الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة النقاب في مصر تستند إلى تحجيم الحريات وتتغذى على غياب الحوار

أزمة النقاب في مصر تستند إلى تحجيم الحريات وتتغذى على غياب الحوار
9 نوفمبر 2009 22:49
انخرط في الجدل منظمات نسائية وحقوقية مصرية ودولية، ومؤخرا نظمت مؤسسة عالم واحد للتنمية بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور الألمانية ورشة عمل حول «أزمة النقاب في مصر بين العام والخاص». وكشف النقاش الحاد عن تمسك كلا الجانبين بموقفه واتخاذ مبدأ الحرية الشخصية كذريعة وامتد الجدل إلى خلاف لا يقل حدة عن موقف الإمام الأكبر شيخ الأزهر والمطالبة بهيئة من كبار العلماء تضع حدا حول حرية المنتقبات في التردد على الأماكن العامة ووسائل المواصلات وممارستهن لبعض الوظائف الحساسة التي تحتاج إلى تواصل مع الجمهور. واتفق الجميع على أن إثارة قضية النقاب هدف يقصد منه إلهاء الناس عن قضايا أكثر أهمية منها قضايا فساد وقضايا تحسين معيشة المواطنين. تحليل الظاهرة اتهم يحيى الجمل الوزير السابق والخبير الدستوري المؤيدين للنقاب والساعين لفرضه بالمغالاة، مؤكدا أن علماء الفقه الإسلامي كانوا دائما يتحدثون عن الاحتشام واحترام المرأة وحقوقها ولم يحدث أن ذكر الإمام محمد عبده أو الإمام الغزالي أو أي من العلماء أن النقاب فرض. وقال إن التخلف العلمي قادنا للفقر في كل شيء وبدلا من أن يثور المجتمع لما يعانيه من أحوال معيشية متردية ويسعى لتطوير نفسه ينشغل بقضية تغطية جسد المرأة بدعوى أنها مثيرة للغرائز. وكان الأجدى أن يهتم الجميع بمشاكل أكثر تأثيرا مثل موقعنا من المجتمعات الإنسانية المتحضرة. وأضاف أنه حاول تحليل ظاهرة انتشار النقاب في السنوات الأخيرة ولم يجد مبررا إلا أننا ما زلنا نعيش في مجتمعات ذكورية، والحقائق تؤكد كما تشير الاحصاءات إلى أن 37 في المائة من النساء في مصر معيلات بمعنى أنهن يتولين إعالة الأسرة. وحذر من أن أزمة النقاب في مصر تتزامن مع وضع مشابه في بعض الدول المجاورة منها السودان والصومال والكويت حيث تطالب بعض الأصوات «الرجعية» نائبات في البرلمان الكويتي بأن يرتدين الحجاب أو تسقط عضويتهن. وقال الجمل إن «النظام السياسي الحر لا يقبل النقاب ويمنح الحرية للجميع بقدر متساو ولذلك فإن الغالبية تظهر عكس ما تبطن والكل يسعى لإخفاء حقيقته وفي ظل أنظمة سياسية تحجم الحريات يسود النفاق والدليل أننا لا ننتج بشكل جيد ولا نهتم بإتقان ما نفعله ونعادي النظافة والنظام ونفضل الانشغال بجسد المرأة وتغطيته». محل خلاف أكدت الدكتورة سعاد صالح أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أنها أول من أفتى بمنع النقاب قبل أربع سنوات وتعرضت للهجوم الذي وصل إلى حد المطالبة بإهدار دمها ولم تناصرها أي مؤسسة دينية تنتمي اليها وأخيرا وجد الامام الاكبر شيخ الأزهر نفسه في نفس الموقف واضطر الكل لإعلان رأيه بمن فيهم مفتي مصر ووزير الاوقاف وكافة المؤسسات الدينية. وقالت إن النقاب من القضايا التي تخص المرأة المسلمة وهو محل خلاف ولم يجمع عليه العلماء إلا احدى روايات المذهب الحنبلي وكل المذاهب الأربعة تؤكد انه ليس فرضا سوى ابن تيمية وهو أستاذ الفقه السلفي الذي يرى أن المرأة كلها عورة وأزمة النقاب تكشف عن أهمية مراجعة بعض كتب التفسير والسنة النبوية والأحاديث المدسوسة والضعيفة ويكفي أن النقاب لم يرد ذكره في أي حديث صحيح إلا حين قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين». والرسول لا يخالف نصا في القرآن الكريم أبدا. وطالبت المنظمات الحقوقية بأن تتبنى حوارا يضم المتخصصين ويجمع بين من يرون النقاب ضرورة وغيرهم حتى يتم الاتفاق على ضوابط لتعامل المنتقبات مع مختلف مؤسسات المجتمع بما يكفل احترام حريتهن الشخصية وأمن وسلامة النظام العام في الجهات التي تتردد عليها المنتقبة بحيث لا تفرض نفسها وشروطها على المجتمع. وتوضح: «لسنا مع السفور ولا النقاب كلاهما نقيضين فالعري فيه اعتداء على الحرية الشخصية وإثارة الغرائز ولكن النقاب يعني التشدد والمغالاة وهل يمكن أن نختصر الإسلام في قطعة قماش فالإسلام دين عمل وعلم وكيف يكون على المرأة تغطية وجهها وهي تعمل طبيبة أو مدرسة أو محامية وكيف يأمر الرسول الرجال بغض البصر إذا كانت المرأة تغطي وجهها لقد أعطينا للغير الذخيرة الحية لاتهام الإسلام بأنه وضع المرأة في مكانة متدنية». تجريم العري قال حافظ أبوسعدة أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والإعلامي إن العري مجَّرم في قانون العقوبات، مشيرا إلى أنه كلما قطعت المرأة المصرية خطوات في طريق التقدم والمشاركة السياسية تظهر قضية النقاب ويتجدد الجدل حولها وهذه المرة وجد الذين يريدون إعادة المرأة المصرية للخلف ويحاولون قمعها فرصة في تصيد واقعة شيخ الأزهر مع طفلة عمرها 11 عاما رغم أن الواقعة كانت حوارا وتوجيها أبويا لا يستحق كل هذه الضجة. وأشار إلى أن ضمانات الحرية الشخصية في مواثيق حقوق الإنسان لا يجب أن تتعدى على حقوق الآخرين وأن تحفظ حق المجتمع في تنظيم مؤسساته بما في ذلك الزي وهذا لا يعد اعتداء على الحرية الشخصية وطالما ارتضى إنسان ممارسة عمل ما فلابد أن يلتزم بالزي المطلوب الذي تحدده المؤسسة. ورأى أبوسعدة أن سر تفاقم أزمة النقاب هو عدم الاعتراف بأن مصر دولة مدنية ويراد أخذنا إلى سلطة دينية وتلك الآراء المتشددة تسيء للإسلام، مضيفا أن للمرأة أن ترتدي ما تراه لكن إذا تصدت لخدمة عامة فعليها الالتزام بقوانين المؤسسات العامة والخاصة في المجتمع ومن حق الناس أن يشعروا بالاطمئنان عند التعامل مع من يقدم الخدمة العامة والنقاب لا يحقق ذلك. الاهتمام الإعلامي أكد الإعلامي حافظ الميرازي مدير مركز كمال أدهم للصحافة والتليفزيون بالجامعة الأميركية بالقاهرة أن الاهتمام الاعلامي بموضوع النقاب يعكس اهتمام الناس بالموضوع ورغبتهم في متابعته رغم أنه قد لا يكون الأهم إذا قورن بقضايا أخرى والبعض يشعر بالخوف من الانتقال إلى النقاب بعد انتشار الحجاب في مصر، مؤكدا أن الجدل حول أي قضية دليل صحة المجتمع بينما الخطر الحقيقي هو غياب الحوار. واعترف الميرازي بأنه كان أحد المعترضين على استمرار الإعلامية خديجة بن قنة في عملها كمذيعة أخبار في قناة الجزيرة قبل 4 سنوات عقب ارتدائها الحجاب، ولكنه عندما جاء لمصر وكان بصدد انشاء قناة خاصة كان حريص على وجود 4 مذيعات محجبات لأن هذا هو الأقرب لوجدان الناس وكذلك حرص على وجود مسيحيات لأنهن جزء من المجتمع. ورفض المحامي نجاد البرعي المحامي بالنقض والناشط الحقوقي ما يقال إن النقاب مسألة دينية فقط حيث يعتبره ظاهرة اجتماعية وانتشاره جاء نتيجة انهزام الثقافة المصرية أمام الفكر المتطرف. وقال إن مصر لها طبيعتها الخاصة في الدين حتى أن الإمام الشافعي أعاد تأسيس مذهبه الفقهي بعد مجيئه إلى مصر حيث لمس خصوصية المجتمع المصري. وأكد البرعي أن انتشار النقاب في السنوات الأخيرة يدل على مجتمع ليس له أمل في الدنيا وأصبح أمله الوحيد في الآخرة فهناك شباب لا يستطيع الزواج ولا يجد فرصة عمل ولا يكاد الإنسان المتعلم المكافح يجد ما يكفيه. واتهم الحكومة بأنها لم تتخذ قرارا سريعا قبل اشتعال أزمة النقاب لأنها تخشى رد فعل الناس، وفي مثل هذه القضايا الجدلية يجب أن تقف الحكومة بحسم حتى لا يتفاقم الأمر
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©