الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان... تداعيات سحْب الموظفين الدوليين

11 نوفمبر 2009 22:41
يضع "محمد رافي حمدارد"، الذي يعمل في مجال استيراد المواد الغذائية إلى كابول، الأسعار التالية على تلك المواد بعد قرار الأمم المتحدة بسحب موظفيها من أفغانستان: 15 دولاراً إضافية على طن واحد من الدقيق، وخمسة دولارات أخرى تضاف إلى خمسين كيلوغراماً من السكر، وأخيراً ثلاثة دولارات على زيت الطبخ، وهو ما سيجعل من الصعب على فقراء الأفغان تأمين احتياجاتهم من الطعام بالأسعار المعقولة التي اعتادوا عليها في السابق بسبب القرار الذي اتخذته الأمم المتحدة بخفض عدد موظفيها بشكل مؤقت وسحبهم من أفغانستان. والحقيقة أن أسعار المواد الغذائية كانت قد ارتفعت منذ انطلاق الانتخابات الرئاسية التي شابتها عمليات تزوير واسعة بعد تنامي الشك في العملية السياسية التي بدا أنها تمر بفترة حرجة، واحتمال عودة العنف في ظل تنامي خطر "طالبان" وسيطرتها على بعض المناطق، وعلى رغم توقع سكان كابول رجوع الأسعار إلى مستواها المعقول مع إعلان فوز الرئيس كرزاي في الأسبوع الماضي إثر انسحاب منافسه، عبدالله عبدالله، إلا أن العديد من المسؤولين في وزارة الاقتصاد الأفغانية استبعدوا انخفاض الأسعار بسبب التطورات الجديدة التي كان أهمها إعلان الأمم المتحدة سحب جزء من موظفيها لدواعٍ أمنية ما زاد من توتر الأوضاع وتصاعد المخاوف من تراجع المكتسبات الأمنية. وقد عبر عن هذا الوضع غير المستقر أمنياً "حمدارد" بقوله: "لقد أصبحت شركات التصدير التي تزود السوق المحلية بالمواد الغذائية خائفة من تدهور الوضع الأمني بعدما سمعت بانسحاب موظفي الأمم المتحدة، حيث قلصت من حجم وارداتها. كما بادر بعض آخر إلى تخزين المواد الغذائية بدل طرحها في الأسواق". ولم تقتصر التداعيات السلبية لقرار الأمم المتحدة بسحب جزء من موظفيها على سوق المواد الغذائية، بل امتدت إلى عملية الإعمار التي تشرف عليها المنظمات غير الربحية في أفغانستان والتي هي جزء من المنظمات غير الحكومية المنكبة على استكمال البناء ومساعدة الأهالي على مواجهة ظروف الحرب، وفي هذا السياق يقول "قاسم أحمد زي"، من وزارة الاقتصاد الأفغانية، والمسؤول عن تسجيل المنظمات غير الحكومية العاملة في أفغانستان: "عندما تحل إحدى المنظمات الدولية بمنطقة من المناطق الأفغانية وتباشر في عملية الإعمار يشعر الناس بأن المنطقة تنعم بالسلام، ولكن في حال انسحابها فإن العكس هو ما يحدث، ومع أن تلك المنظمات لم تغادر بعد المناطق التي تعمل فيها، إلا أنها قد تغادر في أية لحظة". وحسب وزارة الاقتصاد وصل عدد المنظمات المسجلة في لوائح الوزارة 1530 منظمة محلية مقابل 341 منظمة دولية، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت يوم الخميس الماضي سحب 200 من موظفيها بشكل مؤقت من أفغانستان، على أن تسحب 400 موظف آخر من الميدان إلى المناطق الحضرية بعدما تعرض أحد مقرات الأمم المتحدة في كابول لهجوم بالأسلحة النارية أسفر عن مقتل خمسة من أفراد الطاقم الأممي كانوا يستعدون لمراقبة الجولة الثانية من الانتخابات قبل أن يُعلن عن إلغائها في مرحلة لاحقة. وفي تعليق له على الحادث أكد أحد الخبراء الأمنيين في أفغانستان، رفض الإفصاح عن اسمه، أن الهجوم كان يستهدف في الأساس الانتخابات، وأن المنظمات غير الحكومية لا علاقة لها بالموضوع، وهو ما يؤكده أيضاً موظف بإحدى المنظمات الدولية قائلا: "لقد أثبتت التجربة الطويلة في العمل مع الأهالي أن الاحترام المتبادل مهم في الحفاظ على علاقات الثقة بين الجانبين. ولكن هذه الثقة بدأت تتآكل في الآونة الأخيرة بسبب الضغوط التي يتعرض لها السكان المحليون سواء من الجيوش الأجنبية، أو من طالبان". ويصف موظفو المنظمات غير الحكومية كيف بدأت هيئاتهم في الانسحاب قبل عدة سنوات من الأماكن النائية إلى بعض المراكز الحضرية القريبة منها، ثم في مرحلة لاحقة تم الانسحاب إلى عواصم المحافظات، ليمتد الانسحاب اليوم إلى كابول، وأصبح يتم التنقل بصفة أساسية عبر الطائرة من كابول إلى المناطق البعيدة لاستكمال مشروعات التنمية والإعمار. والحال أنه لكي تؤتي تلك الجهود أكلها لابد من الانتقال براً والتفاعل مع السكان. وعن هذا الموضوع تقول "سارة كاو"، المتحدثة الإقليمية باسم منظمة اليونسيف "على رغم استمرار العمل الإنمائي في أفغانستان يُلقي الوضع الأمني المتردي بظلال قاتمة على العمل الإنساني الذي تقلص بشكل ملحوظ"، وهو ما دفع اليونسيف التي تركز على الأطفال في عملها الإنساني إلى سحب 14 من أصل 42 موظفاً لها في أفغانستان بعد الهجوم الأخير الذي تعرض له مقر الأمم المتحدة في كابول. ويعتقد موظفو المنظمات غير الحكومية العاملة في أفغانستان أنه ربما كان من الأفضل للأمم المتحدة لو تركت المجال مفتوحاً للموظفين للاختيار بين المغادرة، أو البقاء، بدل إصدار قرارها بسحب جزء من الموظفين لما يبعثه ذلك من رسالة سلبية مفادها أن "طالبان" نجحت في تعطيل العمل الإنساني فيما يشعر الأهالي بأنه قد تم التخلي عنهم، وتركوا لتدبر أمورهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: كابول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©