السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تتبنى خطة لإعادة هيكلة الدعم

الحكومة المصرية تتبنى خطة لإعادة هيكلة الدعم
17 ابريل 2011 19:54
انتهت وزارة المالية المصرية من إعداد خطة لهيكلة الدعم استعداداً لبدء تنفيذها مع الموازنة الجديدة للعام المالي 2011 ـ 2012 التي يبدأ العمل بها اعتباراً من أول يوليو المقبل. وتستهدف الخطة التي شارك في إعدادها خبراء ماليون مستقلون ترشيد استخدام الموارد المالية للدعم وتوجيهه إلى مستحقيه مع تعزيز كفاءة هذا الدعم، بحيث يحقق أفضل نتائج اجتماعية واقتصادية ممكنة. وترتكز خطة إعادة هيكلة الدعم على إعادة تخصيص بنود الدعم التي تشمل أكثر من 18 بنداً في الموازنة العامة، بحيث يتم إلغاء بعض البنود مقابل تعزيز مخصصات بنود أخرى تندرج تحت قطاع الإنفاق الاجتماعي لا سيما الإنفاق الموجه للصحة والتعليم. وهناك آليات الدعم والفئات المستهدفة وطرق توصيل الدعم إلى مستحقيه في إطار توجه حكومة عصام شرف لدعم قضية العدالة الاجتماعية وتعويض الفئات المحرومة والمهمشة، حيث كان الدعم في صورته الراهنة يفيد الأغنياء أكثر مما يفيد الفقراء. والمنتظر إعلان خطة إعادة هيكلة الدعم خلال أيام بالتزامن مع الإعلان عن مشروع الموازنة الجديدة، حيث تعتزم وزارة المالية طرح خطة هيكلة الدعم للنقاش العام قبل إقرارها نهائياً في ظل غياب البرلمان الذي كان من المفترض أن يتولى هذه المناقشة. ووفقاً لبيانات وزارة المالية، فإن قيمة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية في موازنة العام المالي الجاري يبلغ 115,9 مليار جنيه مقابل 73,4 مليار في موازنة العام المالي 2009 – 2010، ويتوزع هذا المبلغ بواقع 60% لدعم الطاقة والمواد البترولية بأنواعها من بنزين وسولار وغاز سواء للمصانع أو للاستخدام العادي، ويحصل دعم الخبز على نحو 14 مليار جنيه بواقع 11%، يليه دعم الخدمات الاجتماعية والضمان الاجتماعي، ثم الرعاية الصحية. وتستحوذ بنود دعم تحظى برفض شعبي على مبالغ كبيرة، وفي مقدمتها الصادرات التي استحوذت في الموازنة الأخيرة على 3.7 مليار جنيه. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن فلسفة الدعم في المرحلة الجديدة تقوم على فكرة دعم المنتجين والفقراء خاصة في ظل توجه بزيادة حجم هذا الدعم بنحو 10% سنوياً للوفاء بمتطلبات الرعاية الاجتماعية للمتضررين من السياسات الاقتصادية للنظام السابق، الأمر الذي يتطلب استحداث أوجه إنفاق اجتماعي جديدة لم تكن مدرجة في بنود الدعم من قبل وفي مقدمتها صرف إعانة بطالة للمتعطلين عن العمل والبالغ عددهم أكثر من ثمانية ملايين شاب في سن الإنتاج. وتقضي الفلسفة الجديدة التي كشفت عنها مصادر بوزارة المالية بالتركيز على دعم الغذاء وخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية للفئات الفقيرة مع تخصيص موازنة أكبر للإنفاق على التعليم بهدف تحسين جودة العملية التعليمية في كافة مراحلها وبكافة مكوناتها. ومن المنتظر إعادة النظر في دعم الصادرات الذي كانت تحصل عليه شركات مملوكة لكبار رجال الأعمال المرتبطين بالحكومة ولجنة السياسات بالحزب الوطني، على أن يتم توجيه هذا الدعم لصغار المنتجين من الشركات المتوسطة والصغيرة وبشرط توافر العديد من العوامل في الشركات التي تحصل على هذا الدعم، منها القيمة المضافة للاقتصاد القومي وعدد فرص العمل التي تتيحها وطبيعة المنتج سواء كان سلعة أو خدمة، بالإضافة إلى قدراتها على التوسع والنمو مستقبلاً. ويهدف هذا الإجراء فيما يتعلق بدعم التصدير إلى الإبقاء على الدعم مع ضمان كفاءة استخدامه، بحيث يفيد الشركات المنتجة وإبعاده عن لعبة النفوذ السياسي التي كان خاضعاً لها منذ إقراره في عام 2002. وتسعى وزارة الزراعة بالتنسيق مع المالية إلى استحداث نوع جديد من الدعم يوجه للمنتجين الزراعيين بهدف تحفيز هؤلاء المزارعين على التركيز على نوعية معينة من المحاصيل وفي مقدمتها القمح وبقية أنواع الحبوب لتقليل حجم الفاتورة الاستيرادية من هذه السلع، وكذلك دعم عمليات استصلاح الأراضي الصحراوية عبر توفير المعدات اللازمة لشباب الخريجين بنظم التأجير التمويلي بفوائد منخفضة بهدف توسيع رقعة الأراضي الزراعية وأحداث نوع من التوازن في ملكية الأراضي بدلاً من حالة التركيز الراهنة لهذه الملكية في يد فئة محدودة من رجال الأعمال. ويتمثل الملمح الأبرز لخطة إعادة هيكلة الدعم في إعادة تخصيص موارد دعم الطاقة والمواد البترولية التي تستنزف النسبة الأكبر من الدعم، لا سيما أن هذا الدعم يتسم بالعشوائية والتكلفة الباهظة ويستفيد منه الأغنياء قبل الفقراء. ومن المتوقع إجراء خفض تدريجي لدعم الطاقة في المصانع خاصة للصناعات الكثيفة الاستخدام للغاز الطبيعي والسولار والمازوت، وفي مقدمتها صناعات الإسمنت والحديد والأسمدة والسيراميك والطوب، إلى أن يتم التحرير الكامل لبيع هذه المنتجات للقطاع الصناعي وفقاً لأسعار السوق الخاضعة لمعادلة العرض والطلب. أما دعم بنزين السيارات الخاصة وبوتاجاز الاستهلاك المنزلي، فمن المقرر تصنيفه إلى شرائح كمية، بحيث يتم دعم حصة محددة لكل مواطن أو أسرة، وفقاً للدخل الشهري على أن يتم بيع هذه المنتجات بعد ذلك بأسعارها الطبيعية للجميع، الأمر الذي يعني إمكانية توفير نحو ثلاثين مليار جنيه على الأقل خلال أول عامين لتطبيق هذه الهيكلة، وهو المبلغ الذي يمكن إعادة توجيهه بالكامل لدعم أوجه الإنفاق الاجتماعي الأخرى وفي مقدمتها خدمات الصحة والتعليم. وحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن إعانة البطالة، التي ربما تتراوح قيمتها بين 300 و400 جنيه شهرياً، سوف تدور حول عشرة مليارات جنيه سنوياً، وسوف يحصل عليها غير المسجلين رسمياً في قاعدة بيانات التأمينات الاجتماعية، أي الذين لم يدخلوا سوق العمل قبل ذلك من الشباب والإناث في سن العمل الذي يبدأ من 18عاماً. وسوف تستمر هذه الإعانة بالنسبة لهؤلاء الذين لم يسبق لهم الالتحاق بأي عمل رسمي لمدة تتراوح بين 3 و4 سنوات يجري خلالها تأهيلهم لسوق العمل عبر إلحاقهم ببرامج تدريب تحويلي ممولة من الدولة والقطاع الخاص تسمح لهم بالحصول على فرصة عمل خلال فترة صرف إعانة البطالة وتتوقف هذه الإعانة فور الالتحاق بالعمل. وبالنسبة للذين فقدوا وظائفهم أو تعطلوا مؤقتاً، سوف يتم صرف إعانة بطالة تتراوح بين 40 و50% من آخر دخل حصل عليه لمدة تتراوح بين ستة أشهر وعام، يجري خلالها البحث عن وظيفة جديدة، على أن يتم استرداد ما سبق دفعة لهؤلاء من راتبهم في حالة عودتهم للعمل. والمنتظر أن تكون إعانة البطالة بنداً ثابتاً في باب الأجور بالموازنة العامة للدولة، على أن يتم تصنيفها ضمن أوجه الإنفاق الاجتماعي؛ لأن هذا الإنفاق سوف يشمل بنوداً عديدة ومتنوعة تطال أصحاب المعاشات وغيرهم من الفئات الضعيفة اجتماعياً واقتصادياً. ورغم أن زيادة أوجه الإنفاق الاجتماعي سوف تشكل عبئاً جديداً على الموازنة العامة للدولة، التي من المنتظر أن تسجل عجزاً في حدود 8,5% خلال العام الجاري ترتفع إلى 9,5% خلال العام المقبل حسب توقعات وزير المالية الدكتور سمير رضوان، فإن هذه الزيادة في الإنفاق الاجتماعي أصبحت التزاماً على الدولة المصرية في ظل الظروف الحالية، ويشكل ذلك قاعدة أساسية لإعداد مشروع الموازنة العامة الجديدة والتي من المفترض أن يتسلمها المجلس الأعلى للقوات المسلحة من الحكومة خلال الأسبوع الأخير من شهر أبريل الجاري. وفي مقابل هذا النمو في عجز الموازنة، فإن خطة إعادة هيكلة الدعم كفيلة بتعويض هذا الارتفاع في مخصصات الإنفاق الاجتماعي على المدى البعيد لا سيما في ظل توجه بوقف الهدر الضخم في الموارد العامة للدولة وإخضاع كافة مخصصات الهيئات العامة بما فيها الهيئات الأمنية ورئاسة الجمهورية للمراجعة والمراقبة الحازمة وكذلك تعزيز قواعد كفاءة استخدام الموارد الطبيعية للبلاد سواء فيما يتعلق بأسعار تصدير الغاز أو المواد المحجرية أو موارد رسوم المرور في قناة السويس. وكشف الدكتور سمير رضوان وزير المالية المصري عن التوجه لإعداد قواعد جديدة للموازنة العامة للدولة وهي قواعد تعلي من قضية العدالة الاجتماعية، وبالتالي سوف تشهد بنود الموازنة تعديلات جوهرية وإعادة تخصيص الموارد على نحو أكثر كفاءة، بحيث تلبي هذه المخصصات احتياجات الدولة والشعب وفقاً لأولويات واضحة، وهي إعادة التوازن الاجتماعي المفقود وإعادة توزيع الثروة القومية على نحو أكثر عدالة. وأكد الدكتور سلطان أبو علي، وزير الاقتصاد الأسبق، أن التوجه الاجتماعي وإعادة هيكلة الدعم أصبحا أمراً حتمياً وخياراً ضرورياً للحكومة الحالية أو أي حكومة قادمة سوف تكون منتخبة من الشعب والبرلمان القادم لن يفرط في حقه بمناقشة كافة بنود الموازنة العامة للدولة وتعديلها وفقاً للاحتياجات الحقيقية للشعب وليس وفقاً لأجندة السلطة مثلما كان يحدث من قبل، وبالتالي فإن على معدي الموازنة العامة إدراك هذه الحقائق الجديدة والعمل في إطارها لا سيما أن الرقابة الشعبية على أوجه إنفاق المال العام سوف تزداد قوة في المرحلة المقبلة بفضل الوعي الذي راكمته ثورة 25 يناير لدى جموع المصريين وكسرها حاجز الخوف، وبالتالي لن يصمت أي مصري وهو يرى أموالاً تهدر في مشروعات فاشلة أو عديمة الجدوى.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©