الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأب ليس صورة فقط

13 نوفمبر 2009 01:35
تنشطر نصفين، وربما أكثر، لا تكاد تغفو حتى تستفيق، تتسارع دقات قلبها ويرتفع صوت خفقانه ليسمعه من حولها، جزأت يومها دقائق لتسد احتياجات بيتها وأبنائها، يومها يبدأ فجرا وينتهي بعد منتصف الليل ومع ذلك لا تنهي كل متطلباتها، تقسم وقتها بين أعمال البيت وعملها في وظيفتها والمذاكرة لأطفالها وجلب كل ما يحتاجونه من خارج المنزل، وما يلزمهم يوميا لسد كل طلباتهم التي لا حصر لها ولا توقيت لها، وبعد أن يستكين الجميع ويخلد للراحة، تسرح في زوايا المكان لتنظر في ما مستلزمات اليوم الموالي. هي أم وامرأة، وليست أرملة، بل اختارت في يوم أن تتأبط مسؤولية البيت كاملة، أو دُفعت لها هذه المسؤولية من طرف الزوج دفعا، فزج بها خلف أسلاكها الشائكة، وألقى متعمدا على عاتقها التعب، واحتفظ لنفسه بالراحة. تضرج وجهها حمرة وارتعشت أوصالها، وخُنقت العبارات في حلقها، وتلعثمت كلماتها حين قالت: لا أذكر يوما جلوسه بقرب أولاده حين عودتهم من المدارس ليذاكر لهم، ولا أذكر يوما تواصله مع مدرسيهم، ولا أذكر إلى اليوم خروجه للتبضع واقتناء ما يلزمنا، ولا أذكر .... وكبر الأولاد وشاخت المسؤولية وتعاظمت، ولاشيء طُبع في وعي الأولاد غير أن أبوهم يؤثث زوايا حياتهم، ولا موقفا جليلا حملته غير مواقفه الأنانية في حبه لعمله ولأصدقائه، وتشدده في إرضاء رغباته الفجائية، يسافر ويخرج بدعوى أنه رجل وأن المرأة هي مفتاح البيت وهي كل معاني الصبر والتحمل، ولكن سيأتي يوم قد يفلت الزمام من يدي حين تسطو عوالم المراهقة على الأولاد وحين يرغبون في اتخاذ القرارات الحاسمة في حياتهم، فالأب ليس صورة كما يظنه البعض، ولكنه حنو وأمان وتوجيه، فهو متواجد ببدنه فقط معنا، ورفع يديه عن المتابعة والمشاركة فيما يخصنا. فلا يعذر أب في ترك هذه المسؤولية ملقاة على عاتق الأم مهما كانت انشغالاته لأنه هو الحزم وله ملكة القيادة والحكمة، ومهما عظمت قدرات الأم تغلب عليها العاطفة والحنان. لكبيرة التونسي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©