الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

خطوة استفزازية مرفوضة

13 ابريل 2012
كانت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى هي أول زيارة من نوعها يقوم بها رئيس إيراني إلى إحدى الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، منذ احتلالها من قبل إيران، وهو ما يجعل هذه الزيارة المشؤومة تعديّاً سافراً ومرفوضاً على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على أراضيها. وقد كانت هذه الزيارة استفزازية، بقدر ما كان خطاب نجاد الذي ألقاه فيها استفزازياً أيضاً. وشكلت خرقاً سافراً وكسراً مكشوفاً لتعهد سابق من الحكومة الإيرانية، قبل عام تقريباً، حين طلبت من حكومة الإمارات تهيئة الظروف الملائمة لإيجاد حل للنزاع، والانخراط في مباحثات بين الطرفين لإنهاء أزمة الجزر الإماراتية الثلاث، وتعهدت من طرفها بالتوقف عن كل ما من شأنه تصعيد الخلاف، وكانت الضوابط التي طلبتها إيران لهذه التهدئة هي عدم التصعيد بين الطرفين، حسب تعبيرهم، وعدم إدانة الاحتلال الإيراني للجزر في البيانات الرسمية لاجتماعات قادة ووزراء دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك بيانات الجامعة العربية. وهذا الطلب، أو بالأحرى التطلُّب الإيراني، على الرغم من صعوبة قبوله، وصعوبة تبريره من قبل الإمارات أمام أشقائها ومحبيها الكثر في العالم، وهي الدولة المسالمة، التي تتمتع بعلاقات مودة وتعاون وطيدة وبناءة مع معظم دول العالم، وأيضاً رغم عدالة قضية الجزر المحتلة التي يؤيد موقفنا فيها الجميع، إلا أن الإمارات التزمت مع ذلك بهذا المطلب، تغليباً منها لقيم التعاون بين الجيران على دواعي الخلاف، وسيراً منها على منهجها السلمي المعروف وسياساتها الرشيدة التي تضع السلام والاستقرار والتعاون وحسن الجوار على رأس أولوياتها، وتجعل كل ذلك بوصلة محددة لاتجاه سياساتها ومواقفها. وبسبب علاقات الإمارات البناءة ودورها وحضورها المثاليين فقد تفهم أشقاؤها وأصدقاؤها هذا الموقف، المتعلق بعدم الإشارة إلى قضية الجزر وتغليب خطاب التهدئة في أفق إيجاد حل سلمي يعيد لها حقوقها المشروعة في السيادة على أراضيها بالجزر الثلاث. وقد كانت هذه الخطوة الإيجابية من قبل الإمارات استمراراً لمسار حافل وموثق من المواقف الإيجابية والسياسات الرشيدة، تميزت به طريقة إدارة الإمارات لملف أزمة الجزر منذ احتلال إيران لها وحتى الآن. أما إيران فلم تخطُ ولو خطوة إيجابية واحدة لإنهاء هذه الأزمة، ووضع حد لاحتلالها الغاشم للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى. بل إن كل ما صدر عنها حتى الآن هو سياسة المراوغة، والسعي الحثيث لتغيير حقائق واقع الجزر على الأرض. وقد جاءت زيارة نجاد الأخيرة لجزيرة أبو موسى المحتلة، تعبيراً مكشوفاً عن مبالغة طهران المستمرة في هذا الاستفزاز المرفوض بشكل قاطع. إن زيارة نجاد وخطابه في جزيرة أبو موسى لا يغيران من حقائق التاريخ، والجغرافيا شيئاً، ولا يضيفان إلى ادعاءات إيران ومزاعمها مثقال ذرة من حقيقة، فأبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى كانت دائماً وستبقى أبداً جزراً إماراتية. واحتلال إيران الغاشم لها لا يغير من حقائق التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي شيئاً. وهو من الناحية الشرعية احتلال كأن لم يكن، لأن المعدوم شرعاً وقانوناً كالمعدوم حساً وواقعاً. وهي خطوة لم تحقق لها أي مكسب، بل هي تعبير عن فشل إيراني مزمن في استقبال رسائل حسن النوايا والمواقف الإيجابية. وهي أيضاً تعبير آخر عن عنجهية واستكبار إيراني يستخف بكل القيم السياسية التي يتعين على الدول مراعاتها واتباعها في تعاملها مع الآخرين. والسؤال الآن... بعد هذا الخرق الفاضح للتعهدات السابقة، هل يمكن الوثوق بحكومة طهران بعد اليوم؟. رئيس التحرير
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©