الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تجديد العهد

تجديد العهد
1 سبتمبر 2008 23:56
ليس الصوم مجرد عبادة نتعلم فيها الامتناع عن المباحات، بل هو عبادة توقظ في النفس البشرية قيم الأمانة والإرادة، والصبر والحب والعطاء، وهو ترفّع عن الملذات ووقاية، وسمو إلى عالم النقاء، وإرادة قوية ترفع الإنسان عن السقوط في حمأة الشهوات، هو في مجمله عزيمة نحو الأفضل· وشهر رمضان، نزل فيه كتاب كريم، ملأ العقول حكمة وصفاءً، وملأ القلوب طهارة ونقاء، به رفع الله البشرية من حضيض الجهالة والذلة، إلى أوج المعرفة والهداية· (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان)· وإذا كان شهر الصوم بهذه الصفات، فما أحرى الصائمين أن يغيروا مسار حياتهم، فينبعثوا من ضعف إلى قوة، ومن كسل إلى حيوية، ومن نوم إلى حركة وحياة، ونشاط في العمل· الصيام في معانيه السامية هو فعلاً ممارسة القدرة على الأحسن، فكم من مسلم ابتعد عن الطريق المستقيم قبل شهر الصيام، فهداه الله مع هلال رمضان وبدأ يمارس قدرة عجيبة على تغيير مسار حياته، وربما تعلم ذلك وتنبه إليه من التزام أسرته وأطفاله بفضائل الصيام، فيرى فرح أطفاله بالعبادة مع الطفولة أقل المراحل العمرية تكليفاً بالواجبات، فيستيقظ في ضميره نداء داخلي: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق)· لابد أن يهمس في سره بحمد الله وشكره أن رأى بناته مع أمهن يلبسن لباس الصلاة، ثم يتوجهن إلى المسجد لصلاة التراويح، ولا يتوجهن مطلقاً إلى ما يقلقه أو يوتره· إنها الفطرة النقية التي تصيح بكل ما في المجتمع فتوقظه، وتضبط مساره، حتى يصبح من يخرج عن هذا الصراط، غريباً عن المجتمع، بل تهتز مكانته بين أسرته ومجتمعه إن بقي في غفلاته· فهل ننتهز هذه المدة الزمنية المعدودة الأيام، لنجدد عهدنا مع الله ومع أنفسنا، لنبدأ حياة جديدة، مليئة بالحركة والتزكية والعطاء؟· فالتعامل الصحيح مع رمضان لا يتحقق بالموقف السلبي الذي يتقوقع فيه المسلم أوينطوي على نفسه، وإنما بالبذل والعطاء والعمل النشط، والتعاون على البر والتقوى·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©