الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكونجو··· صراع مستمر بين الهوتو و التوتسي

الكونجو··· صراع مستمر بين الهوتو و التوتسي
29 أغسطس 2008 23:22
لسنوات عديدة، لجأت الميلشيات الأفريقية المتصارعة إلى استغلال عائدات الموارد الطبيعية الثمينة لتمويل النزاعات المسلحة وإدامة الحروب الطاحنة، ولعل الفيلم السينمائي الذي أنتجته ''هوليود'' في العام 2006 بعنوان ''الماس الدموي'' يوضح بجلاء هذا الموضوع· لكن يبدو أننا اليوم بصدد فيلم آخر قد يطلق عليه ''أبقار الدم''· فقد أقدمت المجموعات المتمردة التي تحارب بعضها البعض في جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى سرقة قطعان الأبقار لتمويل حرب ترجع بجذورها إلى حرب رواندا والإبادة الجماعية في العام 1994 التي خلفـــت أكثر من 800 ألف قتيل· والواقع أن جمهورية الكونجو الديمقراطية بأراضيها الشاسعة وطبيعتها الهشة لطالما عانت من الصراعات المسلحة لما تزخر به من ثروات طبيعية كالذهب والنحاس واليورانيوم، فضلاً عن معادن أخرى ثمينة تستخدم في الصناعات الإلكترونية· وإذا كان التنافس في السابق قد احتدم على المعادن والغابات كموارد أساسية لتمويل الحروب وشراء الأسلحة، فقد انصب تركيز الميلشيات المسلحة اليوم على قطعان الأبقار لسهولة الوصول إليها· ويعبر عن هذا الواقع المستجد في جمهورية الكونجو الديمقراطية ''ألفا سو''، مدير المكتب المحلي لبعثة الأمم المتحدة في الكونجو قائلاً: ''إن الأمر شبيه باستغلال المعادن الثمينة لأغراض الحرب، ذلك أن جزءاً من الأموال المتحصل عليها تذهب إلى شراء الذخيرة''· ورغم التوصل إلى اتفــــاق لوقــــف إطـــلاق النـــار في شهر يناير الماضي بين الجيـــش الكونجولي واثنين من الفصائل المتمردة، حيث نشرت بعثة الأمم المتحدة قواتها لرعاية الاتفاق، إلا أنه سرعان ما تجددت المواجهات المسلحة بعدما استغل الفصيلان فترة الهدنة لتعزيز مواقعهما في محافظة ''كيفو'' الشمالية ولتتسارع سرقة قطعــان الأبقـــار· ويصف المزارع ''جيرفيس روهوبيكا''، كيف تعرضت المنطقة إلى عملية سطو واسعة على أيدي ميلشيات الهوتو المعروفة باسم التحالف الكونجولي للمقاومة الوطنية، موضحاً ذلك بقوله: ''لقد جاءوا جماعات وأقدموا على السرقة ليل نهار''· وقد رأى المزارع الذي يمتلك مزرعة لتربية الماشية والأبقار في منطقة قريبة من مدينة ''جوما'' الشمالية كيف تراجع قطيعه من 200 رأس إلى ·120 والأكثر من ذلـــك، حسب المزارع، أن السرقة لم تقتصر على الميليشيات المسلحة، بل امتدت أيضاً إلى الجيش الكونجولي نفســـه· ونتيجة لذلك شهدت أسعار اللحوم ارتفاعاً كبيراً بسبب ازدهار السوق السوداء التي تباع فيها القطعان المسروقة· وفي هذا الإطار يقول ''أنطوني نزوفو''، مدير مسلخ بالقرب من بحيرة كيفو: ''لقد جاءت عناصر من التحالف الكونجولي للمقاومة الوطنية وسرقت القطيع بأكمله، وقاموا بسحبه إلى منطقة يسيطر عليها المتمردون غرب البلاد''· وفيما تساهم سرقــــة الأبقـــار في تمويل الحرب التي يقودها المتمردون ضد الجيش، أو في صراعاتهم مـــع بعضهم البعض، إلا أنها أيضاً تستخدم كحرب نفسية· فبالإضافة إلى التحالف الكونجولي للمقاومة الوطنية، هناك مجموعة أخرى يسيطر عليها التوتسي وتدعى ''المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب'' تأخذ على عاتقها الدفاع عن نمط الحياة التقليدي للتوتسي القائم على تربية قطعــان الماشية والأبقار، إذ عادة ما تُقاس ثروة المزارع بعدد رؤوس الأبقار التي يملكها· وتضيف إحدى الباحثات في الشؤون الأفريقية بمنظمة هيومان رايتس ووتش قائلة: ''لا شيء يغضب التوتسي ويثيـــر نقمتهــــم أكثر مــن سرقـــة قطعانهم''· وتذهب الباحثة إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن القرى والقطعان يمكن للتوتسي من خلال ذراعهم العسكرية والمتمثلة في المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب أن تكون قاسيةً جداً، حيث أقدم في شهر أبريل الماضي على قتل أكثر من مائة مدني بعضهم من العجزة والأطفال عندما تعرضت قراهم للهجوم· ويرجع الصراع الحالي بين الفصائل المسلحة وسرقة الماشية والأبقار إلى جريمة الإبادة الجماعية في رواندا عندما فر مليون من ''الهوتو، الذين شارك العديد منهم في المجازر، وعبروا الحدود إلى شرق الكونجو· وبسبب ظروفهم الصعبة وحاجتهم إلى الطعام قضوا على قطيع الأبقار في محافظة ''كيفو'' الشمالية، وهو ما عبر عنه ''كاسوكو وا نجيو''، أحد رجال الأعمال بالمنطقة ورئيس جمعية مربي الماشية قائلاً: ''لقد فقدت 7 آلاف من القطيع في ظرف أسبوعين''· ومع أن المناطق الكونجولية القريبة من رواندا استعادت بعض قطعانها في السنوات الأخيرة من خلال شراء أبقار جديدة، إلا أن عودة المواجهات بين الميليشيات التابعة للهوتو والأخرى الممثلة للتوتسي تهدد باستمرار سرقة الأبقار واحتدام الصراع· ألكس هالبرين وجينا مور -جمهورية الكونجو الديمقراطية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©