الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

العيال كبرت

20 يونيو 2010 00:28
الحياة مسرح كبير.. هكذا كان يقول شكسبير وهكذا ردد خلفه يوسف وهبي أحد رواد المسرح العربي المعاصر، وربما جاء مونديال جنوب أفريقيا وما قبله ليؤكد المقولة التاريخية نفسها باعتبار كرة القدم جزءاً من الحياة، وكم أميل إلى الاعتقاد بأن ما يحدث الآن على ساحة الساحرة المستديرة يعكس بصورة ما عناوين مسرحيات نالت الكثير من الشهرة من طراز “مدرسة المشاغبين” و”العيال كبرت”! وربما مالت الغالبية إلى الاعتقاد بأن المنتخبات الكبيرة التي سقطت على أقدام الصغار في المراحل الأولى لمونديال جنوب أفريقيا من أمثال هولندا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وربما البرازيل على الرغم من الفوز الأول الباهت، هي منتخبات متهمة بالتخاذل وموصومة بالتقصير لكنني أميل إلى النظر من الزاوية العكسية باتجاه المنتخبات الصغيرة معتقداً أنها “كبرت” أو هي على الطريق وأنه لا يوجد ثمة تقصير من القوى الكبرى وإنما تنامى “المستصغرون” واختلفت موازين القوى عما اعتدنا عليه في لعبة الصغار والكبار. وما المانع في أن يتحول “المشاغبون” من أمثال الكوريتين وأميركا وسويسرا وسلوفينيا وأوروجواي أوغيرهم ممن أثار شغباً في موازين المونديال خلال دورات سابقة إلى كبار الآن أو فيما بعد، ولماذا لا نعتقد أن “مدرسة المشاغبين” قد نضجت وتخرج فيها تلامذة في طريقهم للتحول إلى أساتذة وبأن “العيال كبرت” تحت شمس جنوب أفريقيا؟ هذه هي قوانين المسرح الكبير الذي تتعاقب عليه أحداث الحياة وفصول التاريخ، ولعل كريستوفر كولومبوس عندما أبحر إلى القارة المجهولة ليكتشف موقع الهنود الحمر لم يكن يعلم أنه باكتشافه المذهل قد ضرب أول معول في رأس بلاده ليبدأ بعدها انهيار الحضارة البرتغالية فلا يبقى منها غير مفردات لغة قديمة تتحدثها بعض دول أميركا اللاتينية فيما أخذ النجم الأميركي في السطوع حتى صارت الولايات المتحدة أكبر قوة تهيمن على العالم مثلما هيمنت حضارات وقوى قديمة تفكك منها ما تفكك وذهب من ذهب وجاء ما جاء ولا يزال الصراع مستمراً على خشبة المسرح الكبير الذي ليس له كبير طالما بقي صراع الكبار والصغار وبقيت دائرة الحياة تدور ويدور معها الأفراد والشعوب والحضارات وموازين القوى. لكن الجانب التمثيلي حقاً في مسرحيات المونديال هو الظهور المتنامي لرجال السياسة الذين دأبوا- لا سيما في الدورات الأخيرة- على البحث عن دور ولو هامشي من أمام أو خلف الستار من دون أن يكون معلوماً أهو حب في الكرة أم استثمار لشعبيتها لكنه بالقطع دور لن يجمّل الوجه القبيح للسياسة طالما بقيت ترفع الشعار المكيافيللي “الغاية تبرر الوسيلة” وهو ما تتبرأ منه الساحرة المستديرة التي لا تخفي وراء عباءة الغايات النبيلة تراثاً من البغي والعدوان.. الكرة صراع نبيل وجميل ومسرحية محترمة تنتهي بالتصفيق لا بحصار أو احتلال باسم الديمقراطية! mamdo9495@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©