الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تفريط الآباء بملاعبة أطفالهم ينعكس سلباً على صحتهم البدنية والنفسية

تفريط الآباء بملاعبة أطفالهم ينعكس سلباً على صحتهم البدنية والنفسية
13 ابريل 2012
أظهرت دراسة حديثة نُشرت في العدد الأخير من مجلة “أرشيفات طب الأطفال وطب المراهقين” أن 49% من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و5 سنوات، لا يصطحبهم آباؤهم أو أمهاتهم للعب خارج البيت على نحو يومي. و58% من الآباء لا يخرجون مع أبنائهم في جولات لعب وترفيه يومية، أو ممارسة هواية رياضية محببة في الأسر التي يكون فيها الأبناء مسجلين في حضانة أو روضة. واستثنى الباحثون في هذه الدراسة ما يشغل به الآباء أبناءهم في المقاعد الخلفية داخل السيارة من لعب وأفلام كرتونية، معتبرين أن ذلك لا يدخل في نطاق اللعب الذي يقصدونه، فهم يركزون على الوقت الفعلي الذي يقضيه الآباء في اللعب مع أطفالهم خارج البيت في اللعب أو المشي. تحمل المسؤولية استخلص الباحثون هذه الأرقام والإحصاءات بعد إجرائهم دراسةً شملت 10,070 طفل من مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأميركية ممن وُلدوا سنة 2001، ثم تتبعوا مسيرتهم من الولادة إلى فترة التحاقهم بالروضات التابعة لوزارة التربية. ويشير الباحثون إلى أنه ليس مطلوباً طبعاً أن يصطحب الآباء أبناءهم قبل الالتحاق بالمدرسة إلى حديقة أو متنزه بشكل يومي، فهذا مطمح مثالي يصعب مناله في كل الأسر. لكن تفريط الآباء في هذا الأمر الذي يعتبره عدد من التربويين حقاً من حقوق الأبناء يضر بالأطفال، وينعكس سلباً على صحتهم البدنية والنفسية. ويستغرب الباحثون من ظاهرة استنكار بعض الآباء لإصابة أطفالهم بالسمنة أو زيادة الوزن، أو لومهم إدمان أبنائهم ألعاب الفيديو منذ نعومة أظفارهم، متناسين أنهم يتحملون القسط الأكبر والأوفر من المسؤولية، فلو كانوا يعطونهم حقهم من الرعاية والملاعبة لما اضطروا إلى التعويض عن ذلك باللجوء إلى ألعاب الفيديو أو البرامج الكرتونية التي يغلُب طابع العنف والتسطيح الفكري على غالبيتها. ولعل أكثر ما يتفق عليه علماء النفس والاجتماع وأطباء الأطفال هو أن أحب شيء إلى الطفل مهما كانت طباعه هو قضاء الوقت في اللعب والنشاط في فضاء خارجي، وأن حرمان الطفل من هذا الأمر يُترجَم إلى عواقب وخيمة حقيقية على مستوى شخصيته وذكائه ومداركه العقلية وصحته العامة. ويُشير الباحثون إلى أن الاعتقاد السائد لدى عدد من الآباء من كون الوقت الذي يقضيه أطفالهم في الحضانات والروضات كاف لهم هو أمر يفتقد إلى الكثير من الدقة والعمق، فكل أب وكل أم في حاجة إلى ملاعبة الطفل لإشباع حاجاته العاطفية التي لا يمكن أن يلبيها مرب أو مدرس، بل الأبوان فقط. كما أن مواظبة الأبوين على قضاء وقت للعب مع الطفل يتيح لكل واحد منهما الوقوف على الفلتات التي تحدث في طريقة رعاية ابنه، أو ابنته في الحضانة أو الروضة، وتصويب أخطائه وتوجيه سلوكاته، وبناء علاقة قوية مع الأبناء، قوامها الحب والصراحة والثقة. أما إذا تم التفريط في هذا الأمر، فإن كل أسرة تعيش عوالم متعددة ومتنافرة تحت سقف واحد، فالابن في واد، والأم في عالمها والأب في عالمه. بل الأدهى من ذلك أنك تجد الأم تُفضل التحادث مع صديقاتها على شبكات التواصل الاجتماعي لساعات طويلة على ملاعبة أطفالها، والأب يفعل الأمر نفسه، أو يختار الهروب من ضجيج الأطفال إلى مجالسة أصدقائه في المقهى، أو مسامرتهم في مكان ما. وهي سلوكات تصب في اتجاه توسيع الهوة بين الآباء والأبناء، وتُفضي إلى تنشئة أطفال محرومين من أهم حقوقهم في مرحلة حرجة جداً من حياتهم وهي المصاحبة والمداعبة والملاعبة الهادفة داخل البيت وخارجه. تفريغ الطاقة توصي أكاديمية طب الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية الآباء بأن يسمحوا لأطفالهم باللعب خارج البيت معهم، أو تحت إشرافهم على الأقل، أطول وقت ممكن وعلى قدر ما يستطيعون، وذلك حتى يتأتى لأبنائهم تفريغ النشاط المتدفق والطاقة الهائلة الكامنة داخلهم، فتنشأ لهم قلوب قوية وعضلات سليمة وعظام صلبة، وأدمغة أذكى وأسلم بفضل استفادتها من جودة تدفق الدم والأوكسجين لجميع أعضاء الجسم، وبفضل سريان الدم ودورانه في الجسم بشكل جيد. وعلى الرغم من قدم مقولة “العقل السليم في الجسم السليم”، فإنه ما زالت تصدر دراسات جديدة تؤكد دقة هذه المقولة، ولعل آخرها دراسة ربطت بشكل وثيق بين زيادة النشاط البدني لدى الطفل بالتفوق الأكاديمي وجودة الإنجاز الدراسي. ويُشير الباحثون إلى أنهم وجدوا صُعوبةً في تحديد عدد الساعات التي يقضيها الأطفال في اللعب في الفضاءات المفتوحة يومياً نظراً لأن ليس كل الآباء يعرفون على وجه الدقة الوقت الذي يقضيه أطفالهم في اللعب في فضاءات مفتوحة في الحضانات والروضات، لكنهم يوصون بألا تقل الفترة التي يقضيها الطفل في اللعب والنشاط البدني خارج البيت عن ساعة يومياً، وهي فترة يوصي بها أيضاً باحثون آخرون نشروا مقالاً في العدد الأخير من مجلة الجمعية الأميركية للحمية. ويختم الباحثون هذه الدراسة بالتحسر على تزايُد ظاهرة قلة ملاعبة الآباء لأطفالهم، ويُجددون الدعوة إليهم لتخريج ساعة واحدة على الأقل من وقت يومهم الذي يشمل 24 ساعة، ويخصصون هذه الساعة للعب مع أطفالهم خارج البيت، فذلك يجلب عليهم منافع كثيرة ويجعلهم يفخرون بأبنائهم عندما يكبرون، وبأنفسهم أيضاً بكونهم كان لهم الفضل الأكبر في ذلك. عن “لوس أنجلوس تايمز”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©