الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السبسي يستفيد من أزمة قطر لتقليم أظافر «الإخوان»

17 يونيو 2017 02:49
تونس (وكالات) رغم أن حركة النهضة الإسلامية «إخوان تونس» أكدت أنها تعلمت الدرس مما حدث للجماعة في مصر عام 2013، وقدمت تنازلات عن السلطة طوعاً لتشارك مع أحزاب علمانية في الحكومة الحالية إلا أنها طوال الوقت تعمل على إنها القوة المسيطرة على المشهد داخل تونس، بل وتخطط للعودة مجدداً للواجهة عندما تحين الفرصة المناسبة، وطوال الثلاث سنوات الماضية عاشت تونس في صراع خفى بين حزب نداء تونس – حزب الرئيس الباجي قائد السبسي والحركة الإسلامية على السيطرة على المشهد السياسي. هذا الصراع عجز خلاله الحزب العلماني أن يطيح بالحركة الإسلامية أو حتى ينجح في تحجيم نفوذها حيث ظلت الكيان الأكثر تنظيماً وفاعلية في الشارع التونسي، وقبل أشهر قليلة من الانتخابات البلدية الأولى في تونس – والتي تعتبرها الحركة الخطوة الأولى للعودة إلى سدة الحكم - والمقرر أن تجرى قبل نهاية العام الجاري، وقع ما لم يكن يتخيله الإخوان، حيث قرر العرب مواجهة مصدر الإرهاب في المنطقة والتصدي لقطر الحاضنة الأولى له الأمر الذي انعكس على الوضع التونسي الداخلي. المقاطعة التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر وعدد من الدول العربية والإسلامية والإفريقية الأخرى على الدوحة أدى إلى فقدان الإخوان في تونس للظهر والسند الإقليمي الذي ظل طوال السنوات الماضية يقدم الدعم للتنظيم الدولي ليفرض سيطرته على المنطقة، وقدمت أزمة قطر المتفاقمة فرصة ذهبية للرئيس التونسي السبسي ليسدد ضربات متوالية لحركة النهضة غريمة الأول على الساحة، لتقليم أظافره وتقويض دوره الداخلي والخارجي. تحركات الحكومة التونسية بدأت الواحدة تلو الأخرى، وكانت البداية من المفاجأة التي فجرتها صحيفة «الشروق» التونسية حيث أكدت أن الحكومة ستبدأ في منع تأسيس الكيانات والأحزاب والمنظمات والتيارات على أساس ديني واستعمال المرجعية الدينية لغايات سياسية، مشيرة إلى أن الدولة التونسية ملتزمة بمقررات وتوصيات قمة الرياض بخصوص محاصرة منابع الإرهاب، وأيضاً منع الكيانات والتنظيمات التي تستعمل الدين لغايات سياسية. وقالت الصحيفة، إن ما يحدث مع قطر هو من ضمن نقاط قمة الرياض، ومن النقاط الأخرى التي التزمت بها تونس وستنفذها قريبا هي منع تأسيس الكيانات والأحزاب والمنظمات والتيارات على أساس ديني واستعمال المرجعية الدينية لغايات سياسية، بالنظر إلى خطورة مثل هذه الكيانات على مقومات الدولة ومؤسساتها وتعارضها المطلق مع مفهوم الدولة الوطنية. وأوضحت الصحيفة أن الحكومة تعتزم إدخال تعديلات على مرسوم الأحزاب باتجاه منع تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو استناداً إلى مرجعية دينية باعتبار أن الدين الإسلامي هو القاسم المشترك بين التونسيين إلا أن الحسم في هذا الملف تأجل لعدّة أسباب من بينها أن معاناة من هو في الحكم بسبب استناده إلى مرجعية دينية. ثم جاءت الضربة الكبرى حين اتخذت السلطات أمس قراراً بحظر دخول عدد من القيادات الإخوانية المطلوبة في قضايا دولية لأراضيها، والذين تم إدراجهم في قائمة السعودية والإمارات والبحرين ومصر للإرهابيين الذين تدعمهم قطر، وذلك تماشياً مع عزم الدول العربية مواجهة الإرهاب، حيث بادرت خلال الساعات الماضية باتخاذ إجراء «منع حدود» في حق عدد من قيادات التنظيم الدولي للإخوان وفى مقدمتهم يوسف القرضاوي ووجدي غنيم وعصام عبد الماجد وغيرهم. تلك التحركات التي اتخذتها الحكومة التونسية تمت في هدوء وبعيداً عن الإعلام وفى وقت ألتزمت الدولة الرسمية بالحياد تجاه الأزمة بين الدول العربية وقطر، وأعرب السبسي عن استعداد تونس لبذل كلّ جهد من أجل تقريب وجهات النظر بين الدول العربية وقطر لدعمها الإرهاب والذي أدى إلى مقاطعتها، لافتا إلى أنه على استعداد للإسهام في تطويق الخلاف بما يسمح بعودة العلاقات سريعاً إلى سالف عهدها، معرباً عن ثقته في حكمة الأشقاء الخليجيين وقدرتهم على تجاوز هذه الأزمة. وبهذا الموقف المتوازن من جانب الدولة التونسية يكون السبسي تمكن من التجاوب مع مقررات القمة الإسلامية الأميركية في مكافحة الإرهاب، واستغل الأزمة لتحجيم الإخوان التي كانت تؤرق رأس السلطة، وهو يعلم أن الإخوان في تلك المرحلة تمر بمرحلة وهن لفقدان الداعم الأول لها «الدوحة». وتعيش حركة النهضة فترة اضطراب داخلي لعدم تمكنها من توقع ما سيحمله المستقبل في ظل تزايد الدعم الدولي للموقف العربي من قطر، وبدأ مجلس شورى الحركة يدرس التطورات الإقليمية ليحدد موقفه ويبدو أن خيار التخلي عن الدوحة مطروحاً على الطاولة لتنجو الحركة من الطوفان المقبل، وهو ما بدا من تصريحات المتحدث الرسمي باسم الحركة عماد الخميري، والذي أعلن فيه أن النهضة لن تعلن اصطفافها إلى جانب قطر، وستلتزم الحياد. وقال الخميرى إن موقف الحركة لن يخرج عن الموقف الرسمي للدولة، وسيظل منسجماً تماماً مع منطق حماية المصالح العليا للدولة التونسية، قائلاً «نحن حزب مشارك في الحكم ونعتقد أن السياسة الخارجية لا يجب أن تكون موضع خلاف بين الأحزاب السياسية»، مشيراً إلى أن الحركة اكتفت بالتعبير عن انشغالها بالخلافات في الخليج العربي، وأكدت أن ما يحدث يضر بالمصالح العربية ودعتهم للحوار وتغليب منطق العقل والتهدئة، وأبرز الخميري أنه «في الديمقراطية لا يوجد خلاف في علاقة بالموضوع الدبلوماسي والقضايا الخارجية». وبعدها بساعات خرج رئيس الحركة راشد الغنوشي عن صمته ليغازل الرياض ويستجديها لإنهاء الخلاف مع قطر، حيث وجه نداء إلى خادم الحرمين الشريفين، العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، «أن يجمع كل أبنائه مجدداً على طريق واحد»، بما يؤدي إلى حل الأزمة الراهنة مع قطر، مؤكداً على متانة العلاقات التونسية السعودية قائلًا «كان للمملكة علاقات جيدة مع تونس قبل الثورة وبعد الثورة وهي مركز قبلة كل المسلمين». وتابع «هم كلّهم إخواننا ونأمل أن يعودوا إلى وحدة الصف ووحدة القلب وإلى التعاون ونشاط مجلس التعاون الخليجي مجدداً، ليس في تحقيق المصالح المادية فقط، بل أيضاً في تحقيق المصالح الأخوية والروحية والسياسية»، مضيفاً «أملنا في كل الأطراف التي تمر عليها سحابة من اختلافات الرأي، ونأمل ألا ينقضى هذا الشهر إلا وعادت حبال الود والتواصل بين إخواننا في موطن قبلة المسلمين». الرئيس التونسي يستقبل وزير الخارجية القطري ساسي جبيل (تونس) تطرق اللقاء الذي جمع بتونس، الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية القطري سلطان بن سعد المريخي، إلى مستجدات الأوضاع على الساحة الخليجية والمساعي المبذولة لتطويق الخلافات القائمة. وعبّر قائد السبسي أمس الجمعة، عن انشغاله بما آلت إليه الأمور مؤكداً على أهمية تجاوز هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن من خلال الحوار وفضّ الإشكاليات القائمة والعمل على التهدئة وتجنب التصعيد وإعطاء الفرصة لأمير دولة الكويت الشقيقة لمواصلة مساعيه الحميدة لتجاوز هذه الخلافات وتطويقها، وفق ما جاء في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية. من جانبه، عبر وزير الدولة للشؤون الخارجية القطري عن تقدير بلاده الكبير لرئيس الجمهورية التونسية على رؤيته الحكيمة ودعوته كل الأطراف إلى الحوار والتفاهم لما فيه خير المنطقة الخليجية والعربية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©