الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

1,2 تريليون برميل احتياطيات النفط المؤكدة في العالم

1,2 تريليون برميل احتياطيات النفط المؤكدة في العالم
13 نوفمبر 2009 21:43
ربما يكون ذلك منافياً للمعرفة المألوفة، وربما يَصدِم أولئك المتنبئين بالكوارث الذين تكهنوا لعشرات السنين بتناقص نفط لم يتحقق أبداً، ولكن القرن الحادي والعشرين سيشهد على الأرجح فائضاً وفيراً من النفط، والأمر في ذلك يرجع إلى ثلاثة على الأقل من الأسباب الوجيهة. أولاً وقبل كل شيء من البديهي غير القابل للجدل أن احتياطات النفط محدودة، ولكن وإن كان الأمر كذلك فإنه لا يعرف أحد مدى قدر هذه المحدودية، وبما أننا لا نعرف حجم الموارد النفطية القابعة في باطن الأرض فيستحيل إذاً حساب منحنى الإمدادات المقبلة. تأتي البيانات غير الكافية التي نعول عليها اليوم من الوكالة الأميركية للمسح الجيولوجي التي تقدر أو تزعم أن مخزون موارد النفط يبلغ على الأقل سبعة إلى ثمانية تريليونات برميل، ويعتبر أكثر من تريليونين من هذا المخزون قابلاً للاستخلاص بينما تبلغ الاحتياطيات المؤكدة نحو 1,2 تريليون برميل (يذكر أن العالم يستهلك نحو 30 مليار برميل نفط سنويا). وموارد النفط غير التقليدية (التي تشمل أنواع النفط بالغة الثقل ورمال القطران وأنواع النفط الحجري وغيرها)، ربما تساوي حجم الموارد التقليدية وهو ما يضاعف الحجم الإجمالي. ومع ذلك فإن مفهوم الموارد والاحتياطيات يعتبر ديناميكياً أي متغيراً مع الزمن، ذلك أنه على مدى التاريخ أتاحت عمليات التنقيب وتطوير الجديد من التقنيات اكتشاف حقول نفط جديدة وسهلت تطويرها، بالإضافة إلى أن أرقام الوكالة الأميركية للمسح الجيولوجي ربما تكون أقل من التقديرات الفعلية، وعلى الرغم من أن تريليون برميل النفط التي استهلكناها بالفعل فإن إجمالي الاحتياطي المتاح لا يزال في زيادة مستمرة. التقنيات الجديدة ثانياً تتيح لنا التقنيات الجديدة استخراج نفط أكثر كثيراً مما سبق افتراضه، فاليوم نستخرج ما يبلغ متوسطه نحو 35 في المئة من النفط الموجود في حقول معروفة بزيادة قدرها 15 في المئة عن العشرين في المئة التي كنا نستخرجها عام 1980. وحتى أقدم دول النفط وهي الولايات المتحدة لا تزال تحمل أحجاماً هائلة من النفط غير المستغل في باطن الأرض، ورغم أن احتياطيات النفط الأميركية المؤكدة لا تبلغ حالياً سوى 29 مليار برميل فإن مجلس البترول القومي الأميركي يقدر أن هناك 1,124 تريليون برميل لا تزال قابعة في باطن الأرض منها 374 مليار برميل ستكون قابلة للاستخراج بالتقنيات الراهنة. في الواقع هناك بالفعل تقنيات تتيح استخراج نفط أكثر بكثير من باطن الأرض وهي الشائع تسميتها تقنيات استخراج النفط المتقدمة والمنطوية على ضخ مكامن النفط بمواد كيماوية أو بالأبخرة الساخنة أو بغازات ثقيلة مثل ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين وغيرهما، بل تجرى دراسات ومشاريع تجريبية حالياً لاستخدام ميكروبات وقوى مغناطيسية في ذلك المجال أيضاً. وتكمن صعوبة تقنيات استخراج النفط المتقدمة في ارتفاع تكلفتها ونظراً لرخص النفط طوال معظم القرن العشرين اعتبرت تلك التقنيات المتقدمة غير اقتصادية الكلفة وبالتالي نادراً ما استخدمت، ولكن حين استخدمت كانت النتائج مذهلة مما أدى إلى إحياء العديد من حقول النفط التي كانت يعتقد أنها استنفدت. وإحدى هذه الحالات الشهيرة هي حقل نهر كيرن في كاليفورنيا الذي اكتشف عام 1899 وكان قد انتج نحو 40 مليون برميل نفط لغاية عام 1942. وكان من المعتقد آنذاك أنه كان لا يحمل سوى 20 مليون برميل نفط أخرى، ومع ذلك من خلال تنشيطه بضخ الأبخرة انتج حقل نهر كيرن ملياري برميل من النفط لغاية عام 2007 ولا يزال يحمل أكثر من 600 مليون برميل. جدوى الاستكشاف ثالثاً لم يتم تنقيب واستكشاف سوى ثلث كوكبنا بحثاً عن حقول نفط جديدة، وهذا يعزى مجدداً أنه لم يكن من المجدي اقتصادياً أو فنياً إجراء حملات استكشاف معقدة حين كان النفط وفيراً ورخيصاً مثلما كان طوال معظم القرن الماضي. هذا فضلاً عن أن استكشاف النفط كان بصفة رئيسية ظاهرة أميركية شمالية حيث تشكل الولايات المتحدة وكندا نحو 90 في المئة من حقول اكتشافات النفط التي سبق حفرها عموماً على كوكب الأرض، إن هذه الحقيقة مروعة ولكنها غير معروفة جيداً. ففي المملكة العربية السعودية مثلاً لم يسبق حفر سوى 300 بئر استكشاف منذ بداية عصر النفط في المملكة مقارنة ببضع مئات الآلاف من الآبار في الولايات المتحدة. والتباين أكثر إدهاشاً فيما يتعلق بإيران والعراق والعديد من دول النفط الكبرى الأخرى، ذلك أن معظم الدول المنتجة الكبرى التي نعمت باكتشافات نفط هائلة في النصف الأول من القرن العشرين لم تكن في حاجة إلى إجراء عمليات تنقيب موسعة أو تطوير تقنيات معقدة. ولكن حين تبدأ تقنيات التنقيب الجديدة ستكون النتائج ملموسة ذلك أن الصناعة خلال السنوات القليلة الماضية نجحت في حفر آبار تبلغ أعماقها أكثر من 10 آلاف قدم تحت سطح البحر و20 ألف قدم أسفل قاع البحر كما هو الحال في خليج المكسيك والساحل البرازيلي، هذا علاوة على أن التقنيات الجديدة مكنت الجيولوجيين من اكتشاف ما يقع تحت طبقات الملح الجوفية الموزعة بشكل غير متساو أسفل قاع البحر ويزيد سمكها في بعض الأحيان على 15 ألف قدم، وقد كان من شأن إزالة هذه العقبة التوصل إلى عدد من الاكتشافات الكبرى في أعماق بحار سحيقة العمق، ومنذ خمسة عشر عاماً كان كل ذلك مجرد شيء لا يخطر على بال. تركيبات صخرية لذلك تعد التكنولوجيا السبيل إلى اكتشاف النفط واستخلاصه من جوف الأرض، ومن أجل فهم هذه الفكرة لابد أن نتذكر شيئاً واحداً: على عكس الاعتقاد السائد لا يوجد النفط في بحيرات أو كهوف جوفية كبرى، ولكن النفط للأسف محصور في تركيبات صخرية لا يبدو ظاهرياً أنها تحتوي على نفط، ولكن فيما يتجاوز قدرة عين الإنسان يحصر عالم من المسام والشوق الدقيقة غير المرئية قطيرات من النفط، كل ذلك يجعل التنقيب عن النفط وإنتاجه شديد الصعوبة والتعقيد وغالباً ما يكون عالي الكلفة. ولكن عصراً جديداً مقبل علينا وليس فقط بسبب أن أسعار النفط شديدة الارتفاع (نظراً لأنه عند سعر 50 دولاراً للبرميل تصبح معظم تقنيات استخراج النفط المتقدمة رابحة). وهناك عوامل أخرى مهمة أيضاً، فالعديد من أكبر مكامن النفط في العالم يقترب مما يسمى الهرم التقني، يعني أنها في سبيلها إلى بلوغ حدود الإنتاج باستخدام التكنولوجيا التقليدية، وهذا ينطبق على حقول في دول الخليج العربي والمكسيك وفنزويلا وروسيا، ومن أجل الحفاظ على إنتاجها مستقبلاً تحتاج هذه الحقول إلى تقنيات جديدة. والعامل الثاني هو قيود وصول شركات النفط الغربية إلى موارد البترول، فاليوم يخضع أكثر من 90 في المئة من نفط العالم لسيطرة الدول المنتجة المباشرة خلال شركات نفطها الوطنية، والموجة الراهنة من تأميم الموارد ليس في إمكانها سوى زيادة هذا الوضع سوءاً بسبب أن بعض المنتجين المهمين في مقدورهم فعلاً الاضطلاع بتطوير نفطهم “السهل” وحدهم، واستخراج مزيد من النفط من حقول نفط عتيقة واكتشافه في حقول جديدة صعبة هو السبيل الوحيد لإفساح مجالات تنمية جديدة في عالم شركات النفط الغربية التي بغير ذلك ستكون منكمشة. قد يزعم المنتقدون أنه ربما يكون هناك فعلياً الكثير من النفط مخلفاً في باطن الأرض، ولكن النفط “السهل” الرخيص ولى إلى الأبد، هذا الرأي صحيح إلى حد ما، ولكن من الصحيح أيضاً أن نفط اليوم الصعب سيصير نفط الغد السهل بفضل تقليص النفقات الراجع إلى استخدام واسع النطاق لتقنيات هي اليوم باهظة التكاليف، ففي أعوام السبعينيات من القرن الماضي كان نفط بحر الشمال يعد ضمن أصعب وأغلى نفط على كوكبنا، ولكن عقب مرور عقد على بداية الإنتاج الابتدائي تقلصت تكلفة استخراجه إلى النصف. عن “وول ستريت جورنال”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©