الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الجماميل» أصحاب «تاكسي» الزمان القديم

«الجماميل» أصحاب «تاكسي» الزمان القديم
18 يونيو 2010 21:04
“الجماميل” مفردة يجهلها الكثيرون من أبناء هذا الجيل، كلمة تعني أصحاب الإبل الذين يؤجرونها لنقل الناس. مهنة قديمة تشبه سيارات الأجرة هذه الأيام، لم يكن جميع أهل الامارات يملكون إبلا وخيولا يتنقلون عليها، لذا كان وجود الجماميل عصب الحياة التجارية والاجتماعية وأحد أبرز الروابط بين الصحراء والساحل. كانت أيام بداية الصيف وموسم “القيظ” من الأيام الذهبية والمواسم التي لا تتكرر كثيرا للجمالين، لا تضاهيها إلا أيام بداية البرد، وقبل “القفال”، وهي مرحلة عودة الغواصين إلى بيوتهم لقضاء الشتاء مع أهلهم. هذه الأيام كانت مواسم ينزح فيها الناس ما بين الساحل والمقائظ في الواحات، وهي الفرصة الأمثل لنقل الناس الراغبين في الرحيل من وإلى بيوتهم. يسمى مستأجر الجمّال لنقله (عبري) وهي كلمة مشتقة من العبور، وكان جمعها (عبرية) أي مجموعة من طالبي الارتحال مع الجمّال، وكان هذا الأخير يتقاضى أجره بما يجود به العبري إلا في بعض الأحيان التي يطلب فيها الجمّال ثمنا معينا للرحلة. أجرة الجمّال كانت تسمى (نول) وهي مفردة دارجة لليوم في الامارات، وهذا النول يناله الجمّال، بعد الوصول عادة، وقد يكون في بعض الأحيان ملابس أو طحينا أو حتى “مكيال قهوة”. لم يكن امتلاك قطيع من الإبل والنياق شرطا لإمتهان “الجمالة “، كان يكفي الرجل بعير واحد ومعرفة بالطرق الصحراوية ورباطة جأش وسلاح ليكون جمالا، فقد كان السلاح رفيق الرجال عموما في تلك الفترة، يدافعون به عن أنفسهم من بعض لصوص الطريق أو من الحيوانات المفترسة كالذئاب التي يمكن أن تتربص بهم ليلا. يتعود معظم الجمالين على المبيت في الصحراء، لذا كانوا يحملون زادهم معهم، ولم يكن هذا الزاد أكثر من حفنة دقيق يصنعون بها (قرص الجمر) وهو رغيف يخبزونه على الجمر المشتعل، وقهوة عادة ما تكون “مخمرة” من قهوة سابقة، وبعض التمر والسمن الذي يحرصون عليه ليمنح أجسادهم الدفء ويعينهم على برد الصحراء المسائي، وبالطبع قربة الماء. الجمالون الذين كانوا ينقلون معظم البضائع التي تمر برا، وينقلون المسافرين أيضا، كان معظمهم يعمل أيضا في نقل الحجاج من وإلى الديار المقدسة، في رحلة طويلة تستغرق شهرين أحيانا، ولكنهم في هذه الرحلة يتحركون في قوافل متصلة، يصحبهم فيها رجال ماهرون في الدروب الطويلة ومجاهل الصحراء. كان الرجل الذي يجيد قص الأثر من ركائز الرحلات الطويلة، ويسمى بالمحلية “جفّير”، وهو عادة قوي الملاحظة والنظر، يستطيع أن يعرف أثر الأقدام من بين طبقات الرمال، ويستطيع أن يميز من أثر قدم الناقة، إن كانت “عشارا” أو بكرا. في نهاية خمسينات القرن الماضي وفدت السيارات إلى الإمارات العربية، جاءت لتدشن مرحلة اختفاء الجمالين وغياب دورهم القديم، وشيئا فشيئا لم يعد “الجماميل” يذكرون إلا في الأمثال والحكايات الشعبية مثل (واعد من الجماميل عشرة) الذي يضرب في أخذ الحيطة، و(موب كل من قاد الجماميل جمّال ولا كل تاجر يغنيه راس ماله).
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©