الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تايوان على مائدة الحوار الأميركي-الصيني

13 نوفمبر 2009 23:05
لا شك في ازدحام جدول أعمال الرئيس الأميركي خلال جولة الأربعة أيام الآسيوية التي بدأها في اليابان، وهي أول زيارة له من نوعها للقارة الآسيوية عقب توليه المنصب الرئاسي. ويأمل أوباما في تعزيز علاقات بلاده مع بكين لاستقطاب تعاونها في حل عدد من المشكلات الدولية، على رأسها: الأزمة المالية العالمية والتغير المناخي، إضافة للتصدي لمعضلة الانتشار النووي في كوريا الشمالية. كما يعد تعاون بكين مع واشنطن ضرورياً بهدف التصدي لمشاكل أخرى ضاغطة وملحة، بما فيها الإرهاب ومهددات الصحة العامة وتناقص إمدادات الطاقة العالمية. غير أن غالبية المحللين يجمعون على أن الهاجس الرئيسي الذي يؤرق بكين هو استمرار الدعم العسكري الذي تقدمه واشنطن لتايوان. والحقيقة أن مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان من شأنها تقويض أي فرصة لتمتين العلاقات بين بكين وواشنطن. ولا تزال أمام هذه الأخيرة فرصة ملائمة لاستغلال الأسلحة نفسها بما يحقق الفائدة الثلاثية المشتركة لكل من أميركا والصين وتايوان. ذلك أن العلاقات بين الصين وجزيرة تايوان قد شهدت تحسناً كبيراً في العام الماضي. من أهم مظاهر هذا التحسن توصل بكين وتايوان إلى اتفاقيات رفعت بموجبها القيود المفروضة على حركة التجارة والأفراد، إلى جانب الترويج السياحي وتحسين الخدمات البريدية، فضلاً عن توفير ضمانات السلامة الغذائية. وفي حين سمحت الصين لتايوان بالمشاركة بصفة مراقب في اجتماعات الجمعية الصحية العالمية -وهي الكيان الموجه لمنظمة الصحة العالمية-يلاحظ أن تايوان تخلت عن مساعيها المستفزة السابقة الرامية للانضمام مجدداً إلى الأمم المتحدة. وهناك نذر اتفاقية تجارة حرة بين بكين وتايوان، في ذات الوقت الذي يواصل فيه مسؤولو الجانبين محادثاتهما بشأن اتفاقية للسلام. في موازاة هذه الخطوات الإيجابية، يلاحظ أن استمرار الدعم العسكري لتايوان، يظل المهدد الرئيسي والأكثر حساسية فيما يتصل بإمكانية تحسن العلاقات الأميركية-الصينية. فخلال حملة السباق الرئاسي لعام 2008، أبدى أوباما موافقته على قرار إدارة بوش السابقة الذي نص على بيع أسلحة بقيمة 6.5 مليار دولار لتايوان. غير أن منافسه "الجمهوري" في السباق الرئاسي جون ماكين، كان قد تعهد برفع حزمة مبيعات أسلحة بلاده لتايوان بما يفوق ذلك الرقم بكثير. وهو التعهد الذي لقي ترحيباً كبيراً من قبل تجار الأسلحة الأميركية وأصدقاء تايوان في الولايات المتحدة. ويطالب هؤلاء الآن واشنطن بالتصديق على بيع 66 من طائرات F-16 القتالية المتطورة لتايوان مقابل ما تصل قيمته إلى 4.9 مليار دولار. ولا يزال على إدارة أوباما أن تقرر ما إذا كانت ستوافق على هذه الصفقة المثيرة للجدل والخلاف. ولكن المشكلة هي أن بكين سوف تظل تنظر دائماً إلى أي صفقة تستهدف بيع أسلحة متطورة لتايبيه استفزازاً مباشراً لها. بل إن من شأن مبيعات أميركية كهذه أن تزيد التوترات بين بكين وتايبيه، كما حذر مسؤولون عسكريون أميركيون من أن تزيد أي صفقة مبيعات أسلحة متطورة لتايبيه من توتر العلاقات الأميركية- الصينية، في وقت تزداد فيه حاجة واشنطن لاستقطاب تعاون بكين معها على حل عدد من الأزمات الدولية. غير أنه ليس على أوباما أن يستجيب للضغوط الصينية، ويتخلى عن صفقة مبيعات طائرات F-16 المذكورة أعلاه لتايبيه، فالصحيح أن تستخدم الصفقة نفسها أداة للمساومة مع بكين والضغط عليها. وعلى إدارة أوباما أن تفكر في مدى إمكانية التوصل مع بكين إلى صفقة شبيهة بتلك التي كان قد عرضها الرئيس الصيني الأسبق زيانج زمين لنظيره الأميركي جورج بوش في عام 2002. وتتلخص تلك الصفقة تحديداً في توصل الطرفين على ألا تبيع واشنطن أي أسلحة أو تكنولوجيا عسكرية متقدمة، مقابل إزالة بكين لـ1500 صاروخ باليستي، التي كانت قد نصبتها بكين قبالة تايوان مباشرة. فمن شأن صفقة كهذه أن تحقق فوائد متعددة لكافة الأطراف. هذا ويرجح نظر بكين الجدي في إزالة تلك الصواريخ، طالما أن إزالتها تظهر قدراً كبيراً من حسن النوايا لمواطني جزيرة تايوان. وعندها سوف يكف التايوانيون عن النظر إلى عاصمة البلاد الأم -بكين- باعتبارها عاصمة معادية لجزيرتهم. وللحقيقة فقد كررت تايبيه مطالبتها بكين بإزالة تلك الصواريخ الموجهة نحوها، أو تفكيكها بالكامل، قائلة إن اتخاذ أي من هاتين الخطوتين من جانب بكين يمثل شرطاً أساسياً لإبرام أي صفقة سلام ثنائي مشترك بينهما. وفي تايبيه سوف ينظر إلى إزالة الصواريخ الباليستية هذه باعتبارها مؤشراً عملياً على نجاح سياسة التعاون والمصالحة بين الجزيرة والوطن الأم. ومن شأن ذلك أن يذلل الكثير من العقبات ويمكن الطرفين من المضي قدماً في عدد من القضايا ذات الصلة بتوطيد العلاقات بين بكين وتايبيه. وفي المنحى ذاته سوف تشجع إزالة الصواريخ الصينية السلطات التايوانية على خفض مشتريات أسلحتها من واشنطن، نتيجة لانحسار الخطر الأمني الذي كانت تمثله تلك الصواريخ لبلادهم. ويشكو بعض المسؤولين التايوانيين من الضغوط التي تمارس عليهم أحياناً من قبل واشنطن، حثاً منها للجزيرة على زيادة مشتريات أسلحتها بهدف تعزيز دفاعاتها الوطنية ضد الخطر الصيني. أما في واشنطن فلطالما ساد الاعتقاد بأن زيادة مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان، يعد عاملاً رئيسياً في تحقيق الاستقرار الأمني في شرق آسيا. بيد أن التجارب أثبتت أن هذه المبيعات، من شأنها تقويض العلاقات الأميركية - الصينية والصينية - التايوانية، إضافة إلى مساهمتها في تأجيج التوترات في منطقة مضيق تايوان بأسرها. وعلى الرئيس أوباما أن يضع هذه الحقيقة نصب عينيه عند لقائه المرتقب بنظيره الصيني هوجينتاو. أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية ميسوري ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©