الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... مكافحة التحرش بكرتون شعبي

12 ابريل 2013 23:48
صوفي أنموث صحفية مستقلة - القاهرة يحتاج وهو يلبس ألبسة مزركشة بالزهور إلى علكة القرفة لمحاربة أعدائه، وهو يحتاج أيضاً إلى راحة طويلة بعد مواجهاته.إنه «سوبرماخ»، يعود للظهور هذه السنة في النشرة الفكاهية المصرية «طق طق». ويشار إلى أن «سوبرماخ» هو النسخة المصرية لسوبرمان في كرتون شعبي، حيث مهمته الرئيسة مساعدة النساء والفتيات على وقف المتحرشين بهن. يكسر «سوبرماخ» ممنوعاً اجتماعياً سائداً في مصر من خلال الحديث عن التحرش الجنسي بشكل مفتوح، وهو بذلك ينتهج أسلوباً جديداً يهدف إلى التعامل مع المشكلة بأسلوب خفيف، بينما يبرز الذرائع وعوامل أخرى تساهم في استمرار هذه المشكلة في مصر. ويوفر الكرتون كذلك نماذج جيدة يحتذى بها للرجال والنساء، للتعامل مع التحرّش الجنسي كظاهرة مقلقة في الشارع المصري. ويقدم هذا الكرتون أيضاً أمثلة على علاقات إيجابية في مجال النوع الاجتماعي. ومن خلال كسر السكوت والكلام عن التحرش الجنسي في مجال الثقافة الشعبية، يمكن لـ«سوبرماخ» في نهاية المطاف أن يساعد على إنهاء هذه المشكلة الملحّة. المجتمع المصري سواء مسلميه أو مسيحييه، يمكن القول إنه محافظ نسبياً في معظمه، وتبقى الأمور المتعلقة بالجنس ممنوعة، أو يجب عدم الحديث عنها، على الأقل في الأماكن العامة. لذا فإن النساء يخجلن أحياناً من التذمّر أو الشكوك حول كونهن ضحايا للتحرش الجنسي. وتحصل الادعاءات بالتحرش التي يُلفَت انتباه الشرطة إليها عادة على تجاوب ضعيف أو غير مناسب، مما يترك العديد من النساء وهن يشعرن أنه من غير المفيد طلب المساعدة. ولكن إذا استمر الصمت حول الموضوع فلن يتعامل أحد مع المشكلة، ما قد يفتح الباب أمام تفاقمها، ومن ثم تشويه صورة المجتمع المصري، وتقديمه على أنه مجتمع ينتهك حقوق المرأة، وهذا استنتاج لا يرضى عنه المصريون بكافة أطيافهم. ظهر «سوبرماخ» للمرة الأولى في عام 2008، وتحديداً في صحيفة «الدستور»، وهي صحيفة مصرية معارضة آنذاك. وقد أظهرت دراسة أجراها «المركز المصري لحقوق المرأة» أن أكثر من 80 في المئة من النساء المصريات تعرضن لتحرش جنسي خلال العام المذكور. رسم أحمد مخلوف، الذي أوجد الكرتون، أولى مغامرات «سوبرماخ» رداً على عدد مثير للصدمة من حالات التحرّش الجنسي بين عامي 2006 و2008. في تلك السنوات، كان جو عيد الفطر الممتلئ بهجة في شوارع المدن الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية، يفتح المجال لحالات رهيبة من التحرش الجنسي على مستوى واسع، وربما أن هذه الحالات هي التي جعلت المشكلة تطفو على السطح إعلامياً. إضافة إلى حقيقة أن التحرش الجنسي، ربما يكون أمراً يصعب الإبلاغ عنه، هناك العديد من العوامل التي تساهم في انتشاره والتي يجب التعامل معها. وضمن هذا الإطار، تأتي الصور النمطية للنوع الاجتماعي والسلوك المكتسب الذي يعلّم النساء السكوت على التحرّش الذي يتعرضن له وتناسي التحرش اللفظي، كعوامل لا بد من التصدي لها وإزالتها كي تتم مواجهة التحرش واستئصاله كسلوك يتنافى مع قيم المجتمع. ويبرز «سوبرماخ» هذه العوامل، من خلال لفت انتباه القراء المصريين بواسطة الشخصيات والأحداث التي يعرضها في الكرتون. ويُشكّل إلقاء اللوم على ضحية التحرش بسبب أسلوب لبسها، ذريعة معتادة يرنّ صداها لدى بعض المصريين بسبب وجهات نظر يعتبرها البعض مشوّهة حول الدين وجسد المرأة. إلا أن الكرتون يظهر أن العديد من النساء ينزعجن بغض النظر عن كيفية لبسهن، وهذا يعني أن التحرش ينال النساء بغض النظر عن طبيعة ملابسهن. يطري المتحرّش في الكرتون الشخصيات الأنثوية تماماً كما يفعل المتحرش الحقيقي في الشارع في القاهرة. ولكن الكرتون يبيّن أن هذه «الكلمات اللطيفة» تُعتبر في الحقيقة عدائية من قبل النساء. بالمقابل، يُظهِر «سوبرماخ» الاحترام تجاه المرأة. من خلال ذلك، يحاول الكرتون تحويل ما يُنظَر إليه على أنه رجولي، من خلال مقاومة التحرش، والتأكيد على احترام المرأة والحفاظ على حقوقها. يعلّم «سوبرماخ» الرجال عدم التغاضي عن التحرش الجنسي، أو التعامل معه بلامبالاة. ويشرح مخلوف: «كل واحد منا سوبرماخ. نحاول جميعاً أن نكون أبطالاً. أحياناً ننجح، ونفشل أحياناً». في نهاية المطاف، سوبرماخ إنسان عادي، والأمر لا يحتاج إلى بطل خارق ليظهر كرجل عندما يعود الأمر إلى التحرش الجنسي. في هذا الكرتون، تناشد الفتاة التي تتعرض للتحرش الجنسي «سوبرماخ» أن يساعدها. ولكن عندما يتوجه إليها رجل آخر، تجدها تدافع عن نفسها. يعلّم «الكرتون» الفتيات بهذا الأسلوب ألا يشعرن بالحرج أو الحياء، وإنما أن يرفعن أصواتهن ويدافعن عن حقوقهن. حقق بطل مخلوف الخارق فرقاً في العالم الحقيقي من خلال المساعدة على كسر الممنوعات وإبراز واقع العديد من النساء المصريات وما يواجهنه في كل يوم. والأهم من ذلك أن جهوداً كهذه تظهر للجيل الجديد أنه لا يوجد ما هو مُبهِج أو عصري في التحرش بالنساء. ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©