الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مخاوف مشروعة.. ولكن!

مخاوف مشروعة.. ولكن!
17 ابريل 2011 17:20
المشكلة: عزيزي الدكتور : ابنتي تخرجت في الجامعة هذا العام، عمرها 23 سنة. تقدم شاب ذو أخلاق عالية لخطبتها، وهو لايزال في السنة الجامعية النهائية، وحالة أسرته المادية ميسورة، لكن عمره أصغر منها “21 سنة”، وهي مترددة بسبب فارق العمر وترى أنه صغير، أو أنه لا يستطيع تحمل المسؤولية، أو أنه يعيش سن المراهقة بعد الزواج، ومن الممكن أن يفكر في الزواج مره أخرى فيما بعد، أو يتغير رأيه فيها لأي سبب. وبالسؤال عنه تبين أنه خلوق، وهو بار بأمه كثيراً، ومتحمل مسؤولية أهله. كما أننا متخوفون من سيطرة والدته عليه، ويحتمل أن تتحكم في حياته وتصرفاته، رغم أنها طيبة للغاية، لكنها تعتزم أن يعيش ابنها مع الأسرة في البيت نفسه أو العمارة التي يمتلكونها، وخلال الفترة الأخيرة التي تردد علينا فيها أكثر من مرة، لاحظت أن ابنتي تعلقت به، وأنها موافقة عليه، لكنها لا تخفي تخوفها، وأحياناً تبدو مترددة. أحياناً تقول إنها موافقة، ومرة أخرى تقول لا لست موافقة بعد. وعرفنا منه أنه ينوي أن تكون الخطوبة لمدة وجيزة مع عقد القران، لكن لا يتم الزواج إلا بعد سنتين والسبب صغر سنه. ابنتي لا تفكر في المشاكل المحتملة، ولا تتخذ قراراً بعد تفكير، إنما هي متهورة قليلاً حتى وإن حصل واتخذت قرارا يمكن أن تندم عليه. وإن واجهت مشكله تلتزم الصمت، وهي من النوع الذي يبدو على نيته، وكثيراً ترى كل الناس طيبين، وسرعان ما تخدع في أناس كثيرين لطيبتها. أنا أخاف عليها كثيراً والزواج حياة وعشرة، ولا أريدها تفكر بقلبها إن كانت قد أحبته، ولا أريدها أن تتخذ قراراً ثم تندم أو ترى أنها تعجلت. أرجو التوجيه والنصيحة. أم سها. س النصيحة: الزواج حلم كل شاب وفتاة في مقتبل العمر، ويكون الزواج ناجحاً مع تحديد أهداف كل طرف من الزواج، وتحديد صفات شريك الحياة بشكل صحيح، وعموماً يجب أن يدرك الطرفان أن القبول النفسي والارتياح بينهما في فترة الخطبة عامل مهم لنجاح العلاقة بعد الزواج، لكن يأتي التكافؤ كأحد العوامل الرئيسية التي يجب أن يراعيها الزوجان عند اختيار شريك الحياة، ولا مانع أن تأتي الكفة لصالح الزوج بعض الشيء ليكون شعور الزوجة بتميز زوجها عنها، وبالتالي تأتي القوامة، باحتوائه لها وقوامته النفسية عليها. فارق العمر بين الزوجين ليس معياراً أساسياً لتحديد مدى نجاح الزواج، فهو شيء نسبي وليس ثابتاً، لكن في حالات كثيرة ثبت فشل حالات الزواج التي تكون فيها الزوجة أكبر من زوجها حتى ولو ببضعة أشهر، وقد وضح البعض سبب ذلك في شعور الزوجة أحياناً بصغر زوجها، وبالتالي عدم احترامها له، خاصة إن شعرت معه بعدم تحمل المسؤولية وعدم رجاحة العقل، فتشعر أنها قد تزوجت مراهقاً، فلا تشعر بالأمان، ولا بقوامته عليها، أو قد يحدث العكس بعد مرور وقت من الزواج، فتكبر المرأة شكلاً بسبب الحمل والولادة والإجهاد الدائم لها، ويندم الشاب على زواجه ممن تكبره سناً، وتظل الأفكار تراوده بالزواج من أخرى صغيرة تشعره ببهجة الحياة من جديد. نحن نجد في بعض الحالات النادرة رجالاً تحملوا المسؤولية منذ الصغر، وتربوا على تحمل أعباء البيت ومشكلات إخوتهم الصغار، بل وكانوا يشاركون آباءهم المسؤوليات المالية للبيت، فأصبحوا رجالاً يعتمد عليهم في سن صغير، وما كانوا يهتمون بفارق السن بينهم وبين زوجاتهم، فسارت الحياة في سعادة تامة ونجح الزواج. أنت لم تشيري لولي ابنتك، لذلك يجب أن تعود إلى وليهاـ عم أو خال- إن لم يكن والدها موجوداً، وأن توكل له أمر مدى صلاحية هذا الشباب للزواج، وألا تترك لنفسها التفكير واتخاذ القرار وحدها، فمن المعروف أن الفتيات يفكرن دائماً بمشاعرهن وعواطفهن، ولا يعطين الفرصة الكاملة للعقل لأن يحدد الصواب من الخطأ. أما بشأن والدة هذا الشاب، فيجب أن تتحروا جيدا حول مدى علاقتها بابنها، فإذا لم يفرق الرجل بين بر أمه، وبين حقوق زوجته، لن يستطيع الصمود أمام غيرة أي منهما، وقد ينتهي زواجه بالفشل، لذلك يجب أن يتم السؤال عن علاقة هذا الشاب بأمه بشكل جيد، وتتأكدوا إن كان هذا الشاب حكيماً سيحافظ على ابنته أم لا؟ وفي الوقت نفسه يجب أن تعرف ابنتك حقوق الأم على ابنها، بما لا يضرها كزوجة، وأن تكون هي عوناً له على برها وطاعتها ورضاها. وإن أخذتم قراراً بالخطبة، فيجب ألا تتسرعوا وأن تكون خطبة فقط- دون عقد القران- حتى يتسنى لها اختباره في هذه الفترة، وإن وجدت أنه غير مناسب لها، فلا يكون عليها حرج من فسخ الخطبة، أفضل من أن تكون مطلقة. وخلال فترة الخطبة عليكم أن تتأكدوا من مدى تحمله للمسؤولية، ومدى تمسكه بها، وفهمه لطبيعة اختلاف العلاقة بين الابن ووالدته، وبين الزوج وزوجته، وألا يسمح بتداخل العلاقات وحدوث المشاكل، وأن تتبينوا جيداً مدى تحكم أمه في حياته الشخصية والزوجية، وإن تأكدتم من ذلك فيجب أن تنهى الخطبة على الفور. أما السكن، فإن كانت الظروف المالية للشاب تسمح له بشراء منزل مستقل عن بيت الأهل، يكون هذا من الأفضل لهما. ويجب أن تفهم ابنتك جيداً أن فترة الخطبة هي فترة تقييم شريك الحياة من ناحية عقلية فقط، مع ترك مساحة الارتياح، أما فترة العقد فهي فترة انطلاق المشاعر والعواطف وترك العقل- الذي أدى دوره سابقاً- جانباً، وإن حدثت أي مخالفات في الفترتين السابقتين فهذا سيترك مجالاً كبيراً لحدوث الخلافات وفشل الحياة الزوجية. لذلك يجب أن تفكر جيداً وتعلم أن الحب وحده لا يكفي للزواج، ومشاعرها الحالية ليست حباً إنما هي مجرد إعجاب- غير موزون. وعليها أن تلغي هذه المشاعر وتتركها جانباً وتترك لعقلها التفكير. فإن تمت هاتان الخطوتان بنجاح، فسيكتب النجاح للحياة بعد الزواج إن شاء الله تعالى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©