الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كأس ونخب.. وألعاب فضائية

19 يونيو 2010 22:25
ما حدث من نشر جديد للغسيل العربي في مسألة البث الفضائي لبطولات كأس العالم يدل مرة جديدة على بؤس مزمن وعلى ارتباط وثيق بين خلافات العرب السياسية والإعلامية والرياضية التي لا يحصد منها أي منهم حتى أذن جمل، بينما تبقى شعوبهم وجماهير قنواتهم ومشجعو منتخباتهم محرومين من قطرة تروي تعطشهم لأي شكل من الفخر والانتصار. مرة أخرى تحول الإعلام الفضائي العربي، في أهم مناسبة عالمية تفترض أقصى درجات الروح الرياضية، ضحية سهلة لخلافات وحروب الفضائيات التي سيتابع المشاهدون قريباً حلقات أكثر تطوراً منها بانتقال “النزاعات” من مستوى القنوات إلى الأقمار الصناعية. فمع الإطلاق المتوقع لقمرين جديدين يتبعان دول المنطقة وينزعان من الأقمار الحالية قدرتها في التحكم والضغط على توجه الفضائيات ستعود إلى البث قنوات كانت طردت من الفضاء مؤخراً وتظهر قنوات جديدة كثيرة، وقد تضاف إلى الفضائيات السبعمائة الحالية (العربية أو الناطقة بالعربية) ثلاثمائة أخرى لنحتفل بكسر حاجز الألف وربما – من يدري - قد نتفوق عدداً على التلفزيونات الأميركية. ولم لا ؟ فالولايات المتحدة، التي تمثل بنظر كثيرين نموذجا “حرا” للإعلام، لم يضق صدرها بآلاف محطات البث التلفزيوني (1770 قناة عاملة في العام 2009) رغم أن قسماً كبيراً منها يخص مجموعات إثنية ولغوية وثقافية ودينية لم يمنع تعددها من التعايش فيما بينها (لدرجة القبول برئيس أسود من أصل مسلم) أو يؤدي إلى نشوب صراعات وحركات انفصال وحروب أهلية مسلحة، لا في بطولات “البيسبول” ولا في القضايا القومية ولا في عز حركة تحرر السود ونيل حقوقهم المدنية. هذا حال الإعلام الأميركي الذي لا يملك هذا الكم الهائل من التلفزيونات الرسمية خلافاً للحال عندنا حيث تشكل القنوات المملوكة من الحكومات 29% من بين 487 فضائية عربية مجانية تبث على أقمار عربسات ونايل سات ونور سات (تقرير “التلفزيونات العربية الفضائية في العالم العربي 2010” من “آراب ادفايزرز جروب”). لكن هذه النسبة الرسمية الهائلة “وضوابط” الأقمار العاملة حالياً لم تمنع الفضاء العربي من التحول إلى موضع نزاع قومي وإقليمي ودولي (نظراً للضغط الأميركي المتواصل لإقفال بث الفضائيات المتهمة “بالإرهاب”)، بل كانت الدافع الأول لمشاريع أقمار جديدة تفرِّخ مزيداً من فضائيات وجاءت الأيام الأخيرة لتصب الزيت على نار يسرع إطلاقها. إن ما حدث بين الفضائيات العربية بمناسبة كأس العالم أكد أن أصل مشكلة الفضاء العربي تكمن في مكان آخر تماماً وقد تكون أبسط بكثير مما نعتقد فمدى قبول اللاعبين الكبار لشرف المنافسة في تغطية بطولات بدت منذ البداية، ومع الانطلاقة غير المشجعة لمنتخب الجزائر, أن ليس للعرب مكان فيها سوى بالتزاحم فيما بينهم على كيفية حجز مكان للفرجة حتى أصبح بعضهم أِشبه بأطفال يتقاتلون في ألعاب تلفزيونية فضائية على مرأى كبارهم الذين يتجرعون نخباً آخر من المرارة والانكسار. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©