الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التكافل الاجتماعي فريضة وليس مجرد فضيلة

التكافل الاجتماعي فريضة وليس مجرد فضيلة
1 سبتمبر 2008 23:56
يعتبر التكافل الاجتماعي أساساً قوياً لتحقيق أمن المجتمع من المنظور الإسلامي، حيث يساهم في خفض حدة الفوارق بين الناس، وتلاشي الأحقاد· وقد أقام الإسلام نظامه في التكافل، على سنن الحق والعدل ورعاية الصالح المشترك· فالإسلام لا ينكر التفاوت بين الناس أو يلغيه وإنما يضع قيما ومبادئ لتحقيق نوع من التقارب من خلال التكافل الاجتماعي، إذ إن التفاوت سنة إلهية، وفطرة طبيعية وجدت لتبقى ولتدوم بها الحياة ويستمر الدفع والتسابق بين الناس، لسد الاحتياجات ولإحراز التقدم، كما يقول الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر· ويوضح الجندي ان العيش مجال تختلف فيه الحظوظ بين الأفراد والأمم، وصدق الله القائل: ''نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون''· الزخرف: الآية ·32 ويضيف: قد وعى الإسلام هذه الحقائق، وأقام عليها أصول مجتمعه، فاعترف بالتفاوت بين الناس بمقتضى الفطرة، وضمن لكل فرد وكل جماعة فيه ضروريات الحياة بالعمل الجاد المنتج، وفي ذات الوقت بنى المجتمع على أسس من التكافل والرحمة· ثم أرسى مبدأ العدالة في اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات استنادا إلى حصول كل فرد على نصيبه على قدر جهده وكسبه يقول الحق تعالى ''للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن'' النساء: الآية ·32 لذلك عني الإسلام بإسهام كل فرد في الجماعة على قدر جهده ولو بكلمة طيبة، ارتقى بالعمل إلى أقصى الحدود في كل صوره، وجعل من العمل اليدوي قوة كبرى لإعمار الحياة، لذلك وجد في المجتمع الغني والفقير، وكان التدرج في الغنى والفقر حقيقة واقعة، شريطة الوفاء بما يحقق لكل إنسان كرامته· ويمضي الإسلام في خطته للتعامل مع هذه الأوضاع غير المتساوية بين الناس، ليضبط مسارها في شتى جوانبها، وكان من وسائله الفاعلة في ذلك تحقيق التضامن والحد من الاختلال الفاحش في الثروة الذي يفرز الظلم والصراع، وذلك لتكريس الكرامة كمقوم أساسي في تجسيد الاعتبار للشخصية الإنسانية والمعاملة العادلة كركيزة أساسية من ركائز النظام الإسلامي، بما يجعل الاجتماع البشري ذا مغزى حضاري، يتضامن أفراده على التعاون البناء للوفاء بضروريات ومطالب الحياة، من خلال نظام متميز للتكافل· ويؤكد الدكتور الجندي أن هذا النظام ينبع من أصول الإسلام العقدية والتشريعية والأخلاقية والحضارية لكل من الفرد والمجتمع والأمة، بل قد يصبو إلى البشرية قاطبة· وسعيا لإحراز هذه الغاية فإن الإسلام نبه إلى أهمية تبني التكافل في مفهومه الشامل، ولم يختزله في جانب المعاش دون سواه من الجوانب الأخرى اللازمة لإصلاح المجتمع· حيث ينهض هذا البناء على أسس دينية، وحقائق حياتية تتعلق بالمعايش والأقوات، ويغطي جنبات الأمور المادية والمعنوية على نحو يتجلى فيه شعور الجميع بمسؤولية بعضهم عن بعض، وأن كل واحد منهم حامل لتبعات أخيه، ومحمول على أخيه، يسأل عن نفسه ويسأل عن غيره· وترتيبا على هذه الحقيقة يمثل التكافل الاجتماعي أحد أعمدة المنظومة الإسلامية، والأساس القوى لبناء صرح مجتمع متماسك البنيان، ومن ذلك يتقرر أن التكافل في المنظور الشرعي، إنما هو فريضة وليس مجرد فضيلة، وأنه حق وليس منحة· فقد شددت النصوص على أن هذا التكافل هو أحد موازين العدالة المجتمعية، بمقتضى أنه يقوم بدور ملموس في تصحيح الاختلالات الناشئة عن الفروق الفردية، والتفاوت الطبقي في الشؤون المادية ومكانة الفرد أو الهيئة الاجتماعية· وهو ما يتمخض عنه تشييد مجتمع يتمتع بالصحة الدينية والبدنية والنفسية، استجابة لما وجهت إليه نصوص القرآن والسنة في تأسيسها للمجتمع الإيماني الذي يراعي المتطلبات الحياتية على أفضل مثال في علاقاته مع أفراده ومع فئاته ومع الآخرين· عبر عن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ''المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا''·وبذلك يتشكل هذا النمط من المسؤولية المجتمعية النابعة من أعظم قوة في الوجود، القوة العقدية، التي تميز المجتمع الإسلامي· وتنتج عن ذلك قوة معنوية تجعل كل فرد يحس بمعاناة أخيه وينهض من أجل تخفيفها على نحو ينبغي به الوفاء بحاجة أخيه، لوجه الله، وطلبا لمرضاته، انطلاقا من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم- ''مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©