الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كأس العالم.. وحلم الانتعاش الاقتصادي

25 ابريل 2014 23:29
جيم أونيل رئيس مجلس الإدارة السابق لـ «جولدمان ساكس لإدارة الأصول» تعتبر كرة القدم بالنسبة لمئات الملايين من البشر في أنحاء العالم هي الرياضة الأكثر أهمية، وبالطبع فإن منافسات كأس العالم التي تقام كل أربعة أعوام هي أعظم حدث رياضي على الإطلاق. وعلى رغم أن هناك دورة الألعاب الأولمبية، إلا أنها لا تضاهي كأس العالم لكرة القدم، ودعونا لا ندعي العكس. وبينما لا يفصلنا سوى أقل من شهرين على منافسة كأس العالم، فلا شيء آخر يجذب الانتباه أكثر منها. وتستضيف البرازيل منافسة العام الجاري، وهو ما يُثير اهتماماً بالغاً لدى المهوسين بجانب التحليل الاقتصادي في كرة القدم مثلي، لاسيما أن منافسات كأس العالم تعتبر أحداثاً ذات زخم كبير معروفة بأنها تمنح الاقتصادات دفعة قوية، خصوصاً عندما تفوز الدولة المضيفة. ومن المنطقي زعم أن البرازيل تعتبر أنجح دول العالم في كرة القدم، ولديها فرصة قوية جداً للفوز بلقبها السادس خلال العام الجاري، كما أن لديها أيضاً اقتصاداً متعثراً، ومن الممكن أن تحصل على دعم قوي عبر انتصار كبير آخر.. أو ربما تتأثر تأثراً شديداً إذا لم تبلِ بلاءً حسناً! وبكل تأكيد ثمة حاجة إلى شيء ما يبث النشاط في اقتصاد البرازيل، العضو في مجموعة «بريك» الاقتصادية، إذ لم يعد من السهل بالنسبة لتلك الدولة أن تعتمد على الازدهار الذي يرتكز على السلع كما كانت الحال خلال العقد الماضي. وتواجه الرئيسة ديلما روسيف انتخابات الرئاسة في أكتوبر المقبل، ولم تعد تحظى بالشعبية التي اعتادت عليها، وعلى صعيد السياسات، هناك أيضاً أشياء كثيرة يتعين عليها فعلها، فالشركات البرازيلية تحتاج إلى التحرر، كما أن على القطاع العام أن يتوقف عن إخافة شركات القطاع الخاص. وثمة ضرورة شديدة لاستثمارات من القطاع الخاص بهدف دفع نمو الاقتصاد البرازيلي من 4 إلى 5 في المئة سنوياً، وهو أمر ممكن، ولكن إصلاحات من هذا القبيل تحتاج إلى ثقة الناخبين ورصيد سياسي، ويمكن للفوز بكأس العالم أن يمنح هذين الأمرين معاً. وقد اعتدت على زيارة الدول المضيفة لكأس العالم أثناء المنافسة منذ عام 1994 عندما أقيمت في الولايات المتحدة، وسأذهب إلى البرازيل خلال العام الجاري أيضاً. وأعتقد أن مناسبة كأس العالم، فرصة للدول المضيفة كي تظهر معالمها وعناصر جذبها للمستثمرين العالميين، فمثل هذه الانطباعات يمكن أن تدوم لوقت معقول. ولا زلت أتذكر أن مدينة سيئول كانت ملونة باللون الأحمر بسبب الظهور غير المتوقع لكوريا الجنوبية في مباراة نصف النهائي في عام 2002، وأتذكر أيضاً تلك الاحتفالات المهولة في شارع قصر الإليزيه عندما فازت فرنسا في عام 1998، والظهور الخاص لألمانيا جديدة حيوية متألقة في عام 2006. وفي عام 2002، كانت هناك أحاديث كثيرة عن الدعم الاقتصادي الذي ستمنحه المنافسة لكوريا الجنوبية، ولكن في الحقيقة، لم أرَ دلالات كبيرة عليه، كما أن انتصار فرنسا في عام 1998 كان من المفترض أيضاً أن يكون بشير خير بنهوض اقتصادي، غير أن ذلك لم يحدث. أما ألمانيا فقد أحرزت نجاحاً اقتصادياً نسبياً منذ استضافتها للمنافسة في عام 2006، ولكن التحول الثقافي المفترض، لتصبح ذات مظهر أكثر عالمية، متكافئ مع قوتها الاقتصادية لم يتحقق أيضاً. وقد كان هناك قدر كبير من التشويق والاهتمام بالإمكانات الاقتصادية في جنوب أفريقياً كذلك عندما استضافت المنافسة في عام 2010، ولكن اليوم ربما هناك اهتمام أكبر بالإمكانات الواعدة في منطقة الصحراء الأفريقية أكثر من جنوب أفريقيا نفسها. وإلى جانب منتخب البرازيل، من الفرق المفضلة أيضاً في المنافسة المقبلة الأرجنتين وألمانيا وإسبانيا على الترتيب، وتمتلك أوروجواي فريقاً جيداً أيضاً، ولابد أنه سيقدم عروضاً قوية. ومن الجدير أن نتذكر أنه في جميع المنافسات على كأس العالم التي عقدت في أميركا اللاتينية كانت دولة أميركية لاتينية تفوز بها. ودائماً ما تعتبر هولندا منافساً صعباً وبمثابة الحصان الأسود، وفي هذه المرة تقدم بلجيكا فريقاً قوياً أيضاً، ومن الممكن أن يكون مفاجأة الربيع. ومن بين الفرق الأربعة التي تحظى بأفضلية، تحتاج الأرجنتين وإسبانيا للفوز ربما أكثر من البرازيل، إذا كانت الرغبة في التعافي الاقتصادي هي الاختبار الذي تمثله المنافسة. ولكني أرى أن فوز الأرجنتين سيمثل مشكلة في السياق الاقتصادي، إذ أن الفوز بلقبها الثالث في كأس العالم ربما يجد ترحيباً كبيراً من قبل الصفوة السياسية كفرصة للاستمرار بالبلاد على طريق السياسات التي وضعتها في مسار التراجع الاقتصادي المستمر. وعندما زرت الأرجنتين مؤخراً، لم يكن بوسعي سوى ملاحظة مدى تراجع البلاد، خصوصاً عند مقارنتها مع تشيلي، ولا تحتاج حكومة الأرجنتين لرأسمال سياسي بقدر حاجتها إلى صدمة كي تسلك مساراً جديداً. وقد فازت إسبانيا في المنافسة في جنوب أفريقيا قبل أربعة أعوام، وعليه، فهي تعرف جيداً أن النجاح في كأس العالم لا يعني دائماً نذير انتعاش اقتصادي، ولكن بعد أربعة أعوام، هناك دلالات على أنها ستخرج أخيراً من كبوتها. وقد بدأت أفكر في أن الاقتصاد الإسباني ربما سيفاجئ المستثمرين في غضون العامين المقبلين. ومثلما ذكرت، لم يفز أي فريق أوروبي بكأس العالم في أميركا اللاتينية، ولكن يبدو أن ألمانيا في وضع قوي يمكنها من كسر هذه القاعدة، وأعتقد أن لديها الفرصة الأفضل، وربما في هذه المرة -إن حدث ذلك- ستثري التجربة ألمانيا، ومن ثم ستقرر تحمل مزيد من الأعباء الاقتصادية وتتولى الريادة السياسية في أوروبا.. ولكن، ليس من المسموح للمرء أن يحلم بذلك سوى مرة كل أربعة أعوام! يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©