الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الأميركي··· على المحك

الاقتصاد الأميركي··· على المحك
29 أغسطس 2008 23:22
التاريخ العسكري يكتبه المُنتصرون، أما التاريخ الاقتصادي فتكتبه إلى حدّ ما البنوك المركزية، وفي الحالتين عليك أن تأخذ آراء المسؤولين الرسمية بدرجة كبيرة من الحذر، ولسوء الحظ، فإن من الصعوبة بمكان أن تتغلب الحقائق على المعتقدات المزيّفة، وتلعب تلك الآراء المزيّفة دوراً بارزاً في الأبحاث المتعلقة بالسياسات الاقتصادية· حتى نضع أيدينا على الأوضاع الراهنة فيما يتعلق بالآراء التي تُطرح بشأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لا يوجد مكان أفضل لذلك من البدء فيما ذكره رئيس البنك السابق ''آلان جرينسبان'' في كتابه ''عصر الاضطراب''، فالاحتياطي الفيدرالي كان على صواب في كل ما فعله ''جرينسبان'' خلال فترة ولايته 1987 - ،2006 دعونا نأخذ نظرة أكثر تعمقاً، هل كانت هنالك أي أخطاء أو أنماط سياسات غير سوية خلال فترة ولاية ''جرينسبان''؟ خلال ولاية ''جرينسبان'' نمت المبيعات الاسمية النهائية بمعدل 5,4 بالمائة سنوياً، هذا يعكس مجموع النمو الحقيقي للمبيعات بمعدل 3 بالمائة، مضافاً إليه التضخم بمعدل 2,4 بالمائة، الانحراف الأول من هذا التوجه بدأ بعد فترة وجيزة من تولي ''جرينسبان'' رئاسة مجلس الاحتياط الفيدرالي، واستجابة لانهيار السوق المالي في أكتوبر عام ،1987 فتح البنك مفاتيح مضخة ماله، وعلى امتداد السنة اللاحقة ارتفعت نسبة المبيعات النهائية 7,5 بالمائة وهو معدل أعلى من المعتاد· بعد أن ذهب البنك المركزي بعيداً جداً، تحوّل ليعود مرة أخرى في الاتجاه المعاكس، وكان من نتيجة التشديد الذي فرضه الاحتياطي الفيدرالي حدوث تراجع اقتصادي معتدل في عام ،1991 وما بين عام 1992 وحتى 1997 كان النمو في القيمة الاسمية للمبيعات النهائية مستقراً، بيد أن الانهيارات المتلاحقة التي لحقت ببعض العملات الآسيوية، والروبل الروسي، وإدارة صندوق الأمان طويل الأمد، وأخيراً ما أصاب الريال البرازيلي، أدى كل ذلك إلى قيام البنك بضخ كمّيات زائدة من السيولة، الأمر الذي أدى إلى انتعاش في أرقام المبيعات الاسمية النهائية· أعقبت ذلك دورة أخرى من التشدد من قبل الاحتياطي الفيدرالي ترافق مع انفجار فقاعات الأسهم في عام 2000 وانخفاض في النشاط الاقتصادي، وكانت آخر قفزة كبيرة في نسبة المبيعات النهائية الاسمية نتيجة لقيام الاحتياطي الفيدرالي بضخ سيولة في الأسواق لمعالجة مخاوف الانكماش المزيَّف الذي وقع عام ،2002 في ذلك الوقت، كانت الزيادة السنوية في جدول الأسعار بالنسبة للإنفاق الشخصي الأساسي الاستهلاكي ينحدر إلى ما هو أدنى إلى 1 بالمائة، بحيث أعطى إشارة بوقوع انكماش اقتصادي، خلال ولاية ''جرينسبان''، تبدو الحقائق واضحة، كان رد فعل مجلس الاحتياط الفيدرالي للأزمات الحقيقية أو المُفترضة رداً مبالغاً فيه وخلق ثلاث فقاعات للطلب في فترة ما بعد الأزمات، وقد تبع تلك الفقاعات تشديد في السياسة النقدية والذي كان ضرورياً للقضاء عليها· إن الانكماش الحالي في الاقتصاد الأميركي يحمل جميع علامات ''الدورة الاقتصادية النمساوية''، في مثل هذا النمط من الدورات، فإن انتعاشاً في توافر السيولة يؤدي إلى ارتفاع في مستوى الأسعار ويؤدي في النهاية إلى زرع بذور حدوث انكماش اقتصادي· الدورة الاقتصادية الأميركية والأوروبية التي جرت في أواخر 1920 وأوائل الثلاثينيات كانت نموذجاً للدورات النمساوية التقليدية، والازدهار الياباني، ثم الانهيار الذي وقع في أواخر الثمانينيات، كان أيضاً تجسيداً لشكل من أشكال الدورة النمساوية، وبموجب الدورة النمساوية، تلعب البنوك دوراً مفصلياً سواءً في الصعود أو في الهبوط، فعندما تتكشف دورة الهبوط، تبدأ أسعار الموجودات بالانكماش، ونتيجة لذلك، فإن رؤوس أموال البنوك تصبح مهددة وتجهد البنوك لإعادة بنائها· يكون الاقتصاد مكشوفاً لما يسميه علماء الاقتصاد في المدرسة النمساوية بالانكماش الثانوي، حيث تستدعي البنوك القروض وتُصبح متشددة في إعطاء تسهيلات مالية أخرى، أما العائلات فتُنتج صيغتها الخاصة بها، حيث تُسيّل الموجودات الأكثر تعرضاً للخطر (مثل سندات الصناديق المشتركة) وتُحول موجوداتها إلى نقد وإلى سندات حكومية، وبالنسبة للاقتصاد بشكل عام، تُعاني الاستثمارات ويعاني الاستهلاك سواءً بسواء· عندما يقع هذا السيناريو، فإن صفقة الإنقاذ التي يعمد الاحتياطي الفيدرالي إلى اتخاذها تصبح موضع شكّ، ذلك أن البنوك تُصبح أكثر تشدداً في إعطاء التسهيلات وتعمد إلى إعادة بناء أرصدتها وتستخدم السيولة المتوافرة لديها لشراء السندات الحكومية، وباختصار، فإن آلية خلق السيولة تتعثّر وتصبح غير قابلة للتنفيذ· فإذا كان هناك إمكانية بأن تفشل السياسة النقدية في إنقاذ الاقتصاد الأميركي المُنكمش، ماذا إذاً عن سياسة الدولة المالية؟ لقد وقّع الرئيس ''بوش'' على صفقة إنعاش للاقتصاد بقيمة 170 بليون دولار في 13 فبراير الماضي، معظم ذلك المبلغ كان على شكل حسم ضريبي -شيكات من الحكومة، الفكرة وراء ذلك هي أن الناس سوف يتراكضون لإنفاق هذه الثروة التي نزلت عليهم وأن الاستهلاك سوف يشهد نشاطاً· هناك مشكلة فيما يتعلق بهذا النمط من السياسة المالية الكينزية (نسبة إلى رائد المدرسة النقدية)، فالناس يُقيّمون استهلاكهم بالنسبة للمتغيرات في توقعاتهم بعيدة المدى أو مداخيلهم (الثابتة)، ولا يعطون سوى أقل اهتمام للتغيرات المرحلية، ونتيجة لذلك، فإن الحسم الضريبي لمرة واحدة -مثل تلك التي حصلت في عام 1975- لا يؤدي إلى مزيد من الاستهلاك، ذلك لأنه لا يغير من مداخيل الناس الثابتة، وحيث يغرق الاقتصاد الأميركي، تُستخدم الوسائل النقدية والمالية لرفعه وانتشاله· ولكن هناك أسباب قوية للشكّ في فعالية تلك العمليات الإنقاذية· ستيف إتش· هانكي كبير زملاء في معهد كيتو - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة مصباح الحرية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©