الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة «العشرين»: سجال حول سبل الإصلاح المالي

قمة «العشرين»: سجال حول سبل الإصلاح المالي
20 يونيو 2010 00:34
اعتباراً من السادس والعشرين من شهر يونيو الجاري، يتوقع أن تعقد هيئة ممثلة لمجموعة العشرين G-20 مؤتمر قمة يستمر لمدة يومين في كندا، بهدف التنسيق بين دول المجموعة فيما يتعلق بتطبيق النظم والمعايير المالية على كبريات الاقتصادات العالمية. ويتوقع أن يطالب جميع المشاركين في القمة بتشديد الضوابط والنظم على المؤسسات المصرفية، بينما يتوقع للبعض أن يردد أصداء كلمات القديس أوغسطين الشهيرة: "ولكن ليس بعد" في القمة نفسها. فبينما يكاد الجميع يتفق على ضرورة إجراء تغييرات على ضوابط ونظم هذه المؤسسات، كثيراً ما يثير مصطلح "التغيير الجذري" خلافاً بين صناع السياسات والقرارات، ويصعب الاتفاق بينهم عليه، خاصة فيما يتصل بتوقيته. ويمتد هذا الصدع بين الدول الأعضاء في مجموعة G-20، وخاصة الولايات المتحدة التي ترغب في تطبيق نظم ومعايير أكثر صرامة وتشدداً بأسرع ما يمكن، حتى يمكن الحد من قدرة البنوك والمؤسسات المالية على المضاربة في الأسواق المالية العالمية، ودول أخرى مثل فرنسا وألمانيا، اللتين توافقان على التغييرات المطلوبة من حيث المبدأ، ولكنهما تطالبان بالمزيد من الوقت لتطبيق هذه النظم والمعايير. ويمتد هذا الصراع بعيداً، حتى يكاد يشمل المساحة الشاسعة التي تفصل بين دبلن وطوكيو. وخلال العامين الماضيين، ظلت كبريات الدول الصناعية تلحظ تنامي عجز ميزانياتها العامة بفعل خطط الإنقاذ المالي للبنوك والمؤسسات المالية وسياسات حفز الإنفاق، التي قصد منها منع الانهيار الاقتصادي للدول. ولكن السؤال الذي يطرح الآن هو عما إذا كان قد آن الوقت لكبح جماح الإنفاق والحد من المديونيات الحكومية؟ وفي حين يجيب البعض بالإيجاب عن السؤال، هناك من يتخوف من أن يؤدي خفض الإنفاق الحكومي إلى زيادة معدلات البطالة، وإبطاء النمو الاقتصادي. ويعتبر الإقراض عنصراً أساسيّاً في عملية النمو الاقتصادي، لكونه يحفز الإنفاق ويشجع على التوسع الاستثماري. بيد أن الضوابط المالية الجديدة ستطالب البنوك بالاحتفاظ بالمزيد من الاحتياطيات المالية والحد من مستوى إقراض رؤوس أموالها، على أمل الحد من حاجة هذه المؤسسات للإنقاذ المالي مستقبلاً من قبل الميزانيات الحكومية. ولكن يرى بعض المنتقدين في هذه الإجراءات عاملاً مثبطاً للنمو الاقتصادي في وقت بدأت فيه الكثير من الدول الأوروبية إجراءات عملية تهدف إلى إحداث خفض كبير لميزانياتها العامة. والحجة المثارة ضد هذه الإجراءات هي أنها ستضيف كثيراً إلى تكلفة النشاط الاستثماري، مع العلم أنها تكلفة سيتحمل عبأها المستهلك، بينما تكون نتيجتها النهائية التأثير السلبي على النمو. وهذا هو رأي "يوري دادوش" الاقتصادي الرئيسي السابق بالبنك الدولي، والخبير الاقتصادي حاليّاً بمؤسسة كارنيجي للسلام العالمي بواشنطن. وفي منتصف شهر يونيو الجاري، احتجت البنوك والمؤسسات المالية على الإجراءات الجديدة المطلوبة بالقول إنها ستقوض النمو الاقتصادي الذي تحقق سلفاً. ففي تقرير أعده وأصدره "المعهد المالي العالمي" -وهو مؤسسة مالية عملاقة تضم نحو 350 بنكاً من كبريات البنوك العالمية- قال خبراء المعهد إن من شأن الإجراءات المالية الجديدة أن تخفض نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المئة في كل من الولايات المتحدة واليابان وأوروبا، بينما تؤدي إلى خسائر في الوظائف على مدى السنوات الخمس المقبلة، تقدر بحوالي 9 ملايين وظيفة. وعلى حد قول بيتر ساندس، المدير التنفيذي لـ"ستاندرد تشارترد بنك" البريطاني وأحد مسؤولي "المعهد المالي العالمي" فإن الحجة التي أثارها المعهد ليست لها صلة بمعارضة إصلاح النظم المصرفية الموجودة حاليّاً، بقدر ما لها صلة بالتنبيه إلى الثمن الباهظ الذي يتطلبه جعل المصارف أكثر أمناً واستقراراً، مع العلم أن الاقتصاد الحقيقي هو الذي يتحمل ذلك الثمن. والتحدي الرئيسي الذي يواجهنا في إصلاح النظم المالية القائمة وتحمل الثمن الذي تكلفه، هو إيجاد التوازن الصحيح بين طرفي المعادلة المالية الصعبة. ولكن في الوقت الراهن، فإن للتوازن المطلوب بين طرفي المعادلة علاقة كبيرة بالزمن والتوقيت. وفي هذا المقام تنشط "لجنة بازل للإشراف المصرفي" وهي هيئة دولية متعددة الجنسيات تناط بها مسؤولية الإشراف على المعايير الخاصة بالنظام المالي لدول مجموعة الـ 20. يذكر أن كلاً من بريطانيا والولايات المتحدة وغيرهما ظلت تدعو للإسراع بتطبيق المعايير المالية المصرفية الجديدة التي تطلق عليها تسمية Basel-3 بحلول عام 2012. ويتطلب هذا التطبيق أن تحتفظ البنوك والمؤسسات المالية بالمزيد من الاحتياطيات المالية لحماية نفسها من الخسائر المحتملة والحد من استدانتها المستقبلية من الميزانيات العامة للدول لمزاولة مضارباتها في الأسواق والمنتجات المالية التي سرعت عملية انهيار النظام المالي في شهر أغسطس من عام 2007. ويتوقع أن يحدد الجدول الزمني لتطبيق الإجراءات والضوابط المالية الجديدة لدى انعقاد مؤتمر قمة مجموعة G-20 المقبل في العاصمة الكورية الجنوبية سئول. إلى ذلك يتوقع المحللون أن يقتصر مؤتمر قمة تورنتو الذي يعقد في السادس والعشرين من الشهر الجاري على بسط تصورات القادة للخيارات والطرق التي يمكن أن تسلكها قمة سيئول المقبلة في شهر نوفمبر من العام الحالي. ويعني ذلك عدم توقع توصل قمة تورونتو لأي قرارات ملزمة أو مستعجلة لأحد. وهذا ما أكده "دادوش" -الخبير الاقتصادي بمؤسسة كارنيجي- بقوله: "يتوقع أن تكتمل لعبة التنظيم المالي الكبرى في قمة سيئول المقبلة في شهر نوفمبر، وليس في قمة تورونتو التي توشك على الانعقاد". وبينما أعرب "دادوش" عن قناعته الشخصية بضرورة تحسين النظم المالية، إدراكاً منه لعدم استقرار المؤسسات المالية والمصرفية، فقد أبدى مخاوف في المقابل من الإفراط في التركيز على هذه النظم على نحو يقود إلى تجاهل عوامل أساسية أخرى كان لها دورها في الانهيار المالي الذي شهدته المؤسسات والمصارف في عام 2007. وبسبب هذه المخاوف من إهمال هذه العوامل -من بينها طول مدة انخفاض أسعار الفائدة المقررة، وفشل إدارة الشركة والمؤسسات- فإن من المعقول التفكير جديّاً في إبطاء تطبيق النظم المالية الجديدة. دان مورفي كاتب أميركي متخصص في الشؤون الاقتصادية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©