الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ساخرون

ساخرون
20 يونيو 2010 21:40
جلدتُ نفسي بسوط الشهامة كنا جالسين في البرّ على أطراف شارع الإمارات متحلقين حول النار نشرب الشاي بعد وجبة دسمة. أثناء ذلك رأينا كندورة بيضاءة تقترب منا ببطء في الظلام. مع اقتراب الكندورة أكثر اتضح أن بداخلها شاباً. وقف على مسافة لم تمكننا من تفقد ملامحه، وسأل مساعدته في إخراج سيارته الغارقة في الرمال. قام ثلاثة منا واقتربوا منه وسألوه عن التفاصيل. عادوا وهم يقولون إنه غير طبيعي تنبعث منه روائح غريبة، وقال أحدنا إنه رأى أثناء دخوله البرّ السيارة الموصوفة وهي تصعد وتهبط الكثبان الرملية وبداخلها شابان وفتاتان. كان بطني ممتلئاً عن آخره وأشرب الشاي بصعوبة وبالكاد أعيش على قيد الحياة. قلت لفريق الإنقاذ الذي همّ بالتحرك إنهم لا يستحقون النجدة، فهم يترنّحون ويسهرون مع الأقمار ونحن هنا نشرب الشاي وينظر كل واحد منا إلى شارب الآخر. اتركوهم ينامون هنا الليلة والصباح رباح. لكن فريق الإنقاذ تحرك وانقسمنا ما بين مؤيد ورافض. لم أكن ولا بقية الرافضين جادين في كلامنا، فليست من شيمنا ترك إغاثة الملهوف، لكننا وجدناها فرصة للتمازح والتسلية ووضع السيناريوهات، وأصبح القوم حديث السهرة. في طريق العودة إلى البيت تذكرت مقولة جعلتني أبلع ريقي، وهي أن أقوالنا هي أفكارنا، وأفكارنا هي أفعالنا. فإذا بقيت أذمّ الشهامة بلساني، فإنني مع الأيام سأذمها في دماغي، وعند ذاك ستنعكس أفكاري عن الشهامة على أفعالي، فأصبح حينها بلا فائدة. كنت أعتقد فيما مضى أن الأحمق لا يُلام على حماقته، لأنه لم يصبح أحمق إلا لأنه أحمق، فلا أحد يختار طريق الحماقة بمحض إرادته وبكامل قواه العقلية. لكن الحقيقة أن الأحمق هو مَن اختار لنفسه هذه الصفة، فكل إنسان يرتكب الحماقات، لكن بعض الناس لا ينهون أنفسهم مع الحماقة الأولى، بل يواصلون ارتكاب الحماقات حتى تصير الحماقة عادتهم وطبعاً لنفوسهم، فهو في المرة الأولى قذف منفضة سجائر على الجدار في لحظة غضب، وبدلاً من أن يندم على فعلته، أعجبته العملية، فغضب مرة أخرى من أمر آخر فبصق في الأرض تحقيراً للشخص الذي تسبب في إغضابه، وهكذا يتصرف في كل مرة تصرفاً أحمق حتى تصبح الحماقة عادة فيه وطبعاًَ من طباعه، وهو ما يسمّونه الدأب، فالأحمق والبخيل والحقود كان دأبهم الحمق والبخل والحقد، ولم يصبحوا كذلك في المرة الأولى ولا في المرة العشرين، وإنما في المرة الألف والمليون. هذا ما سيحصل لي بالضبط: رَمت نفسي شباكها أمامي ووقعتُ في الفخ هذه المرة، وهكذا ستظل هذه النفس الأمّارة بالسوء تستدرجني إلى أن أجدني في حظيرة البهائم، أرى العالم من حولي يحترق فلا آبه وأظل أجتر الأعلاف. ليس أمامي سوى أن ألقن نفسي درساً لئلا تتدخل في شؤوني في المرات القادمة، يجب أن ألهب ظهرها بسوط الشهامة. رفعت طرفي إلى السماء ودعوت: يا ربّ ابعث لي من يحتاج المساعدة لأؤدب نفسي، يا ربّ افتح عليّ باب الشهامة ولا تغلقه في وجهي إنك سميع مجيب. بعد يومين وكنت عائداً من العمل مرهقاً وكدت أن أنام على مقود السيارة لولا الجوع الذي كان يقرص بطني. توقفت حركة السير فانعطفت يميناً في طريق رملي، ووجدت الملهوف ينتظرني بفارغ الصبر: سيارة كامري غارقة في الرمال. شعرت بأن السيارة هدية سماوية، وأن سائقها ربما يكون مَلكاً من الملائكة، لكن لسوء الحظ كان شاباً أخرق فكّر في خوض عباب الرمال بسيارة صالون. قلت لنفسي: انظري ما أنا فاعل. خلعت غترتي وعقالي ونعالي وترجلت من سيارتي ومشيت بصعوبة في الرمال وطلبت من السائق ألا ينزل من سيارته لأنني سأفعل كل شيء بنفسي، أو بالأحرى أنا من سيفعل كل شيء وليس نفسي. أخرجت حبل الشد وجثوت على ركبتي وربطت طرفه بالكامري وربطت الطرف الآخر بسيارتي، وتحركت وأنا أضحك على نفسي اللعينة وأوصلت الشاب إلى طريق معبّد. وكي أزيل صفحة البرّ من كتاب حياتي، ولئِلا أكون من الذين يحبون أن تشيع قلة المروءة بين المؤمنين، بعثت رسالة هاتفية لشباب السهرة وحكيت لهم ما حصل وأعلنت سحب كل كلمة قلتها في ذلك اليوم. أحمد أميري Ahmedamiri74@yahoo.com محطات معتمة (1) مواطن، ذهب إلى مدرسة لتعليم السواقة، وجلس وراء المقود وبجانبه المدرب. طلب منه المدرب تشغيل السيارة، ثم طلب منه الانطلاق.. لكن السيارة انطفأت لانطلاقه الخاطئ، فصرخ به المدرب: - ولك يا حمار... كان لازم تنزّل الهاندبريك!! ثم سارت السيارة، وفي (طلعة) ما، قال له المدرب أن يتوقف، ثم يقوم بالتقويم مرة ثانية. لكن السيارة انطفأت، فضغط المدرب على البريك الذي بين أقدامه، وصرخ بالمواطن: - ولك يا حمار.... لبّسها الأول وارفع رجلك عن الكلتش شوي شوي. ولما اقتربا من الإشارة الضوئية طلب منه المدرب استخدام الغيار العكسي، حتى يتوقف على الإشارة الحمراء، لكن ما إن وصل الرجل إلى الإشارة حتى تحولت إلى اللون الأخضر، لكن المواطن توقف . فصرخ به المدرب: - ولك يا حمار... امش... خضرا. فارتبك المواطن ولم يعرف كيف ينطلق مرة أخرى، فجلس المدرب مكانه وانطلق بالسيارة مسرعاً... وتجاوز عن سيارة في مكان ممنوع التجاوز، فأوقفه شرطي السير وقال للمدرب الذي يجلس مكان المواطن: - الحق مش عليك... الحق ع الحمار اللي قاعد جنبك. الحكمة من هذه القصة: -الحمار حمار.. سواء كان زبالاً والا مختاراً، سواء جلس ع كرسي بلاستيك والا ع كرسي دوار. (2) للساخرين وسائل وطرق ملعونة والذين يستخدمونها لإيصال فكرتهم أو وجهة نظرهم بأبسط الطرق وأكثرها تأثيراً... شيخ الساخرين العالمي جورج برناندشو يمتلك اكبر موسوعة من القصص والحكايات والطرف التي استخدمها لإيصال أفكاره، وكانت ولاتزال أكثر تأثيراً من كتبه ذاتها، إذ إننا جميعاً نذكر تلك الطرائق أكثر مما نذكر كتاباته الأدبية. في حفلة ما جلست سيدة مدعية ومغرورة بجانب برنارد شو، فقال لها: - سيدتي.. هل تقضين ليلة معي مقابل مليون جنيه إسترليني؟ فسارعت فوراً إلى القول بأنها موافقة. فقال برنارد شو: - وهل من الممكن أن تقضي تلك الليلة مقابل عشرة جنيهات فقط؟ فغضبت تلك المدعية على جورج وقالت بحدة: - عفواً.... انته شو بتفكرني؟؟ فقال برنادشو: - سيدتي نحن متفقون على ما أنت... لكننا نختلف على السعر فقط. (3) كان القرد سعيداً بنغاشته في حديقة الحيوان... والجميع يطعمه وهو يضحك، هذا يعطيه موزة وآخر حبة بندق وذاك قطعة حلوى. إلى أن جاء شخص يهودي مفرط في اللؤم والنجاسة، فأعطاه حبة جوز كاملة كبيرة وغير مكسورة، فازدردها القرد بصعوبة بالغة، دون أن يحسب حساباً لعائدات الزمان المقبلة سريعاً.. لما حاول القرد ان يعمل( ككا)، لم تخرج حبة الجوز بسهولة ولا بصعوبة، بعد احرنت على باب مؤخرته، وظل يعاني ويعاني طوال المساء الى مساء اليوم التالي حتى خرجت تحت الضغط بعد أن جرحت القرد وصار عنده (واوا) في المؤخرة الحمراء اللدنة. القرد في اليوم التالي وقد تعلم الدرس جيداً وعن تجربة مرة وخبرة أمر، صار كلما أطعمه احد الزوار شيئاً، جزراً او بطاطا او موزاً او تسالي، حتى لو كان حبة سمسم، كان القرد يقيس المادة الممنوحة على مؤخرته، فإذا دخلت من الخارج فمعناه أنه يستطيع أكلها.. والا يرميها حتى لا يقع في مطب اليوم السابق. القرد تعلم بسرعة من الخطأ، لكن القصة لا تنطبق علينا كثيراً، لأن القائمة التي علينا قياسها طويلة جدة وهي تتزايد باستمرار على شكل متوالية هندسية، وليست عددية. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©