الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الألعاب الشعبية تحفز التفكير وتنشط البدن

الألعاب الشعبية تحفز التفكير وتنشط البدن
14 ابريل 2012
كانت الألعاب الشعبية تمثل التسلية الوحيدة للأطفال في الماضي نظراً لانعدام أماكن الترفيه، وضعف الحالة المادية، وبالرغم من ذلك كان يمضي الأطفال أوقاتاً سعيدة قد يفتقر إليها أطفال العصر الحديث الذين يمارسون ألعاباً، أغلبها إلكترونية، تتسم بالعنف واستنزاف المال وتضييع الوقت، وقلة الحركة. الإيقاع الحركي يقول الشاعر والباحث التراثي، سلطان بن غفان «تراث الإمارات يزخر بعدد وافر من الألعاب الشعبية التي تنمي قدرات الأطفال الذهنية والحركية، وتجسد روح التعاون والألفة بين الجماعة»، مؤكداً أنه توجد في الإمارات نحو خمس وعشرين لعبة شعبية متوارثة في المدن والقرى والجبال والبادية تعبر في مجموعها عن البيئة التي تربي فيها أطفال الإمارات. ويضيف «ان للألعاب الشعبية في الإمارات مواسم ومواقيت، فهي تمارس في وقت الفراغ خاصة بعد صلاة العصر عندما ينتهي الناس من أعمالهم اليومية، أو في الليالي المقمرة، وهناك ألعاب صيفية وأخرى شتوية». ويشير إلى أن أغلب الألعاب الشعبية مرتبطة بالحركة والإيقاع والأناشيد والأغاني الشعبية. وهي تختلف من حيث الشكل والمضمون وطريقة الأداء، وتمارس من قبل الكبار والصغار على حد سواء، وإن كان الصغار أكثر ارتباطاً بتلك الألعاب؛ لأنها جزء مهم في عالمهم ونشأتهم الاجتماعية، كما أنها تساعدهم على اكتشاف أنفسهم والعالم الذي يحيط بهم، وتعلمهم مهارات التفكير والتوقع وحسن التصرف. كما تنمي لديهم روح التعاون والترابط الاجتماعي واحترام الحقوق والواجبات، واكتساب العادات الاجتماعية التي تعين الطفل التكيف مع عناصر البيئة والتوافق مع جميع من يتصل بهم من الناس. وحظيت الألعاب الشعبية باهتمام كبير لما لها من فوائد جمة تعود على اللاعبين في مختلف الأعمار، وعن هذه الفوائد، يقول بن غفان «الفوائد تجمع بين الفوائد الخلقية والبدنية والنفسية والاجتماعية والسلوكية والوجدانية؛ لأنها مرتبطة بصفة الحرية والحرية أسمى ما يسعى إليه الإنسان، ومن فوائد الألعاب تنمية العلاقات وتجسيد روح التعاون والألفة بين الجماعة؛ فمن خلال اشتراك اللاعب مع زملائه في اللعب يكتسب العديد من الفوائد التي تساعد في إعداده وصقل تجربته وتنمية روح الجماعة لديه، كما تُعود اللاعب الاعتماد على النفس وتساعده على الدفاع عن نفسه، وتساعد اللاعب على التفكير والابتكار ويقظة الذهن، كما تغرس المعاني الحميدة لدى اللاعب من خلال التزام اللاعبين بقوانين وشروط اللعب، أيضا تعود اللاعب على الصبر والمثابرة أثناء ممارسة اللعب». فردية وجماعية يقسم الباحث الإماراتي عبدالله الطابور، مؤلف كتاب «الألعاب الشعبية في الإمارات العربية المتحدة» إلى «ألعاب فردية»، وهي الألعاب التي تمارس من قبل فرد واحد فقط، وتتميز بالسهولة والبساطة في الشكل والأداء والتكوين، وكثيراً ما يمارسها الأطفال دون سن العاشرة، ولا تشتمل على قوانين أو شروط محددة، كما أنها تفتقر إلى عنصر المنافسة، ولكنها تساعد الطفل على الاعتماد على نفسه، وذلك حينما يقوم بصناعة لعبته لوحده، ومن نماذج الألعاب الفردية خيل يريد عربانه، سباببر، قرقعانة، كراصيف، الرنج والصوارة. أما «الألعاب الجماعية»، فهي تلك الألعاب التي تمارس بواسطة الجماعة ولا يأتي لعبها ومزاولتها بواسطة فرد واحد، وتمتاز بأنها تنمي روح الجماعة والتعاون، ويمارسها أكبر عدد من اللاعبين المشاركين، وبأنها ألعاب حماسية تتطلب من اللاعب القدرة على التحمل والصبر، والقوة العضلية، وسرعة الحركة والخفة، وتحتوي على قوانين وضوابط تحكمها وتنظمها. من نماذج الألعاب الجماعية مثل الصوير والحلة وكرة السوط والدسيس والقبة والهشت والضبة. وهناك «الألعاب الفردية الجماعية»، فتلك التي تتألف من ألعاب متنوعة ومحددة وهي الألعاب الحركية، وتعتمد على النشاط البدني والحركي ومن أمثلتها القفة والحبيل والحبل، وهناك أيضاً الألعاب الذهنية وترتبط بالعقل والذهن والتفكير، وإعجال الخاطر وسرعة البديهة، واستخدام الحيلة، وتتميز بقلة لاعبيها وهي مقصورة على الشباب. وفيما يتعلق بالنسبة لألعاب البنات التي تتسم بالسهولة والرشاقة؛ فإن البنت حين تتقدم في العمر فإن اهتمامها يقل باللعب، وذلك لعوامل اجتماعية تخضع للعادات والتقاليد التي تحتكم إليها طبيعة المرحلة العمرية التي تبلغها الفتاة في مجتمع الإمارات. ومن نماذج ألعاب البنات واللقفة، واليغيرة، والأرجوحة، وعرائس. وأما ألعاب الصبيان فهي تتسم بالعنف والصعوبة والقوة البدنية وتعكس طابع الرجولة وتتطلب كثيراً من المهارات ومن نماذج هذه الألعاب والحرب، وكرة السطو، والضبة، والهشت، وديك ودياية، وحسن ديك، وعظيم السرا والتينية. تأثير البيئة يؤكد الطابور أن تلك الألعاب الشعبية أسهمت وبشكل كبير في صياغة أسس مجتمع الإمارات عكست مقدار التطور الاجتماعي للمجتمع نفسه، حيث إنها أسهمت في الحفاظ على صيغة المجتمع بعاداته وتقاليده وقيمه وسلوكيات أفراده وموروثاته، كما أن جميع هذه الألعاب أو معظمها على الأقل مستوحي من ظروف البيئة المحلية، وعناصرها الرئيسة، ذلك أن الخيال الشعبي، إنما يستمد مادته من العناصر المحيطة التي تدخل فيما بعد في أغانيه وأهازيجه وألعابه وسواها. وبين ألعاب اليوم والماضي، يتمنى راشد محمد (14 سنة) لو يرجع الزمان به إلى الوراء ليمارس الألعاب التي كان يلعبها الأطفال أيام زمان. ويضيف «باتت الألعاب التي نمارسها اليوم ليس لها طعم ولا متعة فهي أغلبها تتميز بالعنف والضوضاء واستنزاف المال، ناهيك عن ذلك يلعبها الجميع ولكن لا يجنى من ورائها إلا الصداع والأمراض. أما ألعاب الماضي التي أسمع عنها من والدي، فقد كانت رغم بساطتها إلا أنها تجلب المتعة والفائدة في نفس الوقت، ولا تحتاج إلى المال بعكس ألعاب اليوم التي تحتاج من الشخص الواحد ليلعب بها إلى أكثر من 200 درهم. وفي السياق ذاته، يشاركه صديقه خليل جاسم (15 سنة). ويضيف «كانت ألعاب الماضي عندما يلعبها الصبيان والبنات تصاحبها أهازيج وأغان شعبية، وتكون جماعية تقوم على المنافسة الشريفة والتعاون والمحبة، أما اليوم فالوضع اختلف كل واحد منا يلعب بمفردة ولا يحس بمذاق اللعبة فقط يريد أن يلعبها دون الاستفادة منها مجرد التسلية واستنزاف المال والوقت. وتخالفه الرأي فاطمة الزرعوني (17 سنة)، الذي تجد أن لكل جيل ألعابه ففي الماضي لم تكن هناك مراكز تجارية، تضم ألعاب إلكترونية، وكانت الحياة بسيطة، ولا يوجد فرق بين لعب الصبيان والبنات أما اليوم فالوضع مختلف تماماً، حيث طغت الألعاب الإلكترونية الحديثة على عقل وتفكير الصغار وباتت تلك الألعاب الشعبية يجهلها الكثير من الجيل الحالي رغم تنظيم الكثير من المهرجانات الشعبية التي تطالب بعودة تلك الألعاب القديمة التي تتسم بروح المنافسة والمحبة والتعاون.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©