الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حماية التسامح في باكستان

17 ابريل 2011 17:40
اغتيل قبل فترة من الآن وزير الأقليات الباكستاني شهباز بهاتي خارج بيته في إسلام آباد. وأعلنت منظمة "حركة الطلبة الباكستانيين في البنجاب" مسؤوليتها عن عملية الاغتيال في منشورات اكتشفت في موقع الحادث. وقد صرح مرتكبو الجريمة بأن عملهم جاء كردة فعل على معارضة الوزير لقوانين التجديف في باكستان. ويقصد بقوانين التجديف في باكستان توفير الحماية ضد أي شخص يقوم بإهانة الإسلام أو نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ويمكن لانتهاك هذه القوانين أن يؤدي إلى دفع غرامات أو إلى السجن أو حتى إلى الإعدام. وتساند شرائح عديدة من الجمهور الباكستاني هذه القوانين معتقدة أنها استُنبِطَت مباشرة من القرآن الكريم، إلا أنه لا توجد براهين تدعم هذا المنظور. وتشكّل جريمة مقتل بهاتي، والتي جاءت بعد 57 يوماً من مقتل محافظ البنجاب سلمان تيسير على يد أحد أعضاء حرسه الشخصي لمعارضة القوانين نفسها، تشكل تذكاراً مؤسفاً على أنه يتوجب على دولة باكستان أن ترد بشكل فاعل على عدم التسامح والتطرف الديني اللذين يترعرعان في أوساط شرائح عديدة من المجتمع، وهي توجهات تضع الأقليات الدينية في باكستان في وضع معرّض بشكل متزايد. لقد أبرز مقتل بهاتي، وهو كاثوليكي وعضو مؤسّس في تحالف أقليات باكستان، الذي يعمل لصالح الأقليات الدينية المهمشة في الدولة، أبرز وبشكل متزايد الحاجة الملّحة لأن تحمي الدولة الأصوات التي تنادي بالاعتدال والتناغم بين الأديان ومحاربة بيئة التطرف المتنامي. وكان بهاتي قد تسلّم العديد من تهديدات القتل منذ اضطرابات عام 2009 في بلدة غوجرا في البنجاب، والتي اشتعلت نتيجة لإشاعات بالتجديف، مما أدى في حينه إلى مقتل ثمانية مسيحيين باكستانيين. إلا أن التهديدات تزايدت عندما بدأ بهاتي ينادي بـ"تحقيق دقيق واستئناف عادل" في قضية آسيا نورين، المرأة الباكستانية المسيحية التي حكم عليها بالموت بسبب ادعاءات بالتجديف، في محكمة مقاطعة نانكانا، في البنجاب. وما زال استئناف قُدِّم في نوفمبر 2010 للقرار معلقاً في محكمة لاهور العليا. وما زال التحقيق في اغتيال بهاتي مستمراً، وما فتئت الأسئلة المتعلقة بغياب الأمن حول الوزير تبرز. ويتوجب على الدولة الباكستانية كذلك أن تتعامل مع القضية الأوسع، أي غياب التسامح وتنامي التطرف الديني، وأن تدرس المعوقات التي تقف في طريق دولة تعددية كما رآها الأب المؤسس لدولة الباكستان، محمد علي جناح. ويشكّل اغتيال بهاتي وتيسير، وأحداث أخرى مماثلة، إهانة للرؤية التي كانت حاسمة في تأسيس الباكستان وحماية حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. وحتى يتسنى منع تكرار أحداث كهذه، على الحكومة أن تقوم بإيجاد سياسة شاملة واسعة لتصحيح نتائج عدم التسامح الديني وتقوية أسس دولة وجدت للحفاظ على مبادئ حرية الدين وحماية جميع مواطنيها من خلال حكم القانون. وتستطيع الحكومة، كبداية، أن تطبق سياسة كان بهاتي قد شجّع وزارة التعليم على تبنيها، تدعم وبقوة ومثابرة مبادئ التسامح الديني والتعايش السلمي في المدارس. وسوف تشكّل مراجعة المناهج الحالية وإعادة توجيه المنهجيات التدريسية خطوات تستطيع أن تنتج على المدى البعيد نتائج مثل التحول في العقلية والإجحافات المتأصّلة. كان بهاتي يأمل كذلك أن تطبّق الحكومة قانوناً يجعل من التحريض على العنف ضد الأفراد والجماعات على أسس انتماءاتهم الدينية أمراً غير قانوني. وفي الوقت نفسه، تجب مراجعة القوانين التي تشجّع التمييز السياسي والاجتماعي على أسس دينية، بما فيها قوانين التجديف، ويجب إدخال أساليب حماية تشريعية للأقليات الدينية وغيرها من المجموعات. وتستطيع الحكومة كذلك أن تحقق فرقاً إذا باشرت في برامج تدعو للتناغم بين الأديان والحوار بين ممثلي المجتمعات الدينية الباكستانية المتنوعة. ولن تكون أيٌ من هذه الخطوات ذات فعالية ما لم تضمن الدولة الباكستانية الأمن والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات، حسب الدستور الباكستاني. وستحقق الحكومة التي تدافع عن التناغم بين الأديان وتعمل بنشاط وفاعلية لكبح جماح قوى التطرف، خطوات كبيرة نحو حماية الأقليات الدينية في باكستان، وتعيد بالتالي رؤية محمد علي جناح لباكستان كدولة تعددية وتقدمية. قرة العين صديقي صحفي مركزه كراتشي ينشر بترتيب مع خدمة "كومون جراوند"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©