الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«سبيل» تخزين المياه.. ابتكار إسلامي خالص

«سبيل» تخزين المياه.. ابتكار إسلامي خالص
19 يونيو 2017 12:42
مجدي عثمان (القاهرة) «ياوارد الماء الزلال الصافي اشرب هنيئاً صحة وعوافي»، عبارة ارتبطت بالعمارة الخيرية الإسلامية، حيث كانت تُزين واجهة الأسبلة، مع الآيات القرآنية، (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً)، (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)، وكان السلاطين والأمراء يأمرون ببناء أسبلة تحمل أسماءهم، ثم يولون شؤون السبيل إلى «المزملاتي»، والذي وجب أن يكون نظيفاً وأميناً، وسليم البدن والجسد، مهندم، يعامل الناس بالحسنى. والمسلمون يعتبرون السبيل أو «السبلخانة» أو السبيل خانة، أعظم ما يثاب عليه المرء من أعمال البر، وكان المُحسن يُوقف بعض أملاكه للإنفاق على السبيل، الذي هو لفظ مشتق من «أسبل الماء»، أي صبه، أو أنه عمل في سبيل الله. وقد أعطى المستشرق «جومار» في كتابه «وصف مدينة القاهرة» فترة الحملة الفرنسية، وصفاً عاماً للسبيل، حيث يتزود منه الناس بالمياه التي يحتاجون إليها مجاناً في كل المواسم، وينقل إليه الماء بعناء شديد من فرع النيل، حيث يوجد في الشوارع جمال مخصصة لذلك، ويتكون من ثلاثة طوابق.? والسبيل يتكون من طابقين، الأول «الصهريج» الخاص بتخزين المياه، والتي كانت تُجلب إليه من نهر النيل، وكان يُملأ مرة واحدة في العام، وأحياناً مرتين، في أسبلة المناطق المزدحمة أو التجارية، مثل شارع المعز، ولكل صهريج ثلاث فتحات، الأولى لتنظيفه وتعقيم المياه وتبخيرها، والثانية لتزويده بالمياه، والثالثة لسحب المياه منه وتوصيلها إلى أحواض التسبيل أو أحواض الشرب، وكان الصهريج يغطى من الداخل بمونة خاصة تقاوم الرشح والرطوبة تعرف باسم «الخافقي»، أما الطابق الثاني فيرتفع عن سطح الأرض ويسمى حجرة التسبيل، أو «حانوت التسبيل» أو المزملة. ونادراً ما نجد مدينة إسلامية تخلو من سبيل أو عدة أسبلة، وقد انتشرت في البلدان الإسلامية، وأحياناً تُبنى بجوارها بيوت تأوي عابري السبيل، وأول بناء للأسبلة في مصر كان في العصر المملوكي مع بداية القرن 6ه - 12م، هو سبيل الناصر محمد الملحق بواجهة مدرسة والده المنصور قلاوون بشارع المعز، ويليه تاريخياً سبيل الأمير شيخون بالحطابة في منطقة باب الوزير، وهو نادر الطراز، إضافة إلى سبيل «أم عباس». وللسبيل المصري خصوصيته، من حيث الجمع بين وظيفة السقاية والتعليم، وبعض الأسبلة ألحق بها حوض لسقي الدواب كما في سبيل درويش باشا القريب من سوق الحميدية في دمشق. والأسبلة المتبقية بالقاهرة من العصر المملوكي حوالي «65»، ومن العصر العثماني «80» سبيلاً، ومن القرن التاسع عشر «73» بالقاهرة، وفي مدينة طنطا سبيلان، أقامهما «على بك الكبير»، أحدهما بالقرب من مسجد السيد البدوي، والآخر تم نقله إلى شارع الجلاء، و«14» سبيلاً أخرى في رشيد ملحقة ببعض المنازل. ويعد سبيل مدرسة الظاهر بيبرس الذي أنشئ عام 660 ه، أقدم الأسبلة الإسلامية، والذي شُيد في العصر المملوكي البحري، وكانت الأسبلة دائماً تبنى ملحقة بغيرها من المباني مثل المدارس والمساجد، ونادراً ما يبنى السبيل بمفرده كما في سبيل السلطان قايتباي بشارع الصليبية بالقاهرة. ?وقد شهد العصر العثماني بناء العديد من الأسبلة، خاصة في مقر الخلافة في آسيا الصغرى، والتي لم تعرف الأسبلة إلا في القرن 10ه، بتأثير من المعمار المصري، ويعتبر سبيل خسرو باشا أقدم سبيل عثماني عرفته مصر، ويقع في شارع المعز لدين الله الفاطمي. وكان يطلق على السبيل في العصر العثماني «المصاصة»، ومن أشهر الأسبلة الباقية سبيل محمد علي باشا الذي يعد نقطة تحول في عمارة القاهرة الفاطمية، وكان الماء فيه يُحفظ في صهريج ضخم تحت الأرض.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©