الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأشيرة عالمية لمسرح محلي

تأشيرة عالمية لمسرح محلي
11 نوفمبر 2009 23:05
حضور مسرحي واضح لدول المغرب العربي في الدورة 21 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي حيث شاركت المغرب وتونس والجزائر وليبيا بستة عروض. فتونس جاءت بعرضين هما “حس القطا” و”بعد حين” وليبيا بعرضين “شيزوفرينيا” و”تقلب” بينما اكتفى المغرب بعرض “لفهامتور” والجزائر بعرض “الأستاذ كلينوف”. من الجزائري وفاجأ عرض “الأستاذ كلينوف” لفرقة المسرح الوطني الجزائري جمهوره باسناد دور “كلينوف” للممثلة سامية مزيان والمسرحية من تأليف كارن برامسون واقتباس وإخراج حيدر بن حسين الذي أهدى عرضه الى روح المبدع العراقي الراحل قاسم محمد وقدم معالجة للنص استنادا لتصور الناقد الراحل محمد مندور الذي رأى أن من يتعرض للنص يتمنى أن يكون خيالا إشفاقا منه على أن يكون هذا القدر من الشر والقوة والأنانية في حياة البشر. بدأ العرض والأبطال جالسين متقابلين في مشهد صامت في بيت الدكتور كلينوف، بينما تقف الخادمة تحكي الأحداث التي تدور حول الأب الشرير “فورسبرج” تاجر الخمور الذي يخسر تجارته فيقرر أن يستغل ابنته “إليز” ولا يتردد في أن يرغمها على أن تبيع نفسها من أجل المال فتهرب وتقرر الانتحار لتجد الدكتور كلينوف الدميم الذي يقترب من العمى يعرض عليها المساعدة ويصحبها إلى بيته وهناك يقع في حبها لكنه يكتشف أنها تحب الشاب “فيديل” النحات فيقرر الهرب بالفتاة التي تجد نفسها ممزقة بين حبها وشعورها بالعرفان للرجل الذي أنقذ حياتها. من تونس وشاركت تونس بعرضين هما “بعد حين” و”حس القطا” اللذين اتسما بروح الكوميديا وهو ما أعجب جمهور المهرجان الذي بحث عن الابتسامة بين العروض للترويح عن نفسه من عناء التجول بين مسارح القاهرة طوال أيام المهرجان. “بعد حين” الذي مثل تونس في المسابقة الرسمية للمهرجان وإخراج أنور الشعافي ينتمي لعروض “المايم” التي تعتمد على الحركة والإيماءات وتدور الأحداث حول فرقة موسيقية تضم ثلاثة عازفين تتعرض لمواقف ضاحكة سواء في كواليس الفرقة أو في مواجهة الجمهور وهو جمهور افتراضي وليس جمهور العرض المسرحي. وتنوعت المواقف داخل العرض فمنها الإزعاج الذي يتسبب فيه رنين الموبايل في صالة الجمهور فيقرر أحد أعضاء الفرقة النزول الى الجمهور بحثا عن الموبايل الذي يقطع عزفهم إلى أن يفاجأ بأنه مع أحد النائمين بجوار الفرقة. ومن المواقف الطريفة عندما يستقبل الجمهور المفترض للعرض الموسيقي أحد العازفين بالتصفيق لمجرد ظهوره ويتواصل التصفيق حتى قبل أن يعزف بينما تظهر المفارقة مع زميله الذي يلقى تجاهلا كبيرا من الجمهور مما يدفعه للإحباط ويزيد من إحباطه أن يعاود الجمهور التصفيق بمجرد مرور عابر لصاحبه ويتكرر الأمر بصورة أخرى عندما تظهر زميلتهم فيتعالى ضحك الجمهور مع أبسط حركة لها بينما يتوقف الضحك تماما عند ظهور زميلها. كما يفاجأ المطرب الذي يغني أغنية لمحمد عبد المطلب بالأضواء تتركز على المجموعة التي تغني خلفه بينما يتم تجاهله رغم انه هو المطرب. وعن تجربته كمتخصص في مسرح البانتومايم الذي يعتمد على حركة الممثل وإيماءاته قال مخرج العرض أنور الشعافي: لجأت لهذا النوع من الفن رغبة في التوجه لأكبر عدد من الجمهور وطرحنا سؤالا عن أي موسيقى نقدم ولأي جمهور فاخترنا أن يدور عملنا حول فرقة موسيقية والمشاكل التي تواجهها. وأضاف الشعافي أنه يتصور إمكانية الاستغناء عن كل مفردات العمل المسرحي إلا الممثل وهو ما يؤكده فن “المايم” باعتبار أن جسد الممثل قادر على تعويض الديكور والاكسسوارات والإضاءة ومن خلال ورشة يتم عمل ارتجالات ليخرج عرض بعد حين. وعن إعجاب الجمهور المصري بالعرض قال :أعجبني رد فعل الجمهور خلال يومي العرض فأكثر ما يسعد أي فنان أن يشعر بأن الناس يقدرون قيمة ما بذله من جهد كما أن إضحاك الجمهور المصري شهادة كبيرة للعمل. أما العرض التونسي الثاني فهو “حس القطا “للمخرج حافظ خليفة المقيم في روما وبطولة الناصر عبد الدائم وجلال عبيد. وقال حافظ :الحرية هي المطلب الذي يلتقي فيه الشرق مع الغرب لأنها مطلب الإنسان الأبدي وشخصيتي “حس القطا” يجمع بينهما الإحباط واليأس في عالم أكثر وطأة من الجحيم ويبحثان عن اليقين في حياة وجودية شبيهة بالجحيم فيتساءلان عن الخير والشر والجنة والجحيم والماضي والمستقبل والفقر والسعادة وكل المتناقضات التي تشق هذا العالم البائس. واستطاع المخرج حافظ خليفة تحقيق جانب كبير من المتعة البصرية والحسية من خلال تعامله مع نصي الكوميديا الإلهية لدانتي بمرجعيتها الأوروبية ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري بما تمثله من مرجعية عربية. وتناولت المسرحية شخصيات هتلر وموسوليني في حوار مليء بالدلالات والسخرية وقسم المخرج المسرح إلى ثلاثة مستويات شكلت الجحيم والحلم والزمن الحالي وصاغ عرضه في قالب الكوميديا من خلال تقنية القناع التي بدأ بها العرض ورمزت للنفاق واستعار شخصيتي “أركولين” و”بنطلوني” الشهيرتين في هذا النوع من الكوميديا. من المغرب أما عرض المغرب “لفهاماتور” فقدمه أبطاله متغلبين على الإحباط الذي أصابهم لعدم مشاركة العرض في المسابقة الرسمية للمهرجان بينما استطاع ان يكون الاسم الأكثر غرابة بين عروض المهرجان وهو مأخوذ عن “مشاجرة رباعية “ ليوجين يونسكو رائد مسرح العبث وإخراج عادل أبا تراب الذي حل اللغز كاشفا عن معنى اسم العرض الذي ينقسم الى “ لفهاما” وهم الناس الذين يفهمون كثيرا أو يعتقدون ذلك أما “تور” فمعناها الثورة. بدأ العرض بمساحة صمت جعلت الجمهور ينفصل عن العرض في البداية ويتساءل عن سبب دقائق الصمت التي اقتربت به من الملل وانتهى العرض بصورة أكثر غرابة مما ابتدأ حيث قدم أبطال العرض التحية للجمهور وظهورهم له. ولم يكن منتصف العرض أقل غرابة من بدايته أو نهايته حيث قضى الجمهور ربع ساعة كاملة يسمع فاصلا من الكلام غير المفهوم. ودارت أحداث المسرحية حول ثلاثة أشخاص “بهام وبهيم وبهوم” يتنافسون على فتاة راقصة. مخرج “لفهامتور” عادل ابا تراب قال عن تجربته: تعاملنا على أساس أن الجمهور جزء من العرض وهدفنا هو تكسير توقعه والصمت في البداية كان مقصودا لأن الصمت لغة لو كان حقيقيا عكس الكلام غير المفهوم. وعن رؤيته الإخراجية لنص يوجين يونسكو قال: استغرق الإعداد 4 سنوات عملنا أولا الإعداد الجسدي ثم الإعداد الفكري ثم تحليل المسرحية والتي فازت بجائزة المسرح الاحترافي في المغرب بحضور سيدة المسرح العربي سميحة أيوب في لجنة التحكيم. من ليبيا وجاءت ليبيا بعرضيها “شيزوفرنيا” الذي شارك في المسابقة الرسمية و”تقلب” ورفع العرضان شعار خير التجريب ما قل ودل فلم يزد “شيزوفرنيا” على نصف ساعة واستغرق “تقلب” خمسين دقيقة. وقدم عرض “شيزوفرنيا” حالة رجل يعاني الانقسام الداخلي وقام ببطولته ثلاثة رجال ملثمين وهو رابعهم. فتح الله المجذوب مخرج وبطل العرض المأخوذ عن نص سوري لحسام جسفان يتكلم عن حالة داخلية لأي إنسان تؤدي الى انقسامه إلى أجزاء وتقريبا كل شخص داخله هذه الحالة واعتمد على تقنية ظهور المخفي الى المرئي مع عدم التركيز على الحوار. وقال المجذوب: هذا ثالث عمل تجريبي لي وأنا أتبنى مقولة إن النص ضيف ثقيل على خشبة المسرح وإن المهم وجود دلالات تستفز المتفرج مشيرا إلى ان التجريب في ليبيا لم يعد يقتصر على عروض الفرق الرسمية وإن عروض القطاع الخاص لا تخلو من التجريب. وتناول العرض الليبي الثاني “تقلب” للمخرج فرج بو فخرة المأخوذة عن “نساء بلا ملامح” للعراقي عبد الكريم شمخي مقولة فلسفية يصعب نقلها للمسرح وهي التي ترى أن العالم يتقلب لا يتغير. واستخدم المخرج 5 صفحات فقط من النص وقدم خلالها نجم المسرح الليبي طارق الشيخي الذي قال: هذه هي أول وآخر مرة أشارك فيها في عروض تجريبية ورصيدي من المسرح الجماهيري بلغ 23 مسرحية. وتناول العرض فتاتان (سلوى المقصبي ونجلاء أمين) تعيشان في سجن مع سجان يعاملهما كجاريتين ومرة أخرى كخليلتين الى أن يدفعاه للموت. ثم أعاد المخرج نفس المشاهد بعد أن استبدل سجن مادي بسجن نفسي مع تغيير بسيط في الديكور لينقل الجمهور لعالم صاخب في إشارة الى أن نفس القضايا تتكرر مثل استعباد المرأة والسلطوية وموقف الإنسان من الحرية والقهر. ويختم المخرج العرض بالإبقاء على السجان موجودا بعد قتله واقفا متحديا في حالة غامضة كما يلجأ للموسيقى لتعبر عن الدموية والصراخ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©