الأحد 5 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسلم المعاصر بين الانبهار والاجترار

المسلم المعاصر بين الانبهار والاجترار
1 سبتمبر 2008 23:55
كثيرون من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قد اتخذوا منهجاً آخر غير الذي أمرنا به النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، فلا ينزل المسلم المعاصر أخاه المسلم منزلة نفسه، ولا ينزل الأمة المسلمة بين الأمم منزلة بدنه؛ ''الجسد الواحد''· كما أمرنا به عز وجل في أنفسنا وإخواننا وأمتنا، وفي العالمين، فما بالنا نرى بعضهم قد سلك منهج الانبهار الذي ينظر فيه المسلم إلى ضعفه، وينبهر بقوة الآخر فإذ به يريد أن يقلده في كل شيء، حتى في الخروج عن الديانة، والفساد في الأرض، وعدم الالتزام بأوامر الله ونواهيه· وهذا يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دُعاةٌ على أبوابِ جهنمَ، مَن أجابهم إليها قَذَفوهُ فيها) قال حذيفة: يا رسول الله، صِفهم لنا، قال: (هم من جِلدَتنا، ويتكلمون بألسنتنا) رواه البخاري· وهناك من يسلك منهج الاجترار وهو ديدن من لم يعش عصره ولم يرد أن يخاطب الناس على قدر عقولهم، فيقول سيدنا علي رضي الله عنه: ''خاطبوا الناس على قدر عقولهم؛ أتحبون أن يُكذَّب الله ورسوله·'' وصاحب منهج الاجترار يختار أن ينسحب من العصر، وأن يجتر التراث دون أن يدرك كيف يوصله، ويوصل مناهجه ومعانيه وأحكامه، وهي التي يحتاجها البشر جميعاً الآن، كيف يوصل ذلك إلى هذا العصر الذي أمرنا فيه أن نكون دعـاة، وأمرنـا أن نحمـل هـذه الدعوة، ونبلغها للآخرين على ما هي عليـه ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ النحل :·125 والبعض الآخر يتبع منهج الإنكار· وذلك حين تقف عقلية الخرافة في مواجهة العقلية العلمية؛ فتراه ينكر كل ما خالف قياسه، فينكر أول ما ينكر حجية المصادر، وهذا ناتج في غالب الأحيان من الجهل وفي بعض الأحيان من الهوى ومعرفة أن الالتزام بالمصادر سوف يكون ثقيلا على نفس المُنكر· ثم ينكر طرق البحث ومن هنا يختلط عنده العلم بالممارسة· كما ينكر التخصص وإذا اعترف به بلسانه لا يعترف في عقيدته، لأن ذلك يحتاج إلى علم هو يفتقده، وإلى جهد ووقت ليس متاحا له، فيعتمد على الشبهات والله سبحانه وتعالى يقول: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً الإسراء :·36 ثم لجأ آخرون إلى منهج الانحصار، وهو الأقل ضرراً؛ لأنهم ينعزلون عن الناس، لكنهم تركوا الأولى، فالنبي صلى الله عليه وسلم أباح هذا الانحصار؛ فقال فيما أخرجه البخاري: (يوشك أن يكون خير مال المرء غنمات يتبع بها شعف الجبال ومواضع القطر يفر بدينه من الفتن) لكنها فتن تقع بين المسلمين بعضهم مع بعض، فإذا وقعت الفتنة بين المسلمين وبين غيرهم كما هو حاصل في عصرنا، فلا بد للمسلمين جميعاً أن يقفوا على قلب رجل واحد، يجاهدون بالكلمة، ويجاهدون بالقلب، ويجاهدون بالتربية، ويجاهدون في كل مكان، حسب ما أقامهم الله سبحانه وتعالى فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ المُسْلِمَ إِذَا كَاَنَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبُر عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ المُسْلِمِ الَّذِي لا يُخَالِطُ النَّاسَ ولا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ) (رواه الترمذي في سننه)· هذه مناهج: الانبهار، والاجترار، والإنكار، والانحصار·· ولكن منهج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هو المنهج المختار، ومعالم هذا المنهج واضحة في الكتاب والسنة، ويقوم هذا المنهج على الإحسان والعدل والعفو والتسامح·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©