الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كارثة "خليج المكسيك"...فرصة للتقارب بين واشنطن وهافانا

19 يونيو 2010 13:48
أندريه أوبنهايمر محلل سياسي أميركي إليكم بنظرية جديدة ومثيرة للجدل: قد تساهم كارثة تسرب النفط التي تسببت فيها شركة "بريتش بيتروليوم" بمياه خليج المكسيك في تحسين العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وكوبا. هافانا تعكف في هذه الفترة على الاستثمار في مخزونها من النفط والغاز عبر إفساح المجال لشركات دولية للتنقيب عنهما في مياهها الإقليمية، لا سيما الساحل الشمالي الكوبي، لكن إدارة أوباما التي تواجه حالياً موجة من الانتقادات على خلفية كارثة التسرب في خليج المكسيك لا تتحمل تكرار حادث مشابه في مياه كوبا التي لا تبعد كثيرًا عن سواحل فلوريدا، لذا تريد أن تكون على أهبة الاستعداد في حال وقوع الكارثة وتسرب النفط في سواحل كوبا. وبالطبع لن يكون ذلك ممكناً إلا في إطار تفاهم بين واشنطن وهافانا، يُسهل التعاون ويطوق أي أزمة قد تنشأ عن تسرب النفط في المياه الكوبية، بما يتيح للولايات المتحدة التدخل وتقديم المساعدات لحماية فلوريدا من أية تداعيات سلبية. وفي هذا السياق يبدو أن شركات عديدة تريد الدخول إلى السوق الكوبية والبدء في التنقيب على الغاز والنفط في مياهها العميقة لعل من أهمها "ريبسول" الإسبانية التي تستعد للبحث عن النفط في سواحل كوبا الشمالية خلال السنة الجارية، أو المقبلة، مستخدمة حفاراً صينياً. والإضافة إلى الشركة الإسبانية، هناك أيضاً "ستاتويل-هايدرو" النرويجية و"بيتروباس" البرازيلية، فضلاً عن عدد من الشركات الدولية التي تريد تأمين حصة لها في النفط الكوبي بعدما أشارت الدراسات إلى تواجده بوفرة في أعماق البحار. وحسب التقديرات الجيولوجية الأميركية، اكتشفت كوبا احتياطات هائلة تقدر بأكثر من خمسة مليارات برميل من النفط، ما قد يحول البلاد إلى بلد غني بالخام، شأنه في ذلك شأن الدول المنتجة له في أميركا اللاتينية مثل الإكوادور وكولومبيا. هذه الاكتشافات، يقول معهد "بروكينجز" في واشنطن، ستجعل أميركا معرضة لأية كارثة أخرى حتى لو وقعت في المياه الكوبية وذلك للقرب الجغرافي مع الولايات المتحدة والقدرة الكبيرة لانتشار البقع النفطية. وقد عبر المعهد عن هذا التخوف قائلاً: "فيما تستمر كوبا في تطوير احتياطاتها البحرية من الغاز والنفط، تزداد المخاطر على السواحل الأميركية بعدما تحولت المخاطر إلى أمر واقع"، مضيفاً أن "حقيقة تعرض تلك السواحل لأضرار جسيمة على غرار حادثة خليج المكسيك والتداعيات السلبية لذلك على الحياة البحرية يحتم نشوء نوع من التعاون بين البلدين لتطويق الأزمة في حال اندلاعها". وفي الوقت نفسه أخبرني "خورخي بينون"، الرئيس السابق لشركة "أوموكو" النفطية في أميركا اللاتينية، والذي ساهم في صياغة تقرير معهد "بركينجز" المحذر من استغلال النفط في المياه الكوبية على السواحل الأميركية، أنه بموجب الحظر المفروض على كوبا من قبل الولايات المتحدة، فإنه لا يسمح للشركات الأميركية التعاون مع كوبا، أو مع الشركات العاملة هناك، وهو ما يصعب الأمر في حالة حدوث تسرب للنفط لأن أميركا ستجد نفسها عاجزة عن التدخل والقيام بما يلزم لحماية سواحلها، وهو ما يؤكده "بينون" قائلًا "لو أن التسرب حدث في كوبا بدلاً من خليج المكسيك، فإن النفط كان سيصل إلى سواحل ميامي دون أن تستطيع أميركا القيام بشيء إزاءه عكس ما كان سيحصل في بلدان أخرى مثل المكسيك وجزر البهاما، إذ كانت ستتواجد أميركا هناك في غضون 24 ساعة لتساعد في تنظيف المياه". ويقترح "بينون" في الورقة التي أعدها معهد "بروكينجز" مجموعة من الخطوات التي يمكن لأميركا القيام بها لتفادي الكارثة وفي الوقت نفسه الحفاظ على الحظر المفروض على كوبا ومنها "السماح المؤقت بدخول صادرات أميركية إلى كوبا في مجال المعدات والتكنولوجيا الضرورية لمنع انتشار بقع النفط". وبالإضافة إلى ذلك تسهيل سفر الخبراء والمهندسين الأميركيين إلى كوبا الذين سيساعدون في احتواء أي كارثة قد تحدث جراء تسرب للنفط، وبالطبع التنسيق في جهود التدخل المشترك وتدريب فرق مختصة على ذلك. وعندما سألت ما إذا كانت إدارة أوباما قد تحدثت مع كوبا بهذا الشأن، أخبرني مسؤول في الخارجية الأميركية أن هناك "نقاشات على مستويات مختلفة" تجري مع كوبا، لكن التنسيق الضروري بين واشنطن وهافانا يواجه بمخاوف البعض من أن هذا التعاون في مجال مكافحة التسرب النفطي ومدها بما تحتاجه من معدات قد يُحدث ثغرات في الحصار المفروض على كوبا، ربما تستغله لإضعاف العقوبات الأميركية، وإحراز نصر سياسي على واشنطن. وفي المقابل يرى المناهضون للعقوبات على كوبا أن هذه الأخيرة ستستفيد من قدراتها النفطية الجديدة للتحرر من ابتزاز فنزويلا التي تعتمد عليها هافانا للتزود باحتياجاتها النفطية، وعلى غرار الإعفاء الذي خصت به إدارة كلينتون الصادرات الزراعية إلى كوبا لتصبح أميركا أول مصدر للمواد الغذائية إلى كوبا، فإن أوباما أيضا يمكنه إعفاء البضائع المرتبطة بالحفاظ على البيئة إلى كوبا دون أن تغير سياستها التقليدية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي انترناشونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©