الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما ومرحلة تشذيب الطموحات

أوباما ومرحلة تشذيب الطموحات
10 نوفمبر 2009 23:08
دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي لم يكن لدى أوباما الكثير من الوقت للتفكير في النتائج الكاشفة التي أظهرتها مسوحات المراجعة لأدائه بعد عام تقريباً على انتصاره في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2008، التي فاز فيها بـ 53 في المئة من مجموع أصوات الناخبين، و365 من أصوات المجمع الانتخابي، فقد كانت لديه أرقام أخرى يفكر فيها. ففي يوم الجمعة الماضي، أعلنت مصادر وزارة العمل أن البطالة قد وصلت إلى نسبة قياسية لم تصل إليها خلال الـ 26 عاما الماضية، وهي 10.2 في المئة تقريبا. وفي وقت أسبق من الأسبوع الماضي، وتحديداً في ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي، اللتين كانتا من الولايات المؤيدة لأوباما في الانتخابات الماضية، تمكن "الجمهوريون" من الفوز بانتخابات الحكام في الولايتين بفارق 17 في المئة و5 في المئة من مجموع الأصوات على التوالي. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل نجد أن نسبة تأييد الرئيس، والتي كانت قد وصلت إلى رقم مذهل عقب تنصيبه، وهو 78 في المئة هبطت في الوقت الراهن إلى رقم هزيل وهو 50 في المئة فقط. وانتخابات الولايات، والانتخابات المحلية، غالباً ما تترافق مع فورة من النشاط، ومع حالة انتخابية صاخبة، وهو ما حدث في ذينك الولايتين، وأدى إلى التشويش على الرسالة، التي توصلها نتيجة الانتخابات التي أعلنت الثلاثاء الماضي لفريق أوباما. الوضع يختلف بالطبع في باقي الولايات، حيث يبدو أنه ليس ثمة ما هو معقد فيما يتعلق بمشاعر الجمهور: فالناخبون في 50 ولاية يعربون عن عدم رضاهم عن الاقتصاد، وعن غضبهم من غلبة الممارسات الحزبية في واشنطن، وعن إحباطهم بسبب إخفاق أوباما في الوفاء بتوقعاتهم التي بالغوا فيها. بالنسبة لـ"الديمقراطيين" كان الرقم المتعلق بالبطالة، هو الأكثر إثارة للقلق خصوصاً بعد أن أصبح هو العنصر الجوهري في الحجج التي يسوقها "الجمهوريون" للتدليل على أن سياسات أوباما قد مُنيت بالإخفاق، بصرف النظر عن حقيقة أن البديل الذي يطرحونه لهذه السياسات، والذي يقوم على تقديم حزمة حوافز أقل من تلك التي قدمها أوباما، لم يكن ليؤدي إلى نتيجة أفضل من تلك التي أدت إليها سياسة أوباما. ويقول "ديفيد وينستون" الخبير الاستراتيجي "الجمهوري" إنه عندما يرتفع مستوى البطالة إلى مستوى قياسي معين، فإن السبب في ذلك عادة يكون داخليا وليس خارجياً. وهو يعزو ما يراه أنه إخفاق لأوباما في تحقيق الوعود التي كان قد قدمها في حملته الانتخابية، إلى حقيقة أن الرئيس قد ركز في الشهور الأولى بعد تنصيبه تماماً على الاقتصاد، فكان من الطبيعي أن تصبح نسبة تأييده مرتفعة، ولكن عندما اضطر بعد ذلك إلى تشتيت انتباهه، والتركيز على عدة أشياء في وقت واحد مثل الرعاية الصحية، والمناخ وأفغانستان، انخفض أداؤه وأصبحت نسبة تأييده أقل مما كانت عليه. يرد بعض مسؤولي البيت الأبيض على ذلك الزعم بالقول إن وعود أوباما لم تكن متعلقة بالاقتصاد فحسب، وإنما بدفع السياسات الأميركية في المجالات المختلفة إلى ما وراء حدودها المعتادة. إذا ما كان الأمر كذلك، فإن هناك رقمين آخرين يجب أن يدفعا الرئيس للتوقف قليلًا. فعندما سأل استفتاء أجراه معهد جالوب الناخبين الأسبوع الماضي عما إذا كان أوباما قد التزم بالوعود التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، كان رد 48 في المئة منهم بالإيجاب. وعندما سئلوا عما إذا كان أوباما "ليبرالياً" أو معتدلًا قال 54 في المئة أنه "ليبرالي"، وهو ما يمثل قفزة كبيرة مقارنة بنسبة 43 في المئة يوم الانتخاب في عام 2008. ولكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للاثنى عشر شهراً القادمة؟ بالنسبة للنقاش حول الرعاية الصحية، فإن ذلك سيعني أن "الديمقراطيين المعتدلين" في الولايات المتأرجحة، أي الولايات التي لم يكن موقفها معروفاً على وجه التحديد في الانتخابات السابقة قبل يوم الاقتراع، والذين منحوا أوباما الأغلبية التي مكنته من الفوز بتلك الانتخابات، سوف تكون أكثر تردداً. وعلى أوباما أن يطمئن الناخبين خلال الأسابيع القليلة القادمة، بأنه لم ينس موضوع الوظائف التي كان قد وعدهم بها. في هذا السياق، علينا أن نتوقع أن الرئيس لن يقصر حديثه على خطة الحفز الاقتصادي الأصلية - التي كانت تأثيراتها حقيقة، ولكن مخيبة للآمال في ذات الوقت، ولكن عن إجراءات جديدة ينوي القيام بها لتقديم خطة حفز ثانية سرية، تتضمن ما أعلنه الأسبوع الماضي عن مد مزايا البطالة لتشمل المزيد من الأميركيين، وتوسيع نطاق الإعفاء الضريبي لمشتريي المنازل، ومنح علاوة مقدارها 250 دولارا للأشخاص الذين يتلقون إعانات ضمان اجتماعي. ويلاحظ أن أوباما ومساعديه قد تخلوا في الأسابيع القليلة الماضية عن أي ادعاء بأنهم أشخاص متجاوزون للحزبية أو فوق الحزبية، حيث ردوا على كل هجوم شنه "الجمهوريون" عليهم بهجوم مماثل، أو حتى أكثر عنفا. ليس هذا فحسب بل إنهم شنوا حملة ضد شبكة "فوكس نيوز"، وكانت حجتهم في ذلك أن الهجوم الذي شنه "الجمهوريون" على الرعاية الصحية، كان من النوع الذي لا بد، وأن يواجه بهجوم مضاد قوي. قد يكون لهذه الحجج وجاهتها، ولكن لاشك أن الغضب الذي وسم ردود فعلهم قد دمر الصورة التي حاول أوباما أن يرسمها لنفسه كرئيس وسطي متجاوز للحزبية. حول هذه النقطة يقول "أندرو كوهوت" من "مركز بيو للأبحاث": "عندما لا تمضي الأشياء بشكل جيد في الاقتصاد، فإنك يجب ألا تتوقع من الناس أن يقولوا إنهم يؤيدون الرئيس. ولكن ما لا شك فيه أنه قد حافظ على ثقة الجمهور، وأن الناس يحبونه". إن أرقام الأسبوع الماضي، تدل على أن السياسات الأميركية قد عادت إلى حالتها العادية، وهذا لا يعني أن رئاسة أوباما قد أخفقت، فهي أبعد ما تكون عن ذلك، ولكنها تعني أن طموحاته التي بدت ذات يوم بلا حدود، سوف يطالها التشذيب الآن. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©