السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوق أوباما... «بازار» التهريب في كابول

13 نوفمبر 2009 23:05
في البداية كان يسمى سوق "بريجنيف" ثم أطلق عليه الأفغان سوق بوش، لكن يبدو أن السوق الشهير الذي يعرض منتوجات تسرب، أو هُرِّب معظمها من القواعد الأميركية، لا يستقر على اسم معين إذ سرعان ما أعطاه الأفغان الآن اسم الرئيس الجديد أوباما مواكبة منهم على ما يبدو لجائزة نوبل للسلام التي حصل عليها مؤخراً. ويقول "حجي تور" وهو صاحب محل في السوق يتقلد منصباً شبيهاً برئيس الغرفة التجارية: "لقد أصبحنا نطلق على المكان سوق أوباما، إننا انتهينا من عهد بوش"! غير أن العديد من أصحاب المحال الأخرى الموزعة في فضاء المكان ما زالوا يفضلون اسم بوش فيما الاسم الجديد آخذ في التداول، وبدأ هو الآخر يكتسح المكان بعض الشيء. وبعيداً عن اختلافات التسمية تبقى المشكلة الرئيسية بالنسبة للأميركيين في أفغانستان هي مصدر تلك البضائع التي تزدحم بها رفوف المحال الصغيرة والمتجاورة في "البازار" الكبير الواقع في الجزء الشمالي الغربي من العاصمة كابول، ففي محل "تور" على سبيل المثال تطالعك علب المواد الغذائية المرصوصة واحدة فوق الأخرى ليشبه المحل بذلك مظهر سوبرماركت حقيقي من النوع الذي ينتشر في بلدان أخرى أكثر ازدهاراً، وهي المواد الغذائية التي كانت موجهة في الأساس إلى مطاعم القواعد العسكرية الأميركية لإطعام الجنود. بل إن طبيعة تلك المواد تبقى غريبة عن العادات الغذائية لمعظم الأفغان، بحيث تتراوح بين علب البسكويت، وجبن الشيدر، فضلا عن الوجبات المطهوة مسبقاً والجاهزة للأكل بعد تسخينها. والأمر لا يقتصر على المواد الغذائية، بل يمتد إلى بعض الملابس العسكرية من النوعية التي يرتديها الجيش الأميركي، وإن كان يُعتقد أنها مجرد تقليد صُنعت في الصين ومناطق أخرى وتم جلبها إلى أسواق أفغانستان بعد الانفتاح الذي شهدته البلاد بعد سقوط نظام "طالبان". كما يمكن رؤية بعض النظارات العسكرية ومعدات أخرى عادة ما يستخدمها الجيش الأميركي والمتعاقدون مثل الأحذية وحقائب الظهر التي يحملها الجنود. وعلى رغم انتهاء صلاحية بعض المواد الغذائية المعروضة للبيع، والتي تزدان بها رفوف المحال في السوق، يبقى معظمها صالحاً للاستهلاك. وعند التقصي يمكن بسهولة تقفي أثر تلك المواد التي تعود حسب العديد من المسؤولين إلى القاعدة الجوية الضخمة في باجرام شمال كابول، حيث يوجد سوق مشابه خارج القاعدة يعرض البضائع الأميركية للبيع، لكن الطريقة التي تهرب بها تلك المواد من داخل القاعدة غير معروفة في ظل تضارب التفسيرات التي يعيطها أصحاب المحال، إذ من الصعب الحصول على جواب واحد حول الطريقة التي حصلوا بها على المواد التي يعرضونها للبيع. فحسب "جمشيد أحمديار" الذي يساعد "تور" في محله "تأتي المعلبات وباقي المنتجات الغذائية من الأشخاص الذين يعملون في إحدى الشركات المشرفة على تأمين الطعام للجنود الأميركيين، إننا نعرف بعض الأشخاص هناك الذين يزودوننا بها، هذا بالإضافة إلى بعض الهدايا التي يحصل عليها الأفغان من الجنود الأميركيين فينتهي بها المطاف على رفوف المحل". ولكن صاحب المحل "تور" تدخل ليصحح ما قاله مساعده مستطرداً: "في بعض الأحيان يحصل المترجمون العاملون في القاعدة الأميركية على هدايا من الأكل، أو غيره، فيخشى الأفغان البسطاء من أن تكون منافية للشريعة لذا يبيعونها، أو يتخلصون منها". وبالنسبة لقوات حلف شمال الأطلسي والناطق باسم قوات التحالف النقيب "مايك أندروز" ليس الأمر خافياً عن أعينهم وهم يراقبونه باهتمام حتى لا يتسع الأمر إلى تهريب مواد متفجرة، أو أسلحة، لكنه أحجم عن توضيح ما إذا كانت القوات تسير دوريات مراقبة في تلك الأسواق، أم لا، حيث يقول: "إن رجالنا يراقبون العديد من الأمور عندما يسيرون دورياتهم إلا أنني لا أستطيع الإفصاح عنها لدواع أمنية". وفي هذا الإطار قال صاحب محل يعرض معدات عسكرية أميركية من بينها حقيبة للنوم غالية الثمن، إنه حصل على بضاعته من السوق المتواجد بالقرب من قاعدة باجرام. ولكن المساعد في المحل "شيرديل" البالغ من العمر 28 عاماً، والذي رفض ذكر اسمه الثاني، أبدى عدم اهتمام بمصدر تلك البضائع، مشيراً إلى أن الأمر سيان عنده سواء كانت تأتي من رجال أعمال أميركيين يصنعون المنتجات في الصين ثم ينتهي بها المطاف في أفغانستان، أم أنها تأتي مباشرة من قاعدة باجرام. وعلى الجانب المقابل كان "وحيد زادة"، المساعد في المحل، يجلس خلف الطاولة، ويبدو أنه تخصص في بيع الأطباق البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، وهو يرجع مصدر البضاعة إلى "أشخاص يعملون في قاعدة باجرام يقومون ببيعها لوسطاء يوصلونها إلينا". إلا أن صاحب المحل قفز ليصحح هو أيضاً قائلا إن "عدداً قليلا من البضائع المعروضة أميركية الصنع، فيما الأغلبية هي بضائع رخيصة الثمن تستقدم من الصين، ولكننا نعمد إلى عرض المنتجات الأميركية في الواجهة لأن الأفغان يعرفون جودتها ويقبلون عليها". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
المصدر: كابول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©