الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تغير مفاجئ

تغير مفاجئ
14 ابريل 2015 00:38
هناك سؤال كلاسيكي، ماذا حدث ويحدث في العالم؟ خاصة الشرق الأوسط، وماذا ألم بمجتمعاتنا التي كانت متماسكة؟ إن ما يشبه الانقلاب يحدث الآن في نمط حياة الإنسان وتصوراته ومفاهيمه، المادية منها وغير المادية، فقد كان الإنسان قبل عقود مشبعاً لاحتياجاته المادية والروحية، راضياً بنصيبه، مجتهداً بكده وعرقه لتحسين ظروف حياته، وتحقيق رغباته، متكئاً على قيم ونسيج اجتماعي متماسك، قادراً أن يختار طريقة عيشه، وكيفية تربية أبنائه وتشكيل قناعاته الشخصية، بل إنه كان يختار البيئة التي يربي ويعلم فيها أبناءه، خاضعاً لمنظومة قيمية مجتمعية تقدس الأسرة، وتعتبرها كياناً مقدساً، يؤثر عميقاً في الفرد، وبالمقابل نجد أن المدن كانت تفرز قوانين ردعها الاجتماعي، وتعمل على تعزيز الهوية الوطنية الجماعية، من خلال علاقات إنتاج جديدة محورها العمل، أما الذين لجأوا من الريف إلى المدن فنجدهم قد زاوجوا بين قيم الريف والمدينة من دون إخلال، وفي اتساق واتزان مع القيم المدنية الجديدة، وهكذا، ومن خلال تفاعل الفرد مع محيطه، ترسخت مفاهيم وقيم، مولدة شعوراً وطنياً جارفاً، مسيجاً بنسيج اجتماعي متماسك، حافظ على المجتمعات خلال فترات الأزمات من الانهيار والتصادم والنزاع. وبما أن الإنسان ابن بيئته، فقد حدث تغير مفاجئ في نمط الحياة، وكان بمثابة انقلاب، هز البناء الاجتماعي، وتواكب مع ظروف اقتصادية ضاغطة ومرهقة للفرد، مع عدم اكتمال للتطور الطبيعي للمجتمعات،مما خلق فراغاً روحياً وجد فيه الإنسان أنه يساق إلى المجهول أو العدم. وفي هذا الواقع وجد الشباب أنفسهم بلا دليل وفي حالة انعزال مجتمعي، مما خلق شعوراً باللامبالاة والتسيب والبعد عن التسامح وقيم الإيثار، مستفيدين من التقدم العلمي والتكنولوجي بخلق واقع افتراضي هرباً من جحيم الواقع الاجتماعي والاقتصادي. وضعف دور الأسرة والفرد في المجتمع، وغابت القيم والمثل بسبب استثمارها سلبياً في الصراع السياسي لملء الفراغ الذي وجد الإنسان نفسه أمامه بعد تجريده من كل أسلحة المقاومة المعنوية والمادية (المجتمعية والفردية)، ومن ثمة تم ضرب النسيج الاجتماعي في مقتل، مما سمح ببروز الطائفة والقبيلة والعشيرة من جديد، واستغلال الدين لأغراض سياسية ودنيوية، ومن هنا غابت الهوية الوطنية الجامعة. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©