الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإيمان يحمي المجتمع الإسلامي من القلق والاغتراب

الإيمان يحمي المجتمع الإسلامي من القلق والاغتراب
31 أغسطس 2008 23:09
أمن المجتمع بمفهومه الشامل قيمة كبرى، ومطلب غالٍ تحاول المجتمعات المعاصرة تحقيقه، وتضع الاستراتيجيات لذلك، وللمفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة رؤية خاصة في هذا الصدد تربط تحقيق الأمن والسلام في المجتمع بجملة من العوامل والمقومات، كما يرى عدد من العلماء والمفكرين المتخصصين· يعد الإيمان بالله من أبرز مقومات الأمن في الأمة، وبدون الإيمان يلتهم الخوف والقلق والاغتراب، استقرار الإنسان وطمأنينته، لأن الإيمان الديني، كما يقول المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة، هو الذي يحقق للإنسان الانتماء إلى هذا الوجود، وذلك عندما يقوده إلى رحاب المعية الإلهية وحضرتها القدسية، فيأنس بهذه المعية، وينجو من غول الاغتراب الذي يفترس أمن الإنسان فى المجتمعات المادية والوضعية والعلمانية· يضيف أنه ''في ظل غابة التحديات الشرسة، والكوارث والأمراض والحروب وفي مواجهة المظالم والقهر والجبروت، يكون الإيمان الديني، ومن ثمراته الانتماء والاحتماء بالمعية الإلهية، طوق النجاة للإنسان من الوحدة المخيفة والقاتلة، ومن الاغتراب القاتل للروح والآمال والطاقات والإمكانات''· لهذه الحقيقة، يؤكد عمارة، لا يعرف المؤمنون الذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان الديني اليأس ولا القنوط، ولا الانتحار، مهما كبرت مشكلاتهم المادية والمعاشية، بينما تشهد المجتمعات المادية والوضعية والعلمانية، رغم ارتفاع مستويات المعيشة والرعاية الصحية، والإشباع للغرائز والشهوات، أعلى مستويات القلق ومعدلات الانتحار، وذلك لفقدان الأمن · يتابع عمارة: ''الذين يقارنون إحصاءات العيادات النفسية وزوارها، وانتشار القلق، وكثرة المنتحرين فى المجتمعات الإسكندنافية، مثلا، التي تعد من اكثر المناطق رفاهية في العالم، بنظير هذه الإحصاءات فى مجتمع مؤمن، تطحنه مشكلات الفقر والعوز، كالمجتمع الصومالي مثلا، يدركون حقيقة عامل الأمن الروحي للإنسان وأهميته· ويؤكد الدكتور عمارة أن ''الإيمان الديني للإنسان يحقق الانتماء إلى القوة الأعظم فى هذا الوجود، والاحتماء بطلاقة قدرتها، وتسلحه بمعية هذه القوة الأعظم، حتى ليحقق هذا الإيمان والانتماء للأشعث الأغبر سلطانا يجعله إذا أقسم على الله أبره الله''· ومن عظمة الفلسفة الاجتماعية في الإسلام، يقول عمارة: ''ربطها الجدلي والتفاعلي بين هذا المقوم الأول من مقومات الأمن الاجتماعي، المقوم الإيماني والروحي والفكري، وبين المقوم الثاني، المادي المتمثل في الجوانب المعيشية اللازمة له في هذه الحياة· بل إن هذه الفلسفة الاجتماعية الإسلامية تجعل الأمن على المعاش المادي هو الشرط الضروري لتحقيق اكتمال الأمن الديني والروحي للإنسان في هذه الحياة''· يتابع: ''بعبارة حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (450-505هـ 1058-1111م ) فإن ''نظام الدين لا يحصل إلا بانتظام الدنيا· فنظام الدين بالمعرفة والعبادة، لا يتوصل إليها إلا: بصحة البدن وبقاء الحياة· وسلامة قدر الحاجات من :الكسوة، والمسكن، والأقوات، والأمن''· وهذا ما يشير إليه الحديث النبوي ''من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه·· فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها'' (رواه الترمذي)· ثم جعلته ''الفريضة'' التى يترتب على إقامتها فرائض الدين وشعائر العبادات، فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق الأمن على هذه المهمات الضرورية''· هذا المعنى يؤكده أيضا أحد علماء العصر الحالي الشيخ محمد الغزالي (1335 - 1416 هـ 1917 - 1996) بقوله: ''إنني لا أستطيع أن أجد بين الطبقات البائسة الجو الملائم لغرس العقائد العظيمة، والأعمال الصالحة، والأخلاق الفاضلة!''، مضيفاً أنه ''من العسير جدا أن تملأ قلب إنسان بالهدى إذا كانت معدته خالية!، أو أن تكسوه بلباس التقوى إذا كان جسده عاريا!''، مؤكدا ضرورة أن ''يؤمن على احتياجاته التي تقيم أوده كإنسان، ثم ينتظر أن تستمسك فى نفسه مبادئ الإيمان·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©