الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شريعة الذيد.. محطة التقاء القوافل والتزود بالماء والغذاء

شريعة الذيد.. محطة التقاء القوافل والتزود بالماء والغذاء
13 ابريل 2013 20:57
شريعة الذيد أحد أهم الأفلاج، التي كانت محطة تستريح فيها القوافل وتتزود بالماء والغذاء، وهي ضمن منظومة الأفلاج المنتشرة في كثير من المناطق في العالم، التي يوجد بعضها في واحات الإمارات القديمة، وتحول إلى مدن مثل العين والذيد، وكذلك فلج المعلا في أم القيوين، وأصنابي، الذي يقع بين الذيد وفلج المعلا، بالإضافة إلى أفلاح كثيرة في الشارقة وعجمان والفجيرة ورأس الخيمة. لا يعرف أحد البداية التاريخية لهذا النظام في الري، لكنها أنظمة تعمل على رفع الماء من الأحواض الجوفية القريبة من الجبال، في رحلة طويلة إلى السهول الصالحة لزراعة النخيل والحبوب، وفلج الذيد أحد هذه الأفلاج، ولم يتم تحديد تاريخ إنشائه، لكنه تسبب في إيجاد واحة الذيد، وقد ذكرت في شعر الماجدي بن ظاهر الشاعر الكبير ذائع الصيت، الذي كان يعد فيلسوف عصره في الحكمة، ويقال إنه ولد سنة 1532م، أي منذ 481 سنة تقريباً، وتغنى بها، وكانت من أكثر المواقع التي وردت في قصائده. محطة للقوافل وشكلت الواحة وفقاً لما ذكره مدير بلدية الذيد علي بن مصبح الطنيجي، محطة التقاء القوافل العابرة للإمارات، حيث كانت شريعة الذيد نقطة الالتقاء ومكان التزود بالماء والغذاء قبل مواصلة الرحيل، في قوافل متواصلة تذرع أرض الإمارات، مشيراً إلى أن فلج الذيد يسمى الشريعة، ويتكون من أربعة روافد وأفلاج جانبية، تشكل في النهاية رافداً رئيسياً، وهذه الأفلاج هي الحرملي والثمامى والبردي ومليحة، ومعظمها تنطلق من أحواض جوفية من الجبال الجنوبية الشرقية، التي تطل على مدينة الذيد من تلك النواحي، وتبعد عنها مسافة عشرين كيلومتراً شرقاً. وعن الحالة التي آلت إليها شريعة الذيد في الفترة الحالية، قال إنها تحتاج إلى عملية إنقاذ سريعة قبل أن تندثر، حيث أثرت فيها عوامل كثيرة مثل انعدام الصيانة لمجرى الماء وكثرة الآبار الارتوازية، التي حفرت قرب المجرى، والجفاف المستمر في المنطقة، وقد قامت بلدية الذيد بإنقاذ مزارع النخيل القديمة، بحفر مجموعة كبيرة من الآبار، لدعم المياه الضحلة الباقية في الشريعة، وتنوي مشاركة وزارة البيئة والمياه، لإنقاذ «الشريعة» وإعادة الحياة إليها، موضحاً أن شريعة الذيد، كانت محطة إستراتيجية لالتقاء القوافل المقبلة إلى إمارة الشارقة، أو الخارجة منها إلى مناطق أخرى في المنطقة الشرقية، ولذلك علينا أن نعيد لهذا المكان أمجاده، حيث كان الناس يسافرون على الإبل إلى كلباء وخورفكان ودبا مسافي، وأيضاً إلى البثنة وإلى سلطنة عُمان، وكان أهل الإمارات يأتون من كل مكان لقضاء وقت بجانب الفلج، ويستمتعون بمشاهدة المياه الجارية التي تمر وتروي بساتين المزارعين القدامى، وكانت المياه تأخذ طريقاً في مشهد خلاب عبر الفلج. كبار السن ولا يزال مشهد تلك القوافل مضيئاً في ذاكرة بعض رجال الذيد كبار السن، ولا يزال الجيل الذي ولد في الخمسينيات يتذكر تلك الرحلات، التي كان يقوم بها آباؤهم إلى فلج الذيد أو الشريعة، فقط من أجل أن يعيشوا لحظات ذكرياتهم القديمة، كما لا تزال تلك المشاهد تتراءى حين كان الرجال يستحمون في المياه الجارية، طلباً للبرودة ومن أجل المتعة بالسباحة في مكان وافر المياه، وفي الوقت ذاته تجلس النسوة بجانب المياه الجارية، وبجانبهن القهوة والرطب وبعض الفواكه الشعبية الخاصة بموسم الصيف. وتلك أشجار النخيل الباسقة التي جفت في مرحلة من مراحل الطفرة، نتيجة تدني مستوى المياه، عادت لتنهل من معين «الشريعة»، بعد أن تم مد وريد المياه عبر ضخ المياه بطرق حديثة؛ لأن حكومة الشارقة، لا تألو جهداً في سبيل المحافظة على معلم من المعالم الأثرية أو رمزاً من الرموز التراثية، التي كانت أحد أسباب كون الذيد واحة خضراء قديماً، والجهود جارية لإعادة الأمور إلى أوضاع أفضل. مزارع النخيل وفلج الذيد، رفيق الرجال الذين كانوا يملكون مزارع بالقرب منه، ولا يستطيع أحد أن يحدد حقبة لفلج الذيد، لكن أحد الباحثين والرحالة المستشرقين، لوريمر، له موسوعة باسم دليل الخليج، كتب فيها عام 1905، أن مزارع النخيل في الذيد تشكل واحة قطرها حوالي ميل، ويرويها فلج غزير يأتي من وادي حقالة إلى الجنوب الشرقي، ويجري عبر الأراضي المحيطة بالقلعة التابعة للشارقة، وهو في طريقه للواحة ويبلغ عرضه حوالي ثلاثة أقدام وعمقه قدمين، وكان ذلك قبل حصر مياهه تمهيداً للري، وان مياهه صافية وشفافة وان اندفاعه قوي، وربما ما لم يعرفه ج. ج لوريمر، أن تلك الطريقة المتبعة هي التوزيع، حسب الحصص في الشريعة الإسلامية، وربما لذلك سميت الشريعة. نظام اجتماعي يرتبط بالأفلاج تبنت المجتمعات، التي نشأت حول الأفلاج نظاماً اجتماعياً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالفلج ذاته، وكانت أكثر المباني أهمية في تلك التجمعات السكانية، هو الحصن المقام لحماية المصدر القيم للمياه، وتم إنشاء الحصن بالقرب من النقطة التي تبرز عندها قناة الفلج، ويمكن من خلاله مراقبة الذيد وجدول المياه العابر في شبكة الأفلاج وهو يتجه نحو الجبال، ومن الخطوات التي كانت تعمل على الاستفادة من الفلج، أن يتم جر المياه عبر قنوات عديدة إلى حيث مزارع النخيل وفي المزارع، حيث كانت تتوافر سلسلة معقدة من القنوات السطحية والسدود المكونة من جذوع أشجار النخيل، ومن أجل جر المياه من حوض لآخر، حتى تغمر كل مزرعة بالمياه الموجودة لغرض الري إلى ارتفاع يصل إلى الكواحل، وذلك بموجب نظام زمني للري متعارف عليه ويتم تنفيذه بكل أمانة، حيث إن لكل مزارع الحق في جريان المياه إلى مزرعته لفترة معينة متفق عليها بين القاطنين.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©