الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معضلة بيونج يانج واشتراطات واشنطن

17 ابريل 2011 17:39
عندما وصلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى سؤول ليلة السبت الماضي، كانت لديها قائمة مسائل طويلة تنوي الحديث عنها مع مسؤولي كوريا الجنوبية، بما فيها اتفاقية للتجارة الحرة لم تتم إجازتها بعد، وبرنامج الغوث الإنساني للحليف المجاور اليابان. لكنها لم تشر إشارة واضحة إلى مسألة واحدة كانت تمثل مناقشتها هدفاً رئيسياً من أهداف هذه الزيارة، على حد قول بعض المسؤولين الأميركيين، أي معضلة الجارة بيونج يانج. وقد كان العامان الماضيان اللذان أعقبا مراسم تنصيب الرئيس أوباما، مليئين بالتحديات الكبيرة للإدارة الجديدة في منطقة شبه الجزيرة الكورية. فخلال هذه الفترة القصيرة، قصفت بيونج يانج سفينة حربية تابعة لسؤول مما أدى إلى غرقها، كما قصفت المدنيين الكوريين الجنوبيين، إضافة إلى إجراء اختبارات غير مشروعة لأسلحتها النووية. وفوق ذلك كله تعثرت المفاوضات السداسية الهادفة إلى نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. لكن في خطابها المفتوح الذي وجهته كلينتون إلى نظيرها الكوري الجنوبي، لم تشر الوزيرة إلى أي جزء من هذه المعضلة، بينما اقتصرت إشارتها غير المباشرة إلى بيونج يانج، على ذكر متحفظ لسياسة "منع الانتشار النووي". ورغم ذلك التحفظ، فقد أكد مسؤولون أميركيون أن هدفاً رئيسياً وراء زيارة كلينتون لسؤول، كان تمتين علاقات التحالف بين واشنطن وسؤول، إضافة إلى التأكد من تطابق مواقفهما وسياساتهما إزاء كوريا الشمالية. وفي هذا الخصوص قال مسؤول أميركي بارز، امتنع عن ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث في هذه المسائل: لقد كان أحد أهم أهداف زيارة كلينتون لسؤول، هو التأكد من عدم وجود أي مسافة فاصلة أو سوء فهم بيننا وحلفائنا حتى يتسنى لنا تحقيق أهداف سياساتنا الخارجية المشتركة. ونحن عازمون على ألا نسمح لمثل هذه المسافة أن تنشأ بيننا والحلفاء أصلاً. ومن جانبها، أشارت بيونج يانج مؤخراً إلى رغبتها في استئناف المحادثات الدولية بشأن برامجها النووية. كما عقد مسؤولوها عدة لقاءات مع جيرانهم الكوريين الجنوبيين. لكن، وبعد مضي عدة سنوات من مراقبة دائرة الاستفزازات والسلوك العدواني الكوري الشمالي، والعقوبات، ثم التنازلات الهامشية المحدودة التي تقدمها بيونج يانج للمجتمع الدولي مقابل الحصول على الغذاء والمساعدات الاقتصادية، قرر الدبلوماسيون الأميركيون الانخراط مجدداً معها، لكنهم لم يتأكدوا بعد مما إذا كانت الجارة الجنوبية سؤول راغبة هي الأخرى في الانخراط الدبلوماسي مع بيونج يانج بغية التوصل إلى حل تفاوضي سلمي لأزمتها. وبينما وصف بعض المنتقدين هذا الموقف الأميركي بأنه يفتقر إلى الخطة، نظراً لأن سياسات واشنطن إزاء بيونج يانج لم تثمر عن أي نتائج عملية بعد، هناك من وصف الموقف نفسه بأنه ضرب من "الصبر الاستراتيجي". ومن بين هؤلاء يقول فيكتور تشا -مستشار رئيسي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن- إنه رغم اختلاف أساليب واستراتيجيات الإدارات المختلفة في واشنطن عن بعضها، فلا شك أن واشنطن قد سعت إلى الحل الدبلوماسي نفسه طوال الثلاثين عاماً الماضية من تعاطيها مع أزمة بيونج يانج. وأضاف "تشا" قائلاً: إنني لا ألوم الإدارات على محاولاتها المتكررة هذه، لكني لست ممن يعتقدون بجدواها ولا في قدرتها على التوصل إلى حل تفاوضي مع قادة بيونج يانج. والمعضلة الرئيسية التي ظلت تواجه واشنطن منذ سنوات طويلة في شبه الجزيرة الكورية، هي أنها تخسر في كل مرة تحاول فيها أو لم تحاول الانخراط الدبلوماسي في هذا الجزء من العالم. وفي هذه المرة تخاطر واشنطن مجدداً بمبادرة استئناف المحادثات مع بيونج يانج، خاصة إذا كانت هذه الأخيرة غير جادة في التفاوض ولا تسعى للوصول عبره إلى أي نتائج، بقدر ما تسعى إلى كسب المزيد من الوقت، وابتزاز المجتمع الدولي. لكن المشكلة أيضاً أن من شأن اتخاذ سياسة حازمة إزاء بيونج يانج، أن يحفزها على توجيه استفزاز عسكري آخر، ربما يكون اختباراً نووياً هذه المرة، أو ربما يدفعها إلى توجيه ضربات عسكرية جديدة إلى جارتها الجنوبية سؤول. بيد أن أحداثاً عديدة قد وقعت مؤخراً، ولا يستبعد لها أن تدفع الأمور باتجاه احتمالات كثيرة مفتوحة. فخلال العام الماضي مثلاً، بدا واضحاً أن مسؤولي بيونج يانج قد انشغلوا بتهيئة كيم جونج إيون لتولي الرئاسة من والده كيم جونج إيل. وهذا الابن لا يزال قيادياً شاباً لم يختبر بعد، ويصعب التنبؤ بما سوف تكون عليه سياساته في دولة عرفت بشمولية نظامها السياسي وغطرسته. ومن جانب آخر أشارت تقارير منظمات الغوث الإنساني إلى حاجة بيونج يانج الماسة إلى المساعدات الغذائية العاجلة بالنظر إلى فقر المواطنين وسوء أوضاعهم المعيشية. فقد أزهقت المجاعات أرواح مئات الآلاف في الماضي كما هو معلوم. وعليه فربما يكون التفاوض مع بيونج يانج على أساس تقديم المساعدات الغذائية والإنسانية لمواطنيها -وهو ما لم تقرره إدارة أوباما بعد- بمثابة فتح صفحة جديدة من العلاقات معها. لكن يظل محتملاً أن تؤثر على المفاوضات المقبلة مع بيونج يانج، الأنباء التي بثت مؤخراً عن اعتقال سلطات الأمن الكوري الشمالي مواطناً أميركياً بتهمة قيامه بأنشطة دينية غير مشروعة. وذكر مسؤولون أميركيون أنهم بدؤوا العمل على إطلاق سراح السجين الأميركي، بالتعاون مع حلفاء آخرين من بريطانيا والسويد، مع العلم بوجود علاقات دبلوماسية قوية بين هاتين الدولتين وبيونج يانج، خلافاً لغياب هذه العلاقات مع واشنطن. ومهما يكن من هذه الاحتمالات، فالمؤكد أن واشنطن لا تزال تتمسك بموقفها الحازم إزاء بيونج يانج. فهي لا ترغب في استئناف أي مفاوضات معها قبل أن تلتزم هذه الأخيرة بما قطعته من عهود والتزامات سابقة على نفسها، فيما يتعلق ببرنامجها النووي. ويليام وان - سؤول ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©