الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروجواي تغتال الفرحة في عيون «أمة قوس قزح»

أوروجواي تغتال الفرحة في عيون «أمة قوس قزح»
18 يونيو 2010 23:32
غرقت جنوب أفريقيا أو “أمة قوس قزح” في بحر من الحزن العميق منذ الليلة قبل الماضية وصمتت “الفوفوزيلا” للمرة الأولى منذ بداية المونديال والذي يقام على أراضي جنوب أفريقيا، وكانت خسارة “البافانا بافانا” أمام الأورجواي بثلاثية نظيفة بمثابة الجرح الذي أصاب كبرياء البلد التي كانت تعيش في فرحة كبيرة منذ أن انطلقت ضربة البداية لهذه البطولة وكانت الآمال الكبيرة معقودة على أن تكون الفرحة فرحتين، الأولى بالاستضافة، والثانية بقدرة “الأولاد” على المضي إلى أقصى مدى ممكن في هذه البطولة. وعمت حالة من الصمت الرهيب شوارع جوهانسبرج، فالوجوم يكسو الوجوه التي كانت تحتفل قبل ساعات قليلة من المباراة بيوم الشباب وهو الذي يعتبرونه في جنوب أفريقيا عيداً سنوياً قلب حياتهم وغير مجراها بعد أن كان المحرك الأول لأعمال النضال ضد سياسات الفصل العنصري التي كانت تحكم البلد. كما أن الجميع منذ الصباح الباكر كانوا يعدون العدة لليلة تاريخية تمنحهم الفوز وتقربهم بشكل كبير من بلوغ الدور الثاني وتبعدهم عن حسابات الجولة الأخيرة، ووقف الجميع في الملعب خلف الفريق في ملعب اللوفتس في بريتوريا وغصت المدرجات بجماهير “البافانا بافانا” قبل المباراة بساعات متحدين البرد القارس الذي يجتاح جنوب أفريقيا هذه الأيام، والذين لم يكن بمقدورهم حضور المباريات تجمعوا في حدائق المشجعين العشر التي تنتشر في المدن المستضيفة لكي يحسوا بدفء التشجيع لمنتخب بلادهم والذي أنساهم البرد ودرجة الحرارة التي قاربت الصفر. وكان معظم الشعب متسمراً أمام التلفزيون في انتظار البداية التي كانوا يفكرون فيها منذ نهاية مباراة الافتتاح أمام المكسيك وما زاد من تفاؤلهم هو المستوى الذي قدمه الفريق في الشوط الثاني بالتحديد من تلك المباراة فوضعوا الآمال الكبيرة على تشابالالا وزملائه في إهداء البلاد نصراً كروياً يفخرون به ويتباهون أمام العالم بعد أن أبهروه تنظيمياً منذ بداية استضافة الحدث. كل هذا التفاؤل والثقة واللهفة ذهبت أدراج الرياح، وهم يرون الفريق “الأصفر والأخضر” يغرق في هزيمة لم تكن عادية بل كانت قاسية. يقول أحد الذين التقيتهم في اليوم التالي للمباراة إن هذه الهزيمة لم تكن محرجة وحسب بل كانت تحمل كل معاني الإذلال، وأضاف أن اللاعبين ومعهم المدرب بيريرا قد خذلوا الجميع ولم يكونوا على مستوى الحدث. كانت ليلة مباراة الأوروجواي حزينة بالفعل، ولكن الحزن لم ينته، فاليوم الذي أعقبها لم يكن سوى توابعها التي ألقت بظلالها على المدينة بأسرها، وعندما تكون معدلات التفاؤل في أي مكان في القمة يكون السقوط في منتهى الصعوبة والقسوة وكذلك كان الحال في جنوب أفريقيا وجوهانسبرج، إذ لم تسهر الجماهير تلك الليلة كما كانت عادتها ولم يتجمعوا أمام تمثال نيلسون مانديلا في ساحته الشهيرة في ساندتون ليغنوا ويرقصوا فالموقف كان صعباً على الجميع، حيث توقفت الحياة بشكل كلي وقبع السكان المحليون في منازلهم ولا نستطيع القول إنهم فضلوا النوم إذ لا نعتقد أن هناك أحداً من الذين شاهدوا تلك المباراة “الكابوس” قد استطاع أن يغمض جفنه، وهو يتذكر الثلاثية وطرد الحارس ودموع الأطفال بعد تلك المباراة. إبراهام جيفورد صحفي من جنوب أفريقيا حاول أن يصف الحالة التي أصابت البلد في أعقاب الخسارة القاسية فيقول إن أكثر المتشائمين لم يكن ليتوقع أن يخرج الفريق بهذه الهزيمة المشينة، حيث إن كل الأنباء التي كانت تأتي من معسكر الفريق قبل المباراة وتصريحات المدرب واللاعبين كلها كانت توحي أنهم مستعدون لتقديم هدية كبيرة إلى شعبهم في اليوم الذي يحتفلون به في كل عام. أضاف: في 90 دقيقة تحطمت الآمال وأصبح منتخب جنوب أفريقيا مرشحاً لدخول التاريخ من أبوابه الخلفية. وتابع: “نعم فنحن بنسبة شبه مؤكدة سنكون أول منتخب دولة مستضيفة يخرج من الدور الأول للمونديال”، وتلك الليلة لن ينساها الناس في جنوب أفريقيا بسهولة ومن الصعوبة أن يتخيل الناس أنهم سيقومون بواجب الضيافة للعالم بينما هم خارج السباق بهذه السرعة. ولم يكن ابتلاع الهزيمة أمراً هيناً على الناس الذين كانوا يعلقون آمالاً كبيرة على هذه المباراة ولذلك كان الحديث يخرج من أفواههم برائحة المرارة والحسرة على الحلم الذي اقترب من الضياع. ويصب أحد المشجعين جام غضبه على اللاعبين ويقول إن هذه المجموعة توافر لها كل شيء وحصلوا على فترة إعداد لم يحصل عليها أي فريق في تاريخ البلاد، ومع ذلك لم تكن لديهم القدرة على مجارة منتخب الأورجواي الذي أتيحت له فرصة لم يحلم بها، مشيراً إلى أن الضيوف نزلوا إلى أرض الملعب وهم في منتهى الخوف من الجمهور الذي كان يشجع بكل حماسة ولكنهم واجهوا لاعبين أشبه بالحملان الوديعة فلم يجدوا صعوبة في حسم المباراة، واختتم كلامه قائلاً: “لقد انتهى كل شيء، نحن خارج البطولة”. وفي أكوام الحزن الكبيرة وقمة التشاؤم كان لابد من وجود أولئك الذي ينظرون للحياة بعين التفاؤل، والتقينا أحدهم وهو يلوح بعلم جنوب أفريقيا فسألناه عن وضع المنتخب خلال الفترة المقبلة فأجاب بالقول إن الأمور لم تنته بعد، مؤكداً ثقته في قدرة “البافانا بافانا” على الذهاب إلى الدور الثاني مطالباً المدرب بتغيير طريقته المتحفظة والاعتماد على لاعبي ارتكاز مدافعين وضرورة الدفع بمهاجمين في خط المقدمة. وأضاف أنه على كارلوس البرتو أن يقامر في المباراة المقبلة والتي ستكون مباراة حياة أو موت على حد قوله، مؤكداً أنه لا يزال لديه الكثير من الإيمان بقدرة الفريق في الفوز على فرنسا وتجديد الأمل ودعا هذا المشجع جماهير “البافانا بافانا” لعدم الاستسلام وأن يطلقوا العنان لـ”الفوفوزيلا” في دعم الفريق.
المصدر: جوهانسبرج
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©