الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعاون الصيني - الأفريقي

11 نوفمبر 2009 22:43
اختتم منتدى التعاون الصيني- الأفريقي دورته الرابعة التي انعقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية، والتي تواصلت فعالياته يومي الأحد والاثنين بمشاركة صينية- أفريقية رفيعة المستوى وكبيرة العدد، شملت رؤساء خمسين دولة أفريقية ووزراء ومسؤولين أفارقة أكثر عدداً ووفدا صينيا بقيادة رئيس الوزراء وين جيابو. الدورة الرابعة لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي شكلت خطوة متقدمة في مسيرة صينية طويلة تجاه أفريقيا، بدأت بداية متواضعة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، كانت الصين تحسب نفسها في عداد الدول النامية، وما تزال تزعم ذلك حتى اليوم، لكنها أصبحت الآن مرشحة لتبوء مكانة موازية للولايات المتحدة. المسيرة الصينية المتواضعة في أفريقيا، بدأت باتفاقية تجارية للتبادل التجاري مع السودان، واليوم تمثل بكين الشريك الاقتصادي الأول للخرطوم والمُقرض الأول والمستثمر الأول بالنسبة لها... وليس السودان وحده الذي تمثل الصين شريكه الأول، فعلى مستوى القارة السمراء تكاد الصين، تحتل المكان التاريخي لكل الدول الغربية في القارة. منتدى التعاون الصيني- الأفريقي كان مبادرة من بكين وهو حلقة في سلسلة من استراتيجية صينية تجاه أفريقيا، وضع لبناتها الأولى رئيس الوزراء الصيني في عهد الرئيس ماو، الذي كان أحد أربعة قادة آسيويين وأفارقة دعوا لعقد مؤتمر (دول عدم الانحياز) في باندونج، وقد مثل أفريقيا آنذاك الرئيس المصري جمال عبدالناصر. وفى بعض الروايات التاريخية فإن منشأ فكرة التجمع التضامني الآسيوي- الأفريقي كانت من بنات أفكار الزعيم الهندي جواهر لال نهرو، والذي خاض حرباً ضروساً ضد الجارة الصديقة الصين، ما تزال آثار جراحها حتى اليوم. وقد تتحقق ذات يوم نبوءة الخبير السياسي ووزير الخارجية ورئيس الحكومة الروسية الأسبق: بريمكالوف الذي تنبأ عام 1998م بأن هنالك ترويكا آسيوية عملاقه ستظهر وتأتي للساحة الدولية في المستقبل القريب، وتقضي على أحادية القطب، وعلى الهيمنة الغربية التي سادت في القرون الماضية... والصين قلب هذه الترويكا الآسيوية، وشريكتاها الهند وروسيا. منتدى التعاون الصيني-الأفريقي الذي تأسس عام 2000 كان في البداية منبراً للحوار السياسي بين الصين وأفريقيا على مستوى وزراء الخارجية يومها لم يكن حجم الاستثمارات الصينية في عموم أفريقيا لم يتجاوز خمسمائة مليون دولار... اليوم وفي نهاية عام 2008 بلغت جملة الاستثمارات الصينية في خمسين دولة أفريقية ستة وعشرين مليار دولار... وواصلت الصين تطوير استثماراتها الأفريقية حتى بعد الأزمة المالية العالمية، بلغت قيمة العقود الصينية مع الدول الأفريقية في نهاية العام الماضي أكثر من 126 مليار دولار ومعظمها موظف في مشاريع البنى التحتية والسدود المائية والجسور والاستثمار في الزراعة الأفريقية التي توليها الصين اهتماماً كبيراً وتشجع الشركات الصينية للاستثمار في الزراعة في أفريقيا، ولها تجارب ناجحة في تحسين وترقية المحاصيل الزراعية الأفريقية في عدد من الدول الأفريقية . دخلت الصين أفريقيا في أوج الانقسام الذي وقع في المعسكر الشيوعي والخصام الفكري مع القيادة السوفييتية آنذاك عقب انعقاد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي ونشر ما عرف بتقرير الأمين العام للحزب الذي "كشف" فيه عن بعض نواقص ستالين وجرائم عهده الطويل... الغريب في الأمر أن الجماعات الشيوعية الأفريقية في معظمها قد وقفت إلى جانب الحزب الأكبر (السوفييتي)، ولقد تعاملت القيادة الشيوعية الصينية (الثورية) مع أصناف من الحكومات الأفريقية التي آلت إليها (السلطة) بعد خروج الاستعمار الغربي من أفريقيا. استعصمت الصين بقاعدة سياسية ذهبية مفادها أنها لا تتدخل فى الشؤون الداخلية للدول التي تتعامل معها، فالقيادة الصينية لا تهتم بالاتهامات التي توجهها جماعات حقوق الانسان الأفريقية لها خاصة ما يتعلق بمزاعم دعمها لمنتهكي تلك الحقوق من حكام أفريقيا. وعندما ألح عليها إلحاحاً شديداً زملاؤها أعضاء مجلس الأمن الدائمون أن تؤدي دوراً مسؤولاً وايجابياً في الأزمة السودانية (دارفور)، أعلنت أنها تقدم (نصح الصديق لصديقه)، وشاركت في القوات المشتركة (قوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي) ببضعة عسكريين فنيين. والصين الشعبية عندما بدأت مسيرتها نحو أفريقيا، كانت تدرك حساسية الأفارقة تجاه تدخلات الأجانب (المستعمرين السابقين)، والذين ربطوا معاوناتهم لدول القارة بتوجيه دفة الحكم فيها. وتلك ميزة السياسة الصينية التي نجحت في كسب ثقة الحكام الأفارقة، ووصلت إلى مرحلة تأسيس منتدى التعاون الصيني- الأفريقي، وأصبحت بها الصين الشريك الاقتصادي الأول للقارة الأفريقية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©