الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اغتيال القيّم!

26 ابريل 2014 20:47
لا يمكن أن ننظر إلى عملية التنشئة الاجتماعية على أنها مسؤولية الأسرة وحدها، ولا مسؤولية المدرسة وحدها، ويستحيل أن تنهض كلاهما بالعملية التربوية ـ قبل التعليمية ـ أو بمهمة التنشئة بمعزل عن المجتمع المحيط، ومؤسساته التعليمية والثقافية والإعلامية والدينية والاقتصادية والقانونية الأخرى. التنشئة الاجتماعية السليمة هي خلاصة جهد مجتمعي متكامل ومتناسق ومتناغم، فكل جهة لا يمكن أن تؤدي دورها، وكأنها جزر معزولة عن الجهات الأخرى. فلا يمكن أن تضع الأسرة والمدرسة لبنات القيّم والأخلاق والسلوك القويم لبناء شخصية الطفل، ثم تقوم وسائل الإعلام مثلاً على هدم كل ما تربى عليه الطفل في برنامج واحد، أو مادة إعلامية هابطة توقع الطفل في ارتباك وحيرة وازدواجية وترد أخلاقي! أو نشاهد كما نرى حالة من «السبات العميق» والنوم، أو«التغافل» الذي يفوق كل حد من قبل الجهات الرقابية المسؤولة عن ضبط الأسواق، والسيطرة على نوعية وجودة وسلامة ألعاب الأطفال، ومدى مطابقتها للأوصاف، واشتراطات الأمن والسلامة، ثم توافقها وتطابقها مع منظومة القيم الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع.. لا زلنا نتذكر الألعاب المسيئة، ولم تجف الأقلام بعد عن الألعاب النارية والألعاب الخطرة التي تهدد سلامة الأطفال وصحتهم، حتى نشاهد حالة الإغراق ـ وكأنه متعمد ـ من لعبة يسمونها «تراش باك» أو«القمامة»! لا أظن أن أطفالنا لم يستنفدوا بعد جميع أنواع وأصناف اللعب حتى نستورد لهم لعبة «القمامة» بكل مكوناتها الرثة من دمى قبيحة ملونة لوحوش صغيرة، وطيور وحيوانات وحشرات وديدان، وكائنات عجيبة ذات ملمس طري «مقرف» يتطاير منها سائل مخاطي لزج مغرٍ وجذاب للذباب ليتجمع حوله، وقد غزت متاجر الألعاب، ومحطات البترول بصورة مثيرة للدهشة، وتحول مدارس الأطفال إلى ساحات لإدمان اللعب والمقامرة. ألم يعد هناك من الألعاب كي نستوردها إلا ألعاب القمار والذباب والمخاط، وكل ما يثير النفس من اشمئزاز ؟ ألم يحاول مسؤول واحد من هيئة الرقابة على الأسواق أن يرى صغاره وهم يستمتعون بالمقامرة، وتجمع الذباب والقاذورات، في نفس الوقت الذي تستصرخ فيه جميع أجهزة الدولة، وتحفز كل الجهود لمكافحة الأمراض والعدوى والأوبئة؟ إن غض الطرف عن إغراق الأسواق بمثل هذه الألعاب الشاذة، تثير في النفس تساؤلات غير بريئة، وإلا لما الإصرار على دفع الأطفال إلى الانزلاق في هذا العبث، والوقوع في وإدمان السلوكيات التي تحاربها الدولة والمجتمع؟.. لا نتهم أحداً بعينه، ولا يمكن قبول تبرير أو تفويت مثل عن هذه السقطات التجارية، أو تفسيرها بأنها غير مقصودة، وإلا ما قيمة أي جهد يبذل في اتجاه حماية الأطفال؟ التربية والتنشئة لا يمكن أن تبقى رهينة أعداء المجتمع وإن جهلوا! وجهل هؤلاء أقبح من كل التبريرات. وتبريراتهم أفدح من جرائمهم، فاغتيال القيّم بإغراق الأسواق بالـ «الزبالة» لا يقل خطورة ولا جرماً من إغراقها بالـ «الهيروين» والمخدرات، فإدمان القمار والمخدرات وجهان لعملة واحدة! ولا عزاء لمن يجهل معنى «القيّم»! المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©