الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الذهب الأسود» على شاشة أبوظبي

«الذهب الأسود» على شاشة أبوظبي
11 نوفمبر 2009 22:55
ما زلت أذكر الحلقات الأولى من برنامجي التلفزيوني “الذهب الأسود”. كان إعداد الحلقة الواحدة يحتاج إلى جهد متواصل لثلاثة أيام على الأقل. فالتصوير كان بكاميرات سينمائية تستخدم أفلام مقاس 16 مم، وعملية المونتاج كانت تعتمد على القص واللصق، ومدة الفيلم عادة كانت في حدود عشر دقائق يتم بعدها تغيير الشريط في الكاميرا بفيلم جديد. من المصورين الذين ما زلت أذكرهم حسين عفيفي، سيف الدين العمراني، مصطفى الجمال، بالطبع كان في مقدمتهم الأخ المبدع محمد الخالدي. تناوب على إخراج برنامجي الذي استمر عشرين عاما (أي من سنة 1971 حتى سنة 1991) العديد من المخرجين، منهم نزار سرحان، إبراهيم العباسي، أحمد شاكر، وعلي واكد وهو الذي استمر مع برنامجي أكثر من خمسة عشر عاما. كنت أقوم كل أسبوع بزيارة أو أكثر لمواقع الإنتاج والتصدير ومختلف المشاريع الصناعية البترولية مثل المصفاة، مصنع الزيوت، محطات التوزيع، ومواقع حفر الآبار البترولية في البر والبحر. كانت تلك الرحلات هي التي تحدد موضوعات الحلقات، وكنت أحيانا أصطحب بعض الصحفيين من جريدة “الاتحاد” أذكر منهم الأخ غسان طهبوب والأخ عباس طرابيلي وغيرهما. منصات الآبار في البحر كانت مثيرة جدا لا نصل إليها إلا بواسطة طائرات الهليوكبتر. وقد تعرضت خلال إحدى هذه الرحلات إلى حادث مثير نجونا منه بفضل مهارة الطيار وقيامه بالهبوط السريع فوق منصة الحفر في آخر لحظة وقبل انقطاع الحزام الذي يحرك المروحة الرئيسية للطائرة. وبدلا من الاستغراق في تفاصيل الحادث وانتظار طائرة الإنقاذ التي أسرعت إلى مكان الحادث ونزول الفنيين الذين قاموا بتركيب حزام جديد للطائرة الناجية، قمنا بالتصوير وبعمل لقاءات مع المقيمين في تلك المنصة التي كانت تضم غرفا للنوم وصالونات وناديا رياضيا ومطعما وكأنها فندق عائم. ألا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيـب وحينما أتذكر تلك الأيام التي كنت أصر فيها أن أصعد سلالم منصات الحفر البرية العالية، وأطالب المصور أن يكون مغامراً مثلي فيصعد ليقوم بعملية التصوير من أعلى، أبتسم وأحمد الله على السلامة التي كنت أعود بها من كل عملية تصوير أنا وفريق العمل ومنهم المخرج علي واكد. ولكن الرحلات التي كنت أرافق فيها معالي الدكتور مانع العتيبة لمختلف أنحاء العالم من اليابان حتى البرازيل والأكوادور في أميركا اللاتينية مرورا بهونج كونج والفلبين وإندونيسيا والهند وباكستان وبانجلاديش وصولا إلى أوروبا لحضور مؤتمرات الأوبك، تلك الرحلات كانت تحتوي على الكثير من الرفاهية. كانت الوزارة تقوم بإعطائنا بدل السفر المناسب للإقامة في الفنادق والصرف على الطعام والشراب، ولكن معالي الدكتور مانع كان يصر على أن نوفر بدل السفر ويقوم هو بدفع مصاريف الفنادق لجميع أعضاء الوفد المرافق. لذلك كنا نعود دائما مثقلين بالهدايا التي نحضرها للعائلة من جنيف أو فيينا أو لندن حسب المكان الذي تختاره الأوبك للاجتماع. في هذا المجال لابدّ من ذكر اسمين مهمين عملا معي جنبا إلى جنب في مجال الإعلام البترولي، وهما الأخ شفيق الأسدي والأخ روحي عبيدو من وكالة أنباء الإمارات. كان الاثنان بمثابة نجمين ساطعين ما بين جميع الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء، فهما أولا على علاقة وثيقة بمعالي الدكتور مانع العتيبة ومن خلال تلك العلاقة التي كنت أرعاها وأحرص عليها كانا يحصلان على معلومات لا يمكن للآخرين أن يحصلوا عليها. وكان الأخ روحي عبيدو بسبب لغته الإنجليزية القوية وقدرته الفائقة في استخدام الآلة الكاتبة ينفرد بتقارير ساخنة عن اجتماعات الأوبك وهذا ما جعله صديقا لأهم الشخصيات الإعلامية التي كانت تغطي الأوبك، وأعتقد أن هذا ما أهله فيما بعد لتبوؤ مركز قيادي مهم في وكالة رويترز. كنت أعتبر شفيق الأسدي وروحي عبيدو خبيرين في شؤون النفط إلى درجة أنني كنت في كل مرة نعود فيها من الأوبك أجري معهما حوارا حول خفايا ونتائج المؤتمر الذي حضرناه. وكم من مرة تمكن هذان المجتهدان من الفوز بسبق صحفي مثير عن الأوبك جعل جميع وكالات الأنباء العالمية تنقله عنهما من خلال وكالة أنباء الإمارات التي كان يقودها وما زال الأخ الكبير إبراهيم العابد ومن خلال جريدة “الاتحاد” أيضا. كنت في تلك المؤتمرات أتصل بالأخ ابراهيم العابد كل صباح ليلخص لي الأخبار العربية والدولية وليزودني بنكتة الصباح التي كنت ألقيها على معالي الدكتور مانع مع ملخص الأخبار. وكان معاليه يسأل عن نكتة ابراهيم العابد الجديدة قبل أن يستمع إلى ملخص الأخبار. وحتى الأخبار التي كنت أتلقاها من ابراهيم العابد لم تكن عادية، بل إن كثيرا منها استقاها هو نفسه من مصادره الخاصة، وهذا ما كان يجعل لملخصي قيمة غير عادية. وقد لا أذيع سرا إذا قلت: إنني لم أكن أبخل على شفيق الأسدي وروحي عبيدو بالمعلومات التي كنت أستقيها من وزراء الأوبك ومن الاجتماعات التي كنت أحضرها كعضو رسمي في الوفد المرافق للوزير. لقد استمتعت فعلا بالعمل مع هذا الفريق الرائع، وما زلت أحتفظ بتسجيلات نادرة لبعض هذه المؤتمرات التي حضرتها أتمنى في المستقبل أن يستفاد منها في إنتاج برامج وثائقية تتحدث عن مرحلة مهمة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ألا وهي مرحلة البدايات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©