الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الثروة النفطية الجديدة في البرازيل توسع النقاش حول مسار التنمية الاقتصادية

الثروة النفطية الجديدة في البرازيل توسع النقاش حول مسار التنمية الاقتصادية
29 أغسطس 2008 23:18
تندر البرازيليون طويلا بأن البرازيل هي بلد المستقبل وستظل كذلك دائماً، لكن منذ اكتشاف احتياطيات نفطية هائلة قبالة سواحلها العام الماضي يشعر الكثيرون بأن المستقبل ربما وصل أخيراً· ومن قاعات الكونجرس في برازيليا إلى المقاه في ساو باولو يخوض البرازيليون نقاشاً حامياً بشأن ما يجب عمله بالثروة النفطية الجديدة· وتنشر الصحف قصصاً إخبارية على صفحاتها الأولى ومقالات يومياً تقريباً مما يعيد إلى الأذهان حملة ''النفط ملكنا'' التي أفضت إلى إقامة شركة النفط الوطنية بتروبراس في الخمسينات· ويثير الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا مسألة امكانيات البرازيل النفطية في كل مناسبة واصفاً الاحتياطيات بأنها هبة من الرب يجب استخدامها في المقام الأول لمصلحة الفقراء بدلا من مساهمي بتروبراس وشركات النفط الأجنبية· لكن المنتقدين يساورهم القلق من أن تبدد الحكومة فرصة تنموية هائلة عن طريق تأميم الاحتياطيات مما قد يشجع على الفساد وانعدام الكفاءة· وقال سيرجيو فاوستو أستاذ العلوم السياسية لدى معهد فرناندو انريكي كاردوسو في ساو باولو: ''هذا نقاش سوف يحتدم أكثر، إنه يتعلق بالموارد الطبيعية ورموز الثروة القومية والمستقبل وذلك يخلق توقعات بأن البلد يستطيع القفز إلى مستوى جديد''· وبدأت البرازيل تتخيل نفسها قوة نفطية عظمى عندما أعلنت بتروبراس في نوفمبر الماضي أنها عثرت على مكمن بحري في حوض سانتوس قبالة ريو دي جانيرو يحتوي على خمسة مليارات إلى ثمانية مليارات برميل من الخام الخفيف مما يجعله ثاني أكبر اكتشاف نفطي في العالم خلال العشرين عاما الماضية· ومنذ ذلك الحين ظهرت بيانات جديدة تشير إلى احتمال وجود احتياطيات تصل إلى 80 مليار برميل من النفط عميقاً تحت قاع البحر في مساحة ضخمة قبالة الساحل الجنوبي للبرازيل· وإذا صح ذلك تقفز البرازيل -التي لاتزال تستورد النفط من حين لآخر لتلبية الطلب المحلي- إلى مصاف أكبر عشرة منتجين للخام في العالم· ورغم أن الأمر سيستغرق على الأرجح سنوات ومئات المليارات من الدولارات لاستخراج النفط الكامن تحت طبقة سميكة من الملح إلا أن حكومة لولا تضع بالفعل خططاً لسيل العائدات الذي سيدره· ويريد لولا عامل المعادن السابق الذي نشأ فقيراً استخدام الأموال لمعالجة أبرز المساوئ الاجتماعة للبرازيل، الفقر المزمن ونظام التعليم المتدني· وفي عالم حيث النفط الرخيص شيء من الماضي يرى لولا فرصة أمام البرازيل لجني المال والانضمام إلى مصاف البلدان المتقدمة· وبدت الاحتياطيات أول الأمر أيضاً مصدرا لعائدات استثنائية أكيدة لشركة بتروبراس الرائدة في تقنيات التنقيب في المياه العميقة، لكن الحكومة تبدو عازمة على تعديل قانون النفط المحلي لنيل مزيد من السيطرة على الاحتياطيات مما يثير الشكوك بشأن دور ''بتروبراس'' في إدارة واستغلال الحقول الجديدة· وفي عدة مناسبات خلال الأسابيع الأخيرة قال لولا: إن النفط ''ملك للبرازيل لا بتروبراس''، وقد ساعد بذلك على تراجع حاد في سعر سهم بتروبراس وأغضب برازيليين كثيرين يرون في الشركة مصدراً للفخر القومي· مستلهمين من نموذج النرويج الغنية بالنفط أفكاراً بشأن سبل إدارة الاحتياطيات يقترح بعض المسؤولين الحكوميين إقامة شركة وطنية جديدة للاشراف على الحقول الكامنة تحت طبقة الملح، وقد أطلق البرازيليون على الشركة المقترحة اسم بتروسال أو بتروسالت· ويشمل هذا اعتماد نموذج لتقاسم الإنتاج تملك بموجبه الشركة الجديدة حقوق الاحتياطيات على أن تترك الإنتاج إلى بتروبراس والشركات الأجنبية العاملة بالفعل في المنطقة مثل اكسون موبيل وشل· وفي الوقت الحالي تطرح البرازيل مزادات على مناطق النفط وتفرض في المقابل رسوم امتياز وضرائب، علاوة على ذلك قد ترفع الحكومة الرسوم والضرائب على امتيازات النفط الكامن تحت طبقة الملح التي تعمل فيها بالفعل بتروبراس وشركاؤها الأجانب وهي الامتيازات التي يقول المسؤولون: إنها ستراعى· وتبحث الحكومة أيضا رفع حصتها في بتروبراس، لكن فكرة شركة النفط الوطنية الجديدة مثيرة للجدل، وقال جوزيه سيرجيو جابريلي الرئيس التنفيذي لبتروبراس: إنه لا حاجة إلى شركة جديدة لإدارة الاحتياطيات· وأي محاولة لتغيير القواعد التي تحكم قطاع النفط من المرجح أن تلقى معارضة في الكونجرس، وقال أدريانو بيريز المدير السابق لدى وكالة النفط الوطنية البرازيلية: ''لماذا نغير نموذجاً حقق نجاحاً هائلاً في البرازيل ، نموذجاً يعود إليه الفضل في اكتشاف الاحتياطيات تحت طبقة الملح في المقام الأول؟''· وعلى أمل التأثير في الرأي العام يعتزم لولا غمس يديه في أول كمية نفط جديدة مستخرجة من تحت طبقة الملح الأسبوع القادم والحديث عن أهمية الاكتشافات على التلفزيون الوطني في السابع من سبتمبر المقبل يوم ذكرى استقلال البرازيل· وتعتزم القوات المسلحة إجراء مناورات بحرية في مناطق الاكتشافات لاظهار أن البرازيل مستعدة للدفاع عن ثروتها النفطية· ويحذر الخبراء من أن على البرازيل أن تخطو بحذر لتجنب الأخطاء التي جعلت دولا نامية أخرى تبدد موارد نفطية ضخمة بسبب سوء الإدارة والفساد· وقالت تيري كارل أستاذة العلوم السياسية بجامعة ستانفورد ومؤلفة كتاب معضلة الوفرة·· طفرات النفط ودول البترول: ''أحد أكبر المغريات والتي تفضي دائما إلى مشاكل هو محاولة تعجيل النمو والتحرك سريعا إلى نوع من القفزة الكبيرة إلى الأمام''· وأضافت: ''لدى البرازيل كل مقومات النجاح· لكن عليهم التحرك بتؤدة والتزام الشفافية واجراء نقاش وطني عام بشأن ترتيب أولوياتهم،· إذا فعلوا ذلك فمن الممكن أن يكون مآل ذلك مختلفا عنه في أجزاء أخرى من العالم''·
المصدر: ساو باولو
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©