المشاركة في الفيلم نوعاً من الاستزادة في الخبرة كما يرى، فهو حين سمع بتصوير «جن» سارع إلى إرسال سيرته عارضاً العمل في الفيلم. تطلب منه دانييلا أن يخبرنا عن التهويدة التي علّمها للممثلة التي تلعب دور أم وعليها أن تضع الطفل في المهد، وهنا يقول محمد «في النص السينمائي أن على الأم وضع الطفل في المهد، ولكن كيف؟ هنا أعود إلى المنبع، إلى ثقافتنا الإماراتية لأعلّم الممثلة أغنية للطفل فغنيتها لها، وهذا مثال عمّا أقوم به من عمل في الفيلم، أما الأمور الأخرى فإني أعرض ملاحظاتي على المنتجين مع المخرج وهم من يتخذ القرار، ويبقى أن الفيلم هو فيلم رعب وفيه الكثير من الخيال وبالتالي فثمة مناطق لا دور لي فيها بمعنى أن الحرص هو في الغالب يتركّز على المشاهد العادية في الحياة العامة، ومع الخيال المجال مفتوح لكل الاحتمالات». ويرى محمد العتيبة أن ما يحصل في الإمارات حالياً هو التأسيس لصناعة سينمائية ببنية ثابتة وصلبة، مشيراً أن كل الأفلام التي يتم تصويرها وانتاجها في الإمارات ذات مستوى عالمي وبمعايير عالمية مستخدمين أكثر الأساليب المتطورة في هذه الصناعة وخبرات مخرجين ومنتجين عالميين يتيحون معهم الفرصة للخريجين الشباب بواسطة «إيمج نيشين» التدرّب على أيدي هؤلاء الكبار في هذه الصناعة. سألناه عن التهويدة التي غنّتها الأم للطفل لينام، وقد أشارت إلينا دانييلا أن الطفل الممثل نام بالفعل على التهويدة، ومطلعها «هوووو، يرقد وليدي رقدة هنيّة، رقدة الغزلان بالبريّة». وأشار محمد العتيبة أن مثل هذه الأمور تعزّز من قيمة المشهد وتأتي متوافقة مع الثقافة الإماراتية. حلم بأعمال عربية خالد ليث، ممثل بحريني مقيم في بريطانيا، كان قد سمع عن الفيلم من أكثر من شخص وصدف أن الشخصية اسمها خالد على اسمه، فتقدم للعمل في بريطانيا وتم اختياره للدور الرئيسي.وعن القصة، يقول «إنه طرح جديد لموضوع الجن لم يصدف لنا أن رأيناه من قبل، إن في القصص أو الأفلام. الموضوع طبعاً عشناه في ثقافتنا ونسمع به ولكن لم يدخل الرواية أو الأفلام بالشكل الذي طرح. فغالباً ما ارتبطت بالقنديل وبحف القنديل وبروز الجنّ أو بقصص ألف ليلة وليلة، ولكن قصة الفيلم بالفعل مختلفة، وهي التي نعرفها كعرب من الناحيتين الاجتماعية والدينية». ويتمنى خالد بما أن النص والتصوير والعمل الذي يتم على مستوى عالمي، أن يكون هذا الفيلم وما سيتبعه وسيلة لعودة الممثلين العرب والعمل في المجال السينمائى. ويقول «يا ريت آتي وأعمل هنا، ونحتاج إلى تطوير المجال أكثر وأكثر». رزان جمّال ممثلة لبنانية، تلعب دور زوجة خالد سلامة، وهي ليست إماراتية في دورها، وكانت قد مثّلت في فيلم كارلوس، تقول «يبدو أن دور الزوجة التصق بي»، وقد زارت سابقاً الإمارات إنما هي المرة الأولى التي تبقى فيها وقتاً طويلاً، ورأت أن الإمارات مكان رائع بالنسبة إليها للعيش فيه. هي المرة الأولى التي تلعب فيها دور البطولة، وهذا يعني قراءة أكثر وحفظ النص والتفاعل معه وتحمّل مسؤولية. وتقول رزان «في العادة يختارون الشخصية العربية في الأفلام بصورة نمطية إما يكون شخصاً إرهابياً أو شخصاً يريد تفجير شيء وعلى هذا المنوال. ويهمّنا أننا نمثل عن فكرة مختلفة عن العرب ونتمنى أن يعبّر هذا الفيلم عنّا كأناس عاديين نشبه كل البشر. عائشة هارت وهي بريطانية سعودية، واسمها سارة في الفيلم وهي جارة خالد سلامة، وكانت مثلهما تعيش في أميركا. وقد عبّرت عن اعجابها بالإمارات، متمنية أن يصار إلى انتاج عدد أكبر من الأفلام للقدوم والمشاركة. قصة مميزة الممثل سعود الكعبي، تحدث معنا على عجل بين تصوير لقطة وأخرى، وهو مثّل في فيلم «دار الحيّ»، يقول إنه في الفيلم الأول اختاره علي مصطفى وجاء هذا الفيلم فشجّعه على التقدم إلى التجربة وهو يتابعه. سعود خريج الجامعة الأميركية في الشارقة، اختصاص الاتصال الجماهيري. يقول «هذا الفيلم هو أيضاً فيلم إماراتي عالمي، كما أن قصة الفيلم مميزة جداً ولها علاقة وثيقة بثقافتنا العربية حيث إنه لا أحد ربما يتحدث عن الجن سوانا، فلديهم الأشباح ولكن لا يعرفون عن الجنّ». سارة عبد الله، صاحبة وكالة تايك وان في دبي وتعمل منذ ثلاثة سنوات في مجال اختيار ممثلين وترشيحهم للعمل في عدة مجالات تصويرية، تقول «اختاروني معهم لأنني أعرف الكثير من الممثلين الإماراتيين والعرب المقيمين هنا وفي الخارج. قرأت النص وفكرت بالأشخاص المناسبين لأداء كل شخصية، وهناك 35 شخصية لهذا الفيلم، والاختيار يتم على عدة مراحل بناء على رأي المخرج. بدأنا بـ 275 مرشّح، وكان التركيز أكثر على المواطنين الإماراتيين». أخطاء اللهجات تقول ندى حمد إبراهيم، المسؤولة عن تدريب اللهجات في إيميج نيشين، قالت لنا «أنا أول مدرّبة لهجة في الإمارات في هذا المجال، وكنت قد عملت في مهرجانات كثيرة ومن ثم عيّنت في العمل الإداري في المهرجانات ودراستي هي إعلام مرئي وما حصل أنني تعاونت مع إيميج نيشين، ومن دون قصد كنت أشير إلى الأخطاء في اللهجة، فاقترحوا عليّ تولّي هذا الجانب. كما أنني مسؤولة عن التتابع في اللقطات، مثلاً إذا صورنا اليوم مشهد تناول الطعام بعده سنصور ركضاً وربما التصوير يكون متباعداً فأسعى إلى الحرص على هذه الاستمرارية لتكون الملابس نفسها والمكياج وكل شيء متعلّق في الاستمرارية. وتضيف «كلما حكينا عن صناعة أفلام، تسمعين في العادة «أنا أريد أن أكون منتجاً وأنا أريد أن أكون مخرجاً... « لكنني لا أريد ذلك أريد أن أتعلّم كل شيء، فثمة العديد من الاختصاصات ولا أحد يريد أن يكون مصوّراً خلف الكاميرا».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©