الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الخليج السينمائي» يضيء شمعته الخامسة بحضور النجوم

«الخليج السينمائي» يضيء شمعته الخامسة بحضور النجوم
13 ابريل 2012
للسنة الخامسة على التوالي يشرع مهرجان الخليج السينمائي أبوابه أمام الإنجازات الواعدة، يحتضن الجهود المضنية التي بذلت على امتداد العام لتحقق الوعد بالأفضل، تتراكم الصور فوق شاشاته المضيئة، وتحدق العيون الباحثة عن الدهشة في ثناياها فتعثر على ضالتها، ويغدو الحلم حقيقة، أسماء جديدة تقتحم لائحة الضوء، وأخرى مخضرمة تتكرس وتترسخ على امتداد أفقها الشاسع، هكذا تصبح للخليج لغته البصرية المتوهجة، وهكذا يصير للمنطقة الزاخرة بالتاريخ والآمال امتدادها المستقبلي، وفق مسار من الحركة المتقدة تجري صياغة المستقبل، يحصل ذلك على وقع ومضات مترفة بالموهبة والتوق النازع دوماً نحو الأفضل. (دبي) - إن كان ثمة ما يمكن استخلاصه من هذه التجربة، التي غدت مع السنين موعداً صادقاً مع الإنجاز الحقيقي، فهو ذلك العناد المحبب الذي يمارسه أبناء الغد من أهل الخليج العربي، منظمين للمهرجان في الإمارات العربية المتحدة، أو ملاقين له من الإمارات ومحيطها الخليجي، عبر أفلام لا تزال تختبر المخاض الصعب في كل ولادة لها، لكنها إذ تمعن في الإنجاب تغدو مواليدها أكثر ألقاً، وأشد إقناعاً، المهرجان الذي كان قبل أعوام خمسة أقرب إلى تجربة أو مغامرة تحتمل الربح أو الخسارة صار عنواناً مؤكداً للفوز باعتراف المخضرمين، وانتزاع الثقة من أصحابها الذين طالما اعتادوا أن يضنوا بها، رافضين منحها إلا لمستحقيها الحقيقيين.. ملامح متنوعة عاماً إثر عام، ودورة مهرجانية تلو الأخرى، تقترب منطقة الخليج العربي من أن تبني عمارة ذاكرتها الجمعية، ترصف حجارة التاريخ والجغرافيا جنباً إلى جنب لتقيم جدار الثقة، وتترك للإبداع الحقيقي أن يمارس حنينه الأزلي نحو شغف الشموخ المستحق.. وجوه من منابت شتى ومدارس متعددة تلقاها في أروقة المكان.. أسماء كبيرة، وأخرى متواضعة الحضور، أما الأحلى فتلك الملامح الغضة التي تحمل الكثير من البشرى، ثمة متسع للجميع في هذه الأروقة الموشاة بالأمل، والأهم ربما، هو ذلك الاستعداد الفطري لاعتراف الجميع بالجميع.. المعيار هو اقتراف متعة الفوز، فإذا تم ذلك غدا فالجميع شركاء وتنعدم تداعيات المنافسة وتوابعها. الجهاد المزيف كان فيلم “تورا بورا”، الذي أنجزه المخرج الكويتي وليد العوضي، وتوزعت بطولته على الكبيرين سعد الفرج، وأسمهان توفيق، محطة انطلاق المهرجان، وهو يتناول ثنائية الحب والكراهية حيث يسيران في تواز مدهش، ويتطرق العوضي في فيلمه إلى رحلة والدين نحو مدينة “تورا بورا” الأفغانية، أملاً في العثور على ابنهما أحمد الذي أغوته فكرة الجهاد، فقرر الانخراط في أحد التنظيمات المسلحة. المؤكد أن فكرة الفيلم ليست متخيلة، فثمة وقائع صارخة تضج بها الساحة الخليجية محورها عائلات خسرت أبناءها في مواقف مماثلة، وذلك جراء استغلال التنظيمات المشار إليها حماسة الشباب ونزعتهم الجارفة للتغيير، يصر المخرج على العمق الإنساني في فيلمه، معلناً تفادي السياسة عن سبق ترصد، فالهدف، كما يجزم، هو مقاربة إنسانية للآلام الناجمة عن تزوير البعض للمعطيات الدينية. سوق سيناريو خليجية تنطوي المسابقة الرسمية للأفلام الخليجية الطويلة، على تسعة أفلام، خمسة منها من العراق، واثنان للإمارات العربية المتحدة، وفيلم واحد من قطر، يشار إلى أن لجنة تحكيم المسابقة تلقت 1250 طلب مشاركة في المهرجان وكان قرارها بالاحتفاظ بـ 150 فيلماً، بينها 102 خليجية في هويتها الإنتاجية، أما الجديد الذي يحمله المهرجان في دورته الحالية فيتمثل بسوق سيناريو خليجية، هي في جوهرها مجموعة ورشات عمل يتولاها كل من المخرج المصري محمد خان، والمخرج اللبناني ميشال كمّون، إضافة إلى المؤلّف البحريني فريد رمضان. حيث يشكل الأمر، برأي رئيس المهرجان، عبد الحميد جمعة، فرصة أمام المواهب الناشئة تتيح لها النهل من معين الخبرة السينمائية الفذة التي تتمتع بها رموز من أبناء الفن السابع، خاصة أن السيناريو عامل أساسي وحاسم في بناء فيلم سينمائي مكتمل الشروط. تظاهرات متنوعة بين المسابقات الأخرى التي يقيمها المهرجان واحدة تشتمل على أفلام قصيرة روائية ووثائقية من الخليج، وأخرى لأفلام الإمارات القصيرة، يهدف المهرجان من وراء ذلك إلى تعزيز الحضور الشبابي في الحراك السينمائي حيث ثمة 14 فيلما قصيرا من الإمارات، تقارب التحديات المعيشة اعتماداً على الكثير من التجربة المعززة بالجرأة، فيما تنطوي تظاهرة “تقاطعات” التي تبقى خارج إطار المسابقة على 71 فيلما من فئة الأفلام القصيرة. كذلك تفعل تظاهرة “أضواء”، التي تنطوي لائحتها على 21 فيلما، منها ستة إماراتية وخمسة سعودية، في حين تأتي الأفلام الباقية من دول عربية مختلفة، وهي خارج سياق المنافسة. تظاهرة أردنية أيضاً هنالك خطوة مشجعة ومرحباً بها خطاها المهرجان لهذا العام تجاه الأردن، حيث أطلق برنامج “الأردن في دائرة الضوء”، مشتملاً على خمسة أفلام تمثل بواكير نهضة سينمائية أردنية، أو هكذا يؤمل أن تكون. تتنوع الأفلام الأردنية المشاركة في استهدافاتها الدرامية لكنها تتقاطع عند الشعور بالثقة بإمكانية استنهاض وتثمير الحراك السينمائي في دولة ظل اسمها بعيداً عن صالات السينما طيلة المرحلة الماضية، حيث تقارب المخرجة سارة قصقص في فيلمها “حالة نفسية” تعقيدات النفس البشرية، والمفاجآت المذهلة التي تطرحها على بساط البحث بين حين وآخر، وذلك من خلال تناولها لحكاية فادي، الشاب الفاقد للذاكرة، والذي لا يكف عن البحث عن والده وسط جملة من المفارقات الحدثية المعبرة. كذلك يقدم المخرج أنس البلوي حكاية أكرم، الطفل العنيد الذي يمتلك حلماً يتسم بقدر من الغرابة المحببة، وهو يعكس إصرار الولد ذي الأعوام الأحد عشر على أن يكون مدرباً مشهوراً في مجال سباقات الإبل. أما المخرجان محمد الحشكي وثريا حمدة فتعاونا على إخراج فيلم “عبور” عن طفل آخر يدعى ليث، هو في الثامنة من عمره، لكن أسئلته، كشأن مثيلتها للأطفال غالباً، تتخطى سني عمره، وتتناول القضايا الوجودية مثل الموت والحياة، وسوى ذلك من الاقتراحات المعلقة. في القائمة الأردنية فيلم “بهية ومحمود”، وهو يأتي على إيقاع الحكاية الشعبية المصرية “بهية وياسين” التي امتلكت صيتاً ذائعاً تخطى حدود مصر، وزمان الأحداث التي أنتجتها، وقد حصل الفيلم الأردني على مجموعة جوائز، وهو يتطرق إلى الملامح التي تعتري وجه الحب الإنساني مع تقدم طرفيه في العمر. أما المخرجة كاتيا التلّ فتشارك في التظاهرة بفيلم “انبثاق” الذي يطرح قضايا القوانين الإنسانية على بساط البحث، ويطرح الأسئلة عن الواقع الذي يمكن للمصير البشري أن يؤول إليه فيمل لو تم تجاوزها والتغاضي عنها. كياروستامي أيضاً هناك مستوحيا أساليب عمل المهرجانات السينمائية العريقة، يقيم مهرجان الخليج لهذا العام تظاهرة احتفائية بالمخرج الإيراني الاستثنائي عباس كياروستامي، حيث يعرض ما يزيد على 40 فيلما للمخرج المتميز، تتقاطع موضوعاتها عند مفهومي الوحدة والعزلة، ويأتي الاحتفاء بكياروستامي بمثابة اعتراف بما لهذا الرجل من أياد بيضاء على السينما الإيرانية التي ارتقت بجهود قلة من العاملين فيها إلى مصاف التجارب العالمية العريقة، بحيث صار يستحيل قراءة واقع الفن السينمائي المعاصر دون إفراد حيز رحب للمنجز الإيراني المتميز في إطاره.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©