الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نيجيريا: دروس الانتخابات

13 ابريل 2015 22:14
«انتقال سلس للسلطة في نيجيريا». لعل الجميع رأى هذا العنوان في وسائل الإعلام. فلأول مرة منذ الاستقلال، صوّت البلد الأكبر في أفريقيا من حيث عدد السكان والأقوى اقتصادياً، لصالح مرشح غير الرئيس المنتهية ولايته. ولكن، ماذا جرى بالضبط في نيجيريا، في زمن عزّت فيه الأخبار السارة حول الديمقراطية في القارة السمراء؟ الواقع أن أغلبية النيجيريين، ضاقوا ذرعاً بفساد الحكومة وانعدام فعاليتها إلى درجة أقنعتهم بضرورة الدفع في اتجاه التغيير. وفي ما يلي بعض الدروس المستخلصة من هذا الحدث التاريخي على مستوى القارة الأفريقية الذي أكد: - التصميم على الديمقراطية، فعلى رغم التخوفات والمزاعم بشأن احتمال تزوير النتائج وقبل ذلك تأجيل موعد الاقتراع بستة أسابيع، فإن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات كانت مرتفعة، بل غير مسبوقة. فقد استيقظ ملايين الناخبين مبكراً، وانتظروا قدوم المسؤولين عن مكاتب الاقتراع -متأخرين بساعات عدة، في أحيان كثيرة- لبدء المرحلة الأولى من عملية معقدة على نحو يثير الدهشة. إذ بعد أن يقوموا بتسجيل أنفسهم في الصباح، يكون على الناخبين أن يعودوا بعد الظهر للإدلاء بأصواتهم. وهو ما حرصوا على فعله، خاصة الشباب منهم، الذين لم يبرح كثير منهم مكاتب الاقتراع من أجل مراقبة عملية فرز الأصوات، حيث كانوا يرسلون تغريدات عبر «تويتر» أو يبعثون صور عملية العد والفرز الأخيرة إلى الصحف. وهذه المشاركة الكبيرة يبدو أنها كانت هي رد النيجيريين على الحديث عن إمكانية تزوير الانتخابات من قبل أنصار الرئيس المنتهية ولايته «جودلاك جونثان»، وبدوا كما لو أنهم كانوا عاقدين العزم على التصدي لأي محاولة للتلاعب بنتيجة الانتخابات. - محاربة الفساد، والواقع أنه حتى بالنسبة لبلد أضحى اسمه وكأنه مرادف لممارسات الفساد، فإن إدارة «جوناثان» تميزت بتفاقم الفساد في البلاد. وبعد أن ملوا وتعبوا من حرمانهم من الرخاء الاقتصادي، الذي يفترض في الثروة النفطية أن تجلبه لهم، كانت أغلبية النيجيريين، تبحث عن زعيم يضع محاربة الفساد على رأس أولوياته. واللافت أن هذا الموضوع ربما عبّأ الناخبين، بدرجة أكبر حتى من تمرد «بوكو حرام». - إيجابيات الحزم والصرامة، قد يبدو ضابط سابق في الجيش يبلغ من العمر 72 عاماً، وسبق له أن حكم البلاد قبل 30 عاماً خياراً غريباً ليرمز إلى التغيير، كما أن هذا الرئيس المنتخَب محمد بخاري، الذي اشتهر بزهده، أخضع النيجيريين خلال فترة حكمه القصيرة لـ«حملة انضباط» شملت تعويد الناس على الانتظام والوقوف في طوابير في مواقف الحافلات. وكثيرون يأملون أن يخلص بخاري البلاد من المسؤولين الفاسدين ومتمردي «بوكو حرام»، الذين يقوموا بقتل الناس واختطافهم شمال شرق البلاد. ويبدو النيجيريون واعين أيضاً بحاجتهم لقدر من الانضباط، حيث يتحدثون بأسف وحسرة عن عدم الفاعلية في مواجهة الفساد وعن «اختناق قيمنا الإفريقية القديمة». - احتواء الاستقطاب على الصعيد الوطني كله، وتوصف نيجيريا في كثير من الأحيان على أنها مقسمة وفق خطوط استقطاب إقليمية ودينية، بين شمال مسلم وجنوب مسيحي. ولكن زميل بخاري في السباق الانتخابي كان قساً مسيحياً من العاصمة التجارية النشطة في الجنوب لاجوس. ولأن حملتهما كانت تعالج تظلمات الجميع، فقد حققت نجاحاً عبر معظم البلاد. - أهمية الضغط الدولي، ولا شك أن التركيز الدولي غير المسبوق على هذه الانتخابات، خاصة من قبل الشريكين التجاريين الرئيسيين لنيجيريا، بريطانيا والولايات المتحدة، ساهم في نجاحها. فقد سبق للرئيس أوباما ووزير الخارجية جون كيري ونظيره البريطاني فيليب هاموند، إضافة إلى آخرين، أن حذروا في مناسبات عدة من إمكانية اندلاع عنف سياسي في حال تزوير الانتخابات، ولاحقاً حثوا «جوناثان» على الاعتراف بالهزيمة، وهو ما فعله بسرعة وبدون قيود، متجنباً بذلك إراقة الدماء، التي ميزت الانتخابات الرئاسية النيجيرية في المرتين الأخيرتين. واليوم، يتعين على المسؤولين الأميركيين أن يدعموا بخاري في وقت يتسلم فيه مهمة تتصدرها مكافحة الفساد، وإصلاح الممارسات السياسية، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتشكيل جيش يمكن للنيجيريين أن يكونوا فخورين به. وبشكل عام، تمثل هذه التغييرات أفضل استراتيجية للقضاء على تمرد «بوكو حرام» ومنح النيجيريين أملاً جديداً وحياة كريمة. سارة تشايس وتشاين بوليميديو باحثان بمؤسسة «كارنيجي» في واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة تريبيون نيوز سيرفس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©